أدب

مسافة للخطو.. قراءة في (طرف من أخبار الحاكي) للشاعر السماح عبد الله الأنور

 د. خالد عبدالقادر رطيل

 دائماً ما يكون العنوان مفتتحاً مواتياً لقراءة النص، والولوج إلى دواخله، وسيكون علينا الآن أن نراود الحاكي ونستشفّ مراداً محتملاً من حكاياه، ونحن على حيرة من أمرنا؛ إذ تواجهنا مخاطر عدة، أو أطراف متشابكة الحكي والمقصد في هذا الديوان: «طرف من أخبار الحاكي»(1) والذي يبدو فيه- على غير عادة الشعراء- المزج الذكيّ بين السرد والشعرية المتحكمة في فواصل العبارات، بحيث يعطينا طرفاً من كل حكاية تضرب جذورها في عمق الشعرية التصويرية، مما يخلق لدى المتلقي اعتقاداً جازماً بمدى قدرة (السماح عبدالله) على خلق الروابط المتناقضة في نصّ واحد ما بين القصة والقصيدة، وهي قدرة تدعنا في دهشة مما يصنع، وتوجّس عليه، خوفاً من أن ينفلت من بين يديه طرف من أطراف الحكايا.

  وهو دائماً ما «ينطلق من التعارض بين الأضداد كي يصل إلى إعادة امتصاصه وتأليفه»(2) وتلك التناقضات التي تكبر وتصغر حسبما تقتضيه موهبة ما لشاعر، بحيث تصبح محكومة بقدرة الشاعر على المزج والخلق، واستئصال الفوارق العرضية التي تمثل عقبة كئوداً أمام الشاعر حتى يصل إلى مرحلة ما من مراحل قدرته على التحكم والسيطرة، وتلك مرحلة يصل إليها الموهوبون في فنهم.

ومن هنا يستدرجنا (السماح عبدالله) إلى عالمه الشعري القصصيّ مفتتحاً ديوانه بهذه المقطوعة لأبي العلاء المعرّي:

كم صائنٍ عن قبلة خدّه

سُلّطت الأرض على خدّه

وحامل ثقل الثرى جيده

وكان يشكو الضعف 

من عقده

وربّ ظمآن إلى مورد

والموت لو يعلم في ورده.

  إن أبا العلاء كان مولعاً بأحاديث الموت واستصغار الحياة، ولا يفتأ تثقله أفكار كثيرة، وهواجس عدّة ممّا يلقاه في وحدته هذه، ولكن حين يفتتح شاعر ك(السماح عبدالله) ديوانه على هذا النمط فإننا إذن أمام قضية وجودية مصيرية، تستدعي البحث والتنقيب عن مآلات الأشياء، ومصائر الموجودات، فهو وإن سمّى الديوان طرفاً من أخباره لكننا نجد أنفسنا في النهاية أمام مصائر وأحداث أخرى، يحدّد بها الشاعر وجهته الإنسانية التي تجهل مصيرها، وتستعصي عليها لحظاتها، ولهذا كانت عناوين قصائده كلها تتأذى من أن تسمى الأشياء، وتستحيي أن تنسب لنفسها فعلاً حقيقياً من صنيعها، بل كلها تحفّ وتحكي على طريقته التي أوحى لنا بها من عنوانه، ففي قصيدة «محاذاة الألق» يقول:

كانت تحب طائراً له علامة

يفوت كل يوم في الغروب فوق دارها

فتشير من شباكها الواطئ عندما تراه

بالأصابع الحنون:

مع السلامة

وتملأ المساء بالغناء.

 يحيلنا الشاعر هنا إلى لحظات شديدة البراءة والاستسرار، ويطلق فينا حنيناً يعود بنا إلى حالات إنسانية قلما يجهلها إنسان، إنه يلمس النفس الشغوف بالألق الفطريّ الذي تصنعه أنفسنا من تلقاء نفسها، أو ربما هو أمل النفس التي فاتها كل ذلك، لذا كانت تلك الحكاية إشارة إلى محاولة حثيثة نحو صنع ألق مواز لما افتقده الشاعر، لكنه سيشير هذه المرة من شباك واطئ، لتكون المسافة الشاسعة التي صنعها الزمن في نفس الإنسان قائمة رغم محاولة المحاذاة والمحاكاة.

