أزمة مياه طاحنة تواجه الدول العربية
مجدي بكري |مدير تحرير جريدة عالم الثقافة
نداء استغاثة أطلقه مؤخرا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أنذر عن أزمة لا تخص العراق وحدها، ولكنها تخص الدول العربية كلها. قال السوداني: إن العراق يسعى للحصول على مساعدة دولية عاجلة للحيلولة دون انحسار نهري دجلة والفرات نتيجة تغير المناخ. وأن إنقاذ نهري دجلة والفرات يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً: “نحن بحاجة إلى جهود جميع الأصدقاء في البلدان والمنظمات لمساعدة العراق في هذا الوقت الحرج من تاريخ النهرين العظيمين”.
إن الدول العربية منذ فترة طويلة من أزمة نقص المياه، وهو ما يشكل تحديًا كبيرًا للحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والبيئي في هذه الدول. وتعد أزمة نقص المياه من أكبر التحديات التي تواجه البشرية بأكملها في القرن الحالي، وتشكل تحديًا تنمويًا واقتصاديًا وبيئيًا على المدى البعيد.
وتأتي هذه المعاناة بسبب عدة عوامل، من بينها النمو السكاني السريع، والتغيرات المناخية، وسوء استخدام الموارد المائية. وتتفاوت مستويات نقص المياه في الدول العربية، من دول تعاني من نقص حاد في المياه الصالحة للشرب والزراعة، إلى دول تعاني من مشكلات في توزيع المياه بين مختلف المستخدمين.
كما تواجه مصر والسودان أزمة نقص المياه بسبب بناء إثيوبيا سد النهضة على نهر النيل الأزرق، وهو ما يؤثر على حصة مصر والسودان من المياه، ويؤدي إلى نقص المياه الزراعية والصالحة للشرب في هاتين الدولتين.
احتياجات مصر المائية
بلغ إجمالي احتياجات مصر المائية الحالية حوالي 110 مليار متر مكعب سنويًا، وتستورد مصر مياه افتراضية (في شكل منتجات غذائية وزراعية …) تبلغ حوالي 30 مليار متر مكعب سنويًا (وهي كمية المياه التي يحتاجها إنتاج تلك المنتجات في حال زراعتها وإنتاجها في مصر)، في حين يبلغ إجمالي الاحتياجات المائية بعد استبعاد المياه الافتراضية التي يتم استيرادها حوالي 80 مليار متر مكعب سنويًا، وفى المقابل يبلغ إجمالي الموارد المائية (المتنامية) والموارد المائية (المحدودة) 20,75 مليار متر مكعب سنويًا.
مشكلات مائية عديدة تواجه مصر
فعلي الصعيد المصري تتزايد التحديات المائية التي تواجهها مصر من تزايد السكان الى التغيرات المناخية وصولا الى سد النهضة خاصة بعد انتهاء الحكومة الاثيوبية من المرحلة الأولى لملء السد فى يوليو 2020 وبات من المؤكد أن استكمال ملء السد من جانب إثيوبيا يمثل بدء الخطوات العملية في التأثير علي حصة مصر من مياه النيل البالغة نحو 55.5 مليار متر مكعب.وعلي الرغم من النمو السكاني المضطرد في مصر، وتزايد الاحتياج للمياه للزراعة والاستخدامات المنزلية والصناعية، فإن أرقام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء تشير بوضوح الي تراجع موارد مصر المائية في عام 2019/2020 إلي 60,5 مليار متر مكعب، وبات من المحتم علي الحكومة المصرية الحفاظ علي موارد مصر المائية بالكامل وتنميتها لمواكبة الاحتياجات الحالية والمستقبلية .وليس بجديد ما أكدته رولا عبد الله دشتي، الأمينة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) حين قالت ان ما يقرب من 50 مليون شخص في المنطقة العربية يفتقرون إلى مياه الشرب الأساسية ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة- أي ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي عدد السكان- في بلدان تعاني من ندرة المياه.
المنطقة العربية ليست علي المسار الصحيح.
وأكدت دشتي إن المنطقة العربية ليست على المسار الصحيح فيما يتعلق بتحقيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة والمتعلق بتوفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي للجميع بحلول عام 2030. ومضت قائلة: فالمياه في المنطقة العربية لا تعد فقط مصدرا للازدهار، ولكنها أيضا سبب محتمل لعدم الاستقرار والصراع. ندرة المياه في المنطقة العربية هي مسألة تتعلق بالأمن المائي، والأمن الغذائي، وبالازدهار والحياة الكريمة. وتشير التقارير والدراسات حول هذا الموضوع إلى أنه خلال العامين القادمين ستشهد 14 دولة عربية نقصا في المياه كما ستعاني 10 دول من نقص حاد في المياه.
