من الضحية القادمة؟!
مروة محمد مصطفى | القاهرة
في ذلك الزمان الذى نعيشه انتشرت أعمال القتل والبلطجة بكل أنواعها، وأصبح الجانى يخطط ويدبر وينفذ للنيل من ضحيته دون خوف من العقاب، فشهدنا منذ فترة ليست ببعيدة جريمة قتل شنعاء مجردة من كل معانى الإنسانية، ستظل محفورة في وجداننا وعقولنا، عقب انتشار مقطع فيديو ذبح “نيرة أشرف” تلك الفتاة الجميلة التى سلب روحها كائن لا يُمت للإنسانية بأية صلة.
أشعر أننا نعيش واحدة من اسوأ فترات التاريخ، ولا أعتقد أن هناك أصعب من تلك الأيام التي نمر بها، فمسلسل زهق الأرواح يتواصل، وكل يوم نسمع عن جريمة قتل جديدة، قال تعالى: {مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}(المائدة: 32)، ولو عادت بنا الذاكرة للوراء مرةً أخرى، سنتذكر جريمة قتل “محمود البنا” الذى أُطلق عليه “شهيد الشهامة” فى محافظة المنوفية، لدفاعه عن فتاة تعرضت للضرب من شاب يُدعى “محمد راجح” المتهم الرئيسي فى تلك الجريمة مع ثلاثة متهمين آخرين، ليموت من يستحق الحياة ويعيش من لا يستحقها.
كما لم ننسى جريمة ذبح مواطن بسلاح أبيض في الطريق العام أمام المارة في أحد شوارع مدينة الإسماعيلية، من قبل شخص مدمن للمخدرات بشهادة أمه التى قالت أثناء محاكمته: “ابني كان ضحية للمخدرات”.. وما أدراك ما المخدرات وتجارها الذين يعيشون على جثث ودماء أبناء الوطن.
وبالرغم من العقوبات التى وضعها القانون المصري للحد من وقائع التحرش الجنسي أو اللفظي، لكن الكثير من الفتيات المصريات تعرضن لسلوكيات غير أخلاقية بالمرة من جانب مرضى معدومى الضمير، مثلما حدث مع “بسنت خالد” الفتاة التى انتحرت فى إحدى قرى محافظة الغربية، بعد قيام شاب بتركيب صور مخلة لها على أحد برامج تعديل الصور، ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” لابتزازها، ولم تتحمل الفتاة المسكينة التبعات الاجتماعية التى تعرضت لها بسبب انتشار تلك الصور المفبركة فى قريتها، وعدم الدعم الكافى من المحيطين بها.
وفتاة المعادى “مريم محمد” التى كانت تسير في أمان الله، حتى لقيت مصرعها دهسا أسفل عجلات سيارة “ميكروباص”، أثناء عودتها من العمل، إثر محاولة سرقتها بالقوة على يد مجهولين، فرحلت وتركت وراءها جدلًا معتاد، وهي أن الضحية شريك أساسي في الجريمة بأي شكل، حتى يجد أصحاب الضمائر المعدومة سبب لإباحة ارتكاب الجريمة.
فإلى أي مدى يتعمد أصحاب القلوب المريضة والأخلاق الدنيئة إلحاق الضرر بالغير؟.
واللافت أن أغلب تلك الجرائم تحدث في الشارع المصري جهارًا نهارًا، فـ “نيرة” قُتلت دون أن ينقذها أحد من المارة!، ومتى وقعت جريمة قتل “نيرة” بتلك الطريقة البشعة، ينبغى أن نصنف كل جرائم البلطجة والعنف وتجارة المخدرات والتحرش والاغتصاب والقتل التى تتزايد فى مجتمعنا يومًا بعد يوم، ضمن جرائم الإرهاب التى تشكل خطرا بالغ على الأمن القومي للبلاد، فالإرهابي هو كل من تسول له نفسه اقتراف جرم وإراقة دماء الآخرين..
رحم الله كل ضحايا الإرهاب والبلطجة، وألهم ذويهم الصبر والسلوان، مع كامل رجاءنا من الجهات المسئولة، بتحقيق العدالة الناجزة التى أمر بها الرئيس السيسى فى ظل الجمهورية الجديدة، وضرورة تنفيذ الأحكام الصادرة من الجهات القضائية؛ ذلك للحد من ارتكاب مثل تلك الجرائم التى أصبحت تؤرق حياتنا اليومية.