 ونتيجة لهذه المسافة البينية الشاسعة فإن المحاولة ستظلّ محاولة، ولا يمكنها أن تحاكي ما يريده تماماً، ليكون الشباك الواطئ سبباً ريئساً في اصطدام الزمن بالواقع ليصنعا معاً بُعداً آخر يحاذي إرادة النفس، ويوغل في استمراء الانتظار:

انتظرته مرة لم يأت

حتى ملّت الإقامة

قالت:

لعلّه علا على ميقاته.

 إلى هنا لا زالت تعيش لحظة تشبه الوهم، الذي يجعلها تشعر بحتمية العودة، ولكنه شعور زائف يسبق المواجهة التي تنهي مسار الموقف تماماً، لذا تفترض كثيراً، وتتحجّج كثيراً لغيابات الطائر الجميل، فربما تماهت عنده المواقيت، وولج إلى لحظات البرزخ التي لا تقدر هي أن تحسب لها زمناً، ثمّ يتنامى هذا الشعور إلى افتراض علوّه على سمائه، وكلّ ذلك افتراض يقوم على استحضار المواجهة، والإقدام على الخطوة الأخيرة التي تنمحى فيها صورتها تماماً لتشارك الطائر هذا العروج البرزخيّ، في محاولة أخيرة لمحاذاة الألق، وأمنيات قادرة على خلق زمن مغاير يعوّض ما افتقدته:

ظلّت تضرب الهواء 

حتى لم يعد يقدر أن يبصرها أحد 

من يومها

ولم تعد.

 هي محاولة فردية لإثبات الوجود من منطلق آخر، فلم يعد وجودها في الشباك الواطئ يشكّل حلّاً، ولم يكن أمامها إلا أن تسرد حكايتها بغيابة تبدو في نظرنا انمحاءً خالصاً، ولكنّه بالنسبة لها/للشاعر خلاصاً من ربقة القيود التي يمثّل الجسد رمزها، ليعطينا إشارة واضحة إلى شعوره بمدى المعاناة التي تمثّلها الحدود الزمانية والمكانية تماماً مثل الذي عاناه أبو العلاء المعرّي داخل حدود الزمن والمكان.

 و(السماح عبدالله) دائماً ما يجعل ذروة الحدث مفاجئة ومراوغة، ويختزنها في نهاية الحكي/النص، ولا عجب فهو يقصّ علينا طرفاً من قصصه الذي جاء شعراً كما أخبرنا هو بذلك، فقد تلبّست نفسه بالقصص والحكي، واختزان النهايات المدهشة في آخر سطر، ف«التفاصيل تتزاحم من أول القصيدة حتى قرب نهايتها لتجلو موقفاً ما، وتبدو هذه التفاصيل في بعض الأحيان لوناً من الثرثرة الحميمة، ثم ما يلبث كل ذلك أن يرتفع بارتفاع الذروة، ويكتسب دلالاته بعمقها».(3)    

  وبقدر ما يمكننا من ملامسة الطرف الشفيف الذي يمدّه إلينا عن عمد، ويسبقنا إلى مفارقاته المعقدة، واجتيازاته العصية، واختياره دوماً طرفاً محايداً يصنع له ولنا عمقاً آخر لكل حدث يكون شغفنا إلى تتبّع أخباره، وانتظار النهاية إلى النهاية.

 إن كل حكاية تختبئ في أعماقها أحداث تتفجّر ديناميكية، وتسهم بشكل فاعل في تسيير الأبطال إلى نهاياتهم، على العكس مما يعتقده الشهود، وتبُنى عليه سيناريوهات التفاصيل الكاملة، والتي نعتقد بشيء من اليقين أننا نمسك بخيوط الحدث، لكننا- بالفعل- من أمسك بنا (السماح عبدالله).

 وفي قصيدة «السرّ» تظهر قدرة الشاعر في أن يجعل مفردات القصيدة جنازة كاملة المشهد، حيّة في صياغة الجنازات القروية،  ليصنع حدثاً قد يبدو فرعياً، ولكنه يمثّل السرّ الذي يبوح لنا به الشاعر على نحو من الرمزية الشعرية العالية الأداء، والتي استطاعت أن تفكّ لنا عُقداً متشابكة مما صنعه الشاعر في تلك القصيدة:

كانت الجنازة امتدت

وغطت سقف قريتي

من مدخل الحقول حتى أول المقابر

 لقد صنع الرمز هنا شيئاً من تفكيك الحدث إلى صور متعددة ساعدت في إبراز ما يريد الشاعر توصيله إلينا، فالخبز الساخن والتمر، رمزان أقاما لنا حياة وخصوصية متفردة لحنان الجدة حتى في حالة الموت، وارتباط الطفل بها ارتباطاً جعله لا يأبه لجدّته وهي تدخل قبرها، في إيحاء شديد اللهجة إلى أنّ الولد لا يزال على قناعة تامة بهزلية ما يفعله الجمهور.

 وفي إطار هذا الرمز أيضاً نتساءل: كيف تغطّي الجنازة سقف قرية؟ وكيف يستسيغ القارئ تلك المفردات التي يعلوها تضاد عجيب؟  امتداد يغطي السقوف، وحقول تسوّر قريته، وفي نهايتها مقابر، حياة كاملة بالمعنى الوجوديّ، فالحياة تبدأ هكذا كحقل أخضر، وسرعان ما يصيبها اليبس والتصحر حتى تصل إلى ذلك التراب، والشاعر اختصر لنا مسافة الحياة في هذه الكلمات المختصرة: صاحب جنازة دخل العالم من طريق أخضر حتى وصل إلى التراب، وبهذا استطاع التعبير الرمزي في النص أن يخلق لنا حياة موازية أخرى لا تتصل حساً ولا شعوراً بما يحدث في هذا المشهد المهيب.

 وما يجعل القارئ يلملم نفسه يمنة ويسرة حين يقرأ هذا النص؛ حيث لا يدخل إلى عقله المتواضع من أول وهلة أن الجدّة هي التي تقوم بدور الميّت والحيّ صاحب السرّ، مفارقة لا يقدر عليها إلا شاعر في مقدرة (السماح عبدالله) حيث أدار المشهد بخبرة الشاعر أولاً، وبخبرة القاصّ ثانياً، ثم استعان بالمؤثرات البصرية التي صنعت من الحدث عملاً سينمائياً فائق الجودة، ولا يفوتنا أن تركيب الصورة الشعرية في القصيدة، وهو تركيب من صنع الشاعر، إذ يختصر الحياة في جنازة وقبر، ثمّ يستخدم قدراته في شرح وتفسير تلك الحياة التي يراها نوعاً من التمثيل الحيّ الذي ينخدع به الأحياء، وهذا قلب لمسار الأحداث بشكل يوحي بحتمية أن يكون الحدث الموازي هو الحقيقة، وفي الحقيقة نجد أنهم- وفي اللحظات التي يعيشها الجمهور- محمولون إلى مثواهم الأخير، هكذا يرسم لنا (السماح عبدالله) مشهد الحياة، والذي لم يستطع شاعر قبله في نظري أن يضع يده على هذا المعنى الحقيقي للوجود الإنساني، والذي يعضده ويؤيده المعنى الشرعيّ؛ حيث إن الإنسان محمول إلى مثواه مهما طال مكثه على الأرض، وقد تفوّق السماح أيضاً على نظيره العربي كعب بن زهير الذي صوّر هذا المشهد من قبل في قوله:

كلّ ابن أنثى وإن طالت سلامته         يوماً على آلة حدباء محمول

 ويبوح الشاعر بالسرّ الذي ضمنه على لسان الجدة الحية الميتة حين قالت:

ليس ما تراه غير قصة مكذوبة

يقصها الرجال

حين يرغبون في احتطاب الوقت

واختطاف جملة من الكلام

والنساء حين يحكين على مصاطب المسامرات

هل تصدّق الحكايات التي تسير في شوارع القرى؟

 ولكن يا تُرى ما الذي يقصده الشاعر من هذا السرّ؟ إن كان مقصده أن الحياة كلها أكذوبة فهذا صدق ولكن من جانب واحد، حين تكون همّتنا إليها وحدها، وتكون وجهتنا وحلمنا، وقد علمنا أن الشاعر يعرف قيمتها جيداً، ولكنها من جانب آخر هي انتظار لما بعدها، وليست مقصداً لذاتها.

 ونحن على يقين من أن (السماح عبدالله) يبوح بسرّه هذا ليوقظنا على حقيقة مؤلمة مؤداها أن الكلّ غارقون في وهم يسمى الحياة، وأنهم لفرط جهلهم بهذا السرّ فإنهم يصنعون مواكب لتشييع الموتى الذين- في الحقيقة- هم الأحياء:

ووحدها جدتي التي أعطتني الرغيف

والتمور

نعرف السرّ

وهم

يرشون المياه فوق القبر

والنسوة يبكين.

 إذن نحن أمام أنفسنا، والعالم الذي يعرفه الشاعر هو عالم تجرّد عن الوهم، وهو الحقيقية ذاتها، في حين أن الناس يتداولون حياتهم هكذا دون أن يشعروا بها، والشاعر من خلال تلك المعرفة يعيش حالة من الفقد الذاتيّ، والذي يحاول أن يكمله أو يستعين عليه بتلك المعرفة التي تتحسّس أوصاله، ويبغي أن يشاركه فيها الغير، خصوصاً أن الغير قد فقد ذاته، وأوهم نفسه بالمعرفة الكاملة، فقد دخل الحدائق وشاهد الجنازة، ومرّ بالقبر ولا زال يجهل هذا السرّ.

ويستمر المشهد بتدفقه المدهش، وإحساس الشاعر بقيمة وجوده ومصيره، فيقصّ علينا مشهداً آخر ربما يكون أشدّ وضوحاً من السرّ، ولكنه أوقع أثراً، وأظهر دلالة على ما يعانيه الشاعر من حتمية الحياة بعد الحياة الزائفة، وأنه سيمرّ قريباً من خلال الحديقة ليشهد جنازته والنسوة يبكين، والناس يرشّون على قبره المياه:

هو الذي قمّصني قميصتي

أنا الذي وقفت أحمل التذكرات في عيني

واشتريت فضلة القماش

من حانوته

وكنت أنتوي أقصه

يستر مرفقي

أو أشدّه 

يطول ركبتي

 ينذر الموقف هنا بأفق أوسع في رؤية الذات، واستشعار الأمد الذي يمكن أن يعيشه بعد الآن، فمن ذلك الذي قمّصه قميصه؟! وكيف يخبرنا عنه بهذه اللغة الحادّة، وكأننا نعرفه جميعاً؟ أجل كلنا نعرفه، وكلنا سيتقمّص من حياكة يديه، وهنا نستشعر الضمائر التي استخدمها الشاعر ما بين الغيبة والمتكلم، متنقلاً ما بين ال هو وال أنا في حوارية ثنائية تنبئ عن التفرّد والذاتية، ومحاذاة الآخر له، ليحمل عبء التجهيز معه، ويشكو إليه معاناة افتقار اليد ، فهو وحيد بلا ثوب، إنسان لا يشاركه موضعه أحد، ولكن ما يدهشني إلى هذا الحدّ هو قدرة الشاعر على تصوير هذا المشهد المهيب الذي يتوجس من ذكره الأحياء، إنه يفعل ذلك لنشهد له مذعنين أنه وبحق الشاعر الذي قصّ بشعره، وشعر بقصصه، ومزج بين الشعر والقصة بعدالة فائقة، وأفلت من أن يميل إلى أحدهما دون الآخر، مع امتلاكه زمامهما جميعاً.