أما عن المياه الجوفية في البلاد العربية وهي تعتبر الملجأ الأول الذي تلوذ به الدول بعد مياه الانها فمن خلال الدراسات الحديثة التي قامت بها بعض المنظمات العربية مثل منظمة أكساد، ومنظمة جان خوري، والمركز العربي للموارد المائية، يوجد عدة أسباب أدت إلى انخفاض مستوى المياه الجوفية في البلاد العربية، ومن أبرز هذه الأسباب إجراء بعض من الاستثمارات التي تعمل على هدم جميع الموارد المائية وبحسب أحدث الدراسات فإن المياه الجوفية تحتل نسبة خمسة عشر بالمئة من المجموع الكلي للموارد المائية الموجودة في كل البلاد العربية، وبحسب الإحصائيات فإن معظم الدول العربية تستهلك ما يقارب 22 بالمئة من المخزون الاستراتيجي العام، وبالتحديد المخزون الذي يكون متوفر في أحواض مائية عملاقة مخصصة لخزن المياه الجوفية.
وقد أظهرت أحدث الدراسات أن المياه الجوفية في الوطن العربي تكون متواجدة في بيئات مختلفة هيدروجيولوجية، كما تم تصنيفها إلى عدة أصناف، وهذه الأصناف تتواجد في:
– سوريا والعراق، وتكون متواجدة على شكل أحواض لحقيه أو كلسية.
– الجزيرة العربية، وتكون متواجدة في أودية سهل تهامة والباطنة.
– لبنان وفلسطين وسوريا، وتكون متواجدة في الطبقات الكلسية الكارستية، وتكون على شكل امتدادات في المرتفعات الساحلية.
– الصحراء الكبرى وصحاري الجزيرة العربية وتكون متواجدة في أحواض كبرى ذو سماكة ضخمة جداً، متكونة بفعل طبقات رملية كبيرة، وقد يكون مصدرها قاري أو كلسي.
– المغرب، وتكون على شكل أحواض جبلية ضخمة وبينية ومنتشرة بشكل واسع في جبال الأطلسي.
مصر.. والمياه الجوفية
وعن تجربة مصر في ترشيد المياه فقد تابعنا ما ذكره الرئيس عبدالفتاح السيسي، ضمن فعاليات احتفالية بدء موسم حصاد القمح في شرق العوينات مؤخرا، بتحقيق الاستفادة القصوى من المياه في الزراعة بتوشكى وشرق العوينات حيث قال: «نحتاج التأكد في شرق العوينات بأن مخزون المياه الجوفي المستخدم في الري المنطقة المنزرعة لكم وللمستثمرين، يتم التعامل معه بالمعايير التي تحافظ على المخزون لأفضل فترة ممكنة». وشدد على أهمية «استخدام المياه بشكل رشيد دون هدر في الزراعة».
ومما يذكر أن إجمالي المساحة المنزرعة في منطقة شرق العوينات 190 ألف فدان، وخلال الفترة من نهاية التسعينيات وحتى 2012 تم زراعة 80 ألف فدان؛ وخلال الفترة من 2014 وحتى 2022 تم زراعة 110 آلاف فدان، وخلال عام 2015 جرى تكليف الشركة بزراعة 12 ألف فدان جديدة في منطقة عين دالة.ومن المقرر أن يكون حجم المساحة المستصلحة في منطقة شرق العوينات 280 ألف فدان عام 2024؛ حيث سيتم زراعة 40 ألف فدان جديدة.
كما تقوم مصر ببعض المشروعات القومية الكبرى التى تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد منها، فتقوم وزارة الموارد المائية والرى خلال العام الحالى 2021 بتنفيذ المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، كما تقوم الوزارة بالعمل في المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث وتشجيع المزارعين على هذا التحول، لما له من أثر واضح في ترشيد استهلاك المياه،، بالإضافة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من 100 محطة خلط وسيط، وعلى صعيد التطوير التشريعى أعدت الدولة مشروع قانون الموارد المائية والري الجديد، الجاري مناقشته حاليًا بمجلس النواب، ويهدف لتحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين.
نقص المياه هاجس يشغل بال الليبيين
رغم الانقسام السياسي والصراع العسكري الذي احتدم في ليبيا خلال العام الماضي، إلا أن أزمة المياه تعتبر الهاجس الأكبر الذي يشغل بال الليبيين لا سيما وأن البلاد لا تتميز بأنهار تجري فيها وتوفر مصدرًا سهلا للمياه العذبة، وهو ما استعاضت عنه الدولة الليبية بمشروع النهر الصناعي الذي بدأ في أكتوبر من عام 1984، إلا أنه لم يشكل حلا جذريا لأزمة البلاد حتى الآن والتي تفاقمت مع الانقسام السياسي.
وعن هذا الشأن يؤكد الدكتور مفتاح النفار رئيس المنظمة الليبية للدفاع عن المدن المهمشة في ليبيا لسكاي نيوز عربية أن مشروع النهر الصناعي مشروع ضخم تكلف المليارات، لكنه قدم حلولا ليست جذرية، لأنه يعتمد على جلب المياه من الصحراء والتي تتدفق لمسافة ألفي كيلو متر من منابعها الجوفية، ما قد يؤدي لانهيارات أرضية في المستقبل، وهو مشروع غير كاف لتغطية حاجة ليبيا من المياه، وصيانته مكلفة جدا للخزينة العامة، وكذلك عملية إدارته مكلفة للغاية.
