الفرح في رواية “من أنا” لـ”شذى محمد الشعيبي”

رائد محمد الحواري | فلسطين

قلة هي الروايات التي تصلنا من الجزيرة العربية، والرواية “من أنا” تعد من تلك القلة، أول رواية يمنية قرأتها كانت “صنعاء مدينة مفتوحة” للروائي محمد أحمد عبد الولي”، المميز في هذه الرواية سلاسة السرد وترابط الأحداث، فالقارئ يستطيع أن ينهي الرواية في جلسة احدة رغم أن عدد صفحاتها يتجاوز مئتان وستون صفحة، وهذا يعود إلى اللغة السهلة وإلى المفاجآت الجميلة في الرواية، فرغم كثرتها، إلا أن إيجابيتها وتعلقها “بشذى” بطلة الرواية، جعل القارئ (يتجاوز عن المفاجآت) ويمر عليها وكأنها أحداث منطقية، فنكتشف أن المديرة اليمنية “بشرى” يعمل والدها “ثابت” فراش في الشركة التي تعمل فيها، قبل أن تفصل من قبل “سعود” وتنتقل إلى شركة “بناء”،

“أنا بشرى أعمل في شركة بناء بس الوالد يعمل عندكم من عشرين سنة فراش” ص81، ونكتشف أن “سعود” مدير الشركة لم يكن سبب انتحار صديقتها “وضحى” وأنها كانت تعاني من مرض نفسي، ونتفاجأ عندما نعلم أن “ليلى” صديقتها أخت “سعود” مدير الشركة والذي سيصبح زوجها: “سعود هاذي البنت الي شفتها في الكافتيريا…البنت اللي نصحتني ما انتحر” ص80، وهناك مفاجأة تتعلق بأم “شذى وأبوها” ففي البداية يكون أبوها (شيخ قبلية) في اليمن هرب مع زوجته “الرعوية” أي أنها من العاملة وتعمل عندهم راعية: “…هنا أنا كنت بنت الفراش وخليهم يقولوا لي هناك بنت الرعوية “عاتقة”، إنتوا دارين ان هذا ما يهمنيش، أنتوا علمتوني أكون واثقة من نفس” ص99، وأثناء سرد أحداث الرواية نجد أن “جد ثابت” كان قد سرقة (المشيخة) سرقة بعد أن تم قتل أبن “المطهري”: “ـ يا أباه أنا مشتيش المشيخة هذه! ولا أخي سيف عياخذها، هذي المشيخة لازم ترجع لعائلة المطهري يكفينا مصايب” ص202، ونكتشف مفاجأ أخرى أن الذي قتل “رائد” شقيق “ناجي” هو “معين”: “..تذكر يا عم معين لوما أخذتني من وسط الطريق وأنا بينحاول الحلق عمتي عاتقة ودخلتني السيارة، .. وسقت ورا الشيخ ثابت .. وقفت السيارة وأخذت البندقية وخلتني داخل السيارة.. لكني أنا خرجت بعدك وشفتك وانت بتطلق الرصاص من بعيد وعرفت إنك أطلقتها بالخطأ على عمي رائد.. رجعت أنت وأنا في السيارة بنبكي وانت ما عرفتش يومها ليش كنت بينبكي أنا شفت كل شيء” ص251و252، والمفاجأة الأهم هي عندما يحاول “معين” أن يطلق النار على “ثابت” الذي حضر لينهي الصراع على المشيخة، لكن الرصاصة تصيب كتفه: “..اصابت الرصاصة كتف ثابت” ص250، وتنامي الأحداث بصورة دراماتيكية حتى أن “ثابت” يحل المشكلة، وبدل قتل شقيقة “قائد”، يطالب أن يتزوج من “سبأ” بنت “ناجي”: “حقي أنا متنازل منه بس بشرط واحد وهو تزويجي بهذي البنت” ص253، وبما أن كل النهايات كانت تصب لصاح “شذى” وعائلتها زوجها، كانت الراوية ناعمة ومتعة في ذات الوقت.

اعتقد أن المتعة الكامنة في الرواية ناتجة عن أكثر من مسألة، منها وجود الحوار باللهجة المحكية اليمنية والكويتية، وهذا علمنا أننا نستطيع أن نقرأ أعمال رواية تتحدث شخصياتها باللغة المحكية، كما أن تعدد الرواة في الرواية، وجعل السارد الرئيس امرأة “شذى” اعطا لمسة أنثوية ناعمة على السرد، وبما أن كافة الأحداث جاءت من خلال المفاجآت السارة، فإن هذا يعكس حاجة المواطن في المنطقة العربية للفرح، لهذا أقول، أنني تقبلت تلك الأحداث المفاجآت بسعة صدر، ولم أرجعها للعقل، وكأن حاجتي للفرح للسعادة هي التي قادتني أثناء قراءة الرواية.

الرواية من منشورات دار العنقاء للنشر، عمان، الأردن، الطبعة الأولى 2014

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى