د. أسماء السيد سامح | مصر
الألاعيب الذهنية تبدو ممتعة أحيانا في بداية كل علاقة، و بقدر ما تعتقد بعض النساء إنها بريئة و يثيرهن الفضول إلى اكتشاف ما وراء اللعبة، تجدن أنفسهن قد دخلن دوامة شيطانية يصعب على الكثيرات الخروج منها، و حتى عندما تنجحن في الخروج، لن تسلمن من العقدة التي سوف تبقى خالدة في أذهانهن و قلوبهن .
أكثر الألاعيب شهرة هي لعبة الصياد و الفريسة أو القط و الفأر ..لقد سمعتي أكيد بما فيه الكفاية من المجتمع و صديقاتك و أمك أن الرجل الذي يحبك هو من يفعل كل شيء من أجلك، و هذا ما ترسخ في عقلك عن الحب …رجل يشعرك بالأمان و يطاردك تحت كل الظروف و يثبت لكِ حبه بكل وسيلة…ربما لن تنتظري كثيرا قبل أن تصادفي هذا النوع من الذكور، خصوصا لو كنتِ جذابة و مغرورة بعض الشيء، قد تسقطين ضحية ذكر لم تكوني حتى معجبة به في البداية، و إذا به يطاردك و يغرقك غزلا واهتماما و كلاما معسولا حتى دون أن تشعري تجدين نفسك قد تعودتِ على مطاردته لكِ بل و حتى استسلمتِ لجرعات اهتمامه الزائدة ،و بدأتِ تدمنينها رويدا رويدا و لا تستطعين الاستغناء عنها، بمجرد شعوركِ بالإدمان، تُخرجين كل ما في جعبتك من عواطف و تبدأين في تخيل حياتك الوردية معه، تتخيلين شكل منزلكما، عدد أطفالكما، جمال حبكما…و فجأة و أنتِ فوق سحابتك العالية مرفوعة بكل تلك الأحاسيس، ينسحب…بعد تيقنه أنك أصبحتِ مضمونة و متعلقة..يأخذ خطوات للوراء يجلس على عرش لعبته،و هو يدخن سيجارا من النوع الرفيع، و ينتظر بيقين …هذه المرة أنتِ من سوف يركض خلفه …
سوف تسقطين بكل قسوة من فوق سحابتك الوردية، و تتساءلين ماذا فعلتِ، ربما قلتِ شيئا لا ينبغي قوله، أو ربما جرحتيه دون قصد ، أو ربما قصرتِ بطريقة أو بأخرى …أنتِ الآن من يتصل ، و أنت الآن من يبعث الرسائل، و أنتِ الآن من يتنازل ،و أنتِ من يسأل عن سبب توقفه عن الاهتمام ..أنتِ الآن من يتسول الحب…
عندما تتعبين من غياب حلاوة البدايات التي شدتكِ إليه، سوف تحاولين إنقاذ كرامتك و الرحيل ، سوف تنصحك أعز صديقاتك بنسيانه و عيش حياتك ، و سوف تقول لك لا تقلقي سوف يعود نادما …و ها أنتِ تتظاهرين أنك تجاوزتِ الأزمة ، و رغم ذلك تشاهدين شاشة هاتفك كل دقيقة حتى تتأكدي أنه لم يتصل أو لم يترك لك رسالة ، تتظاهرين بالقوة و الصمود و كل شيء فيك يتمناه أن يعود …
في اللحظة التي يشعر فيها أنك لم تعودي مضمونة و أنك ربما سوف تتجاوزينه ، يبدأ بملاحقتك من جديد ، و يعيدك إلى جمال البدايات و وعود البدايات …و أنتِ لن تقاومي ذلك الشعور بالرغبة في السقوط مجددا في نفس الفخ…و يتحول الفخ لاحقا إلى متاهة يصعب الخروج منها.
هذه العلاقات لا تنجح أبدا ، لأنها ليست علاقات حب بل إدمان و تعلق بين صياد يعشق الركض وراء الفريسة و فور ما تكون له تصبح مجرد شيء لا قيمة له، و فريسة تعلم أنها لن تكون محبوبة إلا في حالة الركض و التمنع.
كل العلاقات السامة تبدأ بالألاعيب ، و المراوغة ، الانسان المتلاعب فاقد للقدرة على العطاء ،يبحث دائما عن إرضاء كبرياءه من خلال السيطرة و الكذب و الحيلة، و بما أنه يعلم أنه لن يحظى بأي شيء لو ظهر على حقيقته ، يقوم باللجوء إلى الألاعيب التي قد تنطلي على الآخرين بسهولة ، الآخرين الذين عاشوا حياتهم يحلمون بصورة جميلة عن الحب، و عندما تأتي الصورة يهملون التفاصيل التي تُظهر حقيقة الصورة من زيفها ، فيسقطون في الفخ
هل عليكِ دائما الهروب و إخفاء مشاعرك حتى تجعلينه يطاردك؟ أين سوف تنتهي اللعبة؟ و متى تستطيعين أن تكوني نفسك و مع ذلك يبقى؟ أن تُشعريه بالحب و يبادلك بحب أكبر؟ أن تكوني ضعيفة أمامه و يكون قوتك ؟و يكون ضعيفا أمامك و تكوني أنتِ قوته؟
متى تستطعين الكف عن مشاهدة تلك المقاطع السخيفة التي تشرح لك خطوات رجوعه نادما راكعا و كيفية الانتقام منه عندما يتركك؟ و حتى لو عاد؟ من ضمن لك أنه سوف يبقى.. فورا سيقتنع كبرياؤه أنك محطة وقود دائمة ومتاحة كل الوقت، و يكفي بعض الأكاذيب لاستعادتك؟
عزيزتي، أبسط حقوقك في الحياة أن تكوني على طبيعتك، فلا تتركي كبرياء ذكر يفسد عليكِ هذا الحق… انتظري رجلا حقيقيا لا يركض ذليلا ليثبت لكِ شيئا، بل يجعلكِ تعلمين أنه مهتم، وإذا لم تباديليه نفس الشعور يرحل و لا يعود أبدا، وإذا بادلته الشعور تكونين ملكته الوحيدة. الرجال الحقيقيون لا يلجأون إلى الألاعيب و كذلك النساء.