وقال النفار أن “ليبيا تتمتع بأطول شاطئ في البحر المتوسط والأفضل تحلية المياه في المدن الساحلية المزدحمة بالسكان أسوة بما هو معمول به في دول الخليج، ومحطات تحلية مياه البحر أقل تكلفة من النهر الصناعي، ففكرة الاعتماد على مشروع النهر الصناعي في استعمال المياه ليست ذات جدوى، لأنها لم تلبي الاحتياج الفعلي لسكان البلاد خاصة وأن تعداد سكان ليبيا ليس بالكبير.
أما الشيخ السنوسي الحليق نائب رئيس المجلس الأعلى للقبائل الليبية فيؤكد أن ليبيا شهدت استثمارات كبيرة في مجال المياه خاصة في النهر الصناعي الذي صرف عليه أكثر من 45 مليار دينار، إلا أنه يعاني كثيرا من عدم الصيانة لسنوات طوال خاصة مع عدم توحيد إدارة البلاد وتقسيمها، مشيرا إلى أن عدم الاستقرار الإدارة أدى لإهمال صيانة المشروع وتأمين الآبار وتأمين الخطوط الناقلة للمياه وهي أسباب رئيسية لأزمة المياه، موضحا أن الفساد الإداري بالشركة العامة للمياه والصرف الصحي يعيق حل أزمة المياه.
ويضيف أن هناك خطة توسع في محطات تحلية البحر لأن ليبيا تملك مساحة 1950 كيلو مترا على البحر المتوسط ما يجعل هناك إمكانية لإنشاء محطات تحلية بتكنولوجيا عالية يمكنها الاستمرار لمدد زمنية طويلة تصل إلى ستين عاما، مضيفا أن هناك مناطق تعاني من عدم ووصول المياه إليها مثل طبرق والبيضاء، فخط الجبل كله لا توجد به مياه حتى في المرج، فهناك أزمة مياه بها وتحتاج إلى نظرة خاصة من الحكومة الجديدة خاصة لهيكلية إدارة النهر الصناعي ودعم المشروع وحل المختنقات للشركة المسؤولة عن المياه في ليبيا.
وبين أن هناك أبحاث عالمية عن طريق منظمة اليونسكو أكدت وجود كميات كبيرة من المياه في ليبيا بالصحراء صالحة للزراعة والاستعمال، والوضع في ليبيا بالنسبة للمياه جيد مع وجود ساحل طويل على البحر المتوسط، ويمكن من خلالها استغلال مياه البحر في الزراعة، حيث يمكن استخدام محطات لتحلية المياه على الساحل من تحلية قرابة نصف مليون لتر مكعب من المياه يوميا وهي محطات كبيرة يوجد بعضها في السعودية ودول الخليج، داعيا الحكومة لوضع استراتيجية لحل أزمة المياه في ليبيا.
من جانبه يؤكد سليم الشحومي منسق العلاقات الإعلامية ببلدية بنغازي أن العامل الأساسي هو غياب الأمن بعد فبراير 2011 والذي أدى للانقسام الإداري في مشروع النهر إلى قسمين الأول قسم إدارة المنطقة الغربية بجبل الحساونة والثاني في المنطقة الشرقية وخط الإمداد من تازربو حتى أجدابيا.
وأشار إلى أن “أبرز المشكلات تهالك وقدم شبكة المياه منذ الثمانينات، مع الحاجة إلى مواد تشغيلية ومواد للصيانة منذ فبراير 2011، من حيث الأنابيب والمضخات الطاردة ومضخات الرفع للمناطق، فضلا عن أزمة زيادة السكان والتوسع العمراني والعشوائي بعد فبراير 2011”.
ويتابع الشحومي: “بلدية بنغازي تحاول توزيع المياه داخل المناطق وفق خطوط ترحيل جديدة مستمدة من الخطوط الرئيسية لجهاز النهر الصناعي حيث نجحت في إيصال المياه إلى 80% من المناطق التي لم تصل إليها في وقت سابق ونعمل وفق المخصصات التي تأتي من الدولة، ووجود حكومتين جعل الحكومة الشرقية تعتمد على الاقتراض من المصارف وهو ما يعيق تنفيذ المشروعات التنموية داخل البلديات”.
واضاف الشحومي “نأمل خيرا في توحيد المؤسسات والدوائر الحكومية والميزانية حتى يمكن تنفيذ المشاريع التنموية في المرحلة المقبلة، فالأمل أن تكون حكومة عبد الحميد الدبيبة جامعة لليبيين لحين موعد الانتخابات في ديسمبر، ولا نعول كثيرا على تميز هذه الحكومة في مجال الخدمات، لكن أملنا أن تعيد