  وما يقال في سرده وصورته الشعرية يقال في لغته، تلك اللغة التي ضربت على نفسها عهداً بطاعته، وأن تكون رفيقته التي تدغدغ عباراته، وتزيّن تصويره، فقد استعمل «قميصتي» دون قميصي، برغم أن ما يلبس لهذا الغرض هو القميص، لكنه أراد أن يستخدم لفظ الأنثى ليكون أبهى وأجمل، وليكون مفترقاً عما تقمصه في الدنيا، وربما ليكون قميصه الأصغر الذي يضمّه ضمة الأنثى.

 ولأنه يعلم حقيقة الوجود الإنساني يلجأ هنا إلى تصوير آخر لا يشبه ما قاله، ولا يكرّر لفظة خرجت من فيه حين يقول له الحائك:

بعضها مستهلك

وبعضها نقّره الدود الذي

يسكن في الخزانة القديمة

تستتر الأحاديث والأعمال الإنسانية كلها خلف هذا المقطع، حيث تتجلّى أحاسيس الشاعر بقيمة نفسه أمام من يفد عليه، وأن ما قدّمه لا يصلح لأن يكون دليلاً إلى ولوج العالم المنتظر، لذا فهو يحاول ويفتّش في نهاراته التي أنفق في شتاءاتها كلّ القوت ولم يبق له ما يصلح به حاله، ولا ما يصلح أن يكون تذكرة دخول:

قاس طولي

قاس فضلة القماش

ثم قص الثوب

 أخيراً يدخل إلى ضيقه، ويرفل في زيف الصحوة، ولكنه ينتظر الشتاء، الذي تفنى فيه الأقوات، وتتقاصر قطع القماش عن أن تستر عريه:

ثمّ نمْ بها إذا أتى الليل الكبير.

  يحيا حياة أخرى، يبلغ فيها قمة الفرح، ومبلغ السرور، ويتجافى جنبه عن الضيق، ويمشي فرحاناً وقد تدلّت أكمامه في بذخ، فهو الذي عرف السرّ، وخطا إلى أحضان الحقيقة، في سترة تجلّت فيها مقاساته اللائقة، وأصبح على حالة من اليقظة التي وضعت في يديه مشروعية الخلاص، وبناء الحلم على ما يمليه السرّ الذي أفضت به إليه جدته ذات يوم، ولأن كل الأشياء تحول دونها أشياء، فهو يعيش فرحه هكذا دونما سؤال، مثلما يعيش الحزن دونما سؤال.

 ويختم (السماح عبدالله) ديوانه بقول الشهرزوري:

نارنا هذه تضيء لمن يسري بليل

لكنها

لا تنيل

هذه حالنا

وما وصل العلم إلينا

وكل حال تحول.

هذا هو زيف المشاهد، وخداع المرائي، فالنار تضيء للساري لكنها لا تعطيه الدفء إلا بالاقتراب منها، ومحاولة الولوج إليها، إذن فكلّ حال هي كذلك، هي مشهد الجنازة الذي يشي بالجمع، لكنه خلا من وجود الجدّة التي كانت تبوح في اللحظة ذاتها بالسرّ، وفي مشهد الحائك الذي قاس الطول، وقمّص القميص لكنه أضاف للجسد العاري ضيقاً لا يشعر به إلا في شتاء قادم، أو في مشهد الكاتب الذي يكتب عوالماً حية حتى يفجأه الموت وهو يرسم حياة بعد حياة بقلمه، أو كالناحت الذي يتضاءل أمام الزمن ليصبح نقطة أمام المنحوت.

 (السماح عبدالله) سائح يلتقط بكاميراه أحوالاً تستعصي على الغارقين في لحظاتهم، ويظهر لنا طقوساً إنسانية تلتهب بالفناء والزوال كما تفنى النار حين يغادرها الحطّاب.

ــــــ

الإحالات والمصادر

  1. طرف من أخبار الحاكي: شعر السماح عبدالله- دار الأدباء- القاهرة- 2018م.
  2. بلاغة الخطاب وعلم النص: د. صلاح فضل- سلسلة كتب ثقافية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب- الكويت- 1992م- ص55.
  3. حياتي في الشعر: صلاح عبدالصبور: الهيئة المصرية العامة للكتاب- 1993م- ص35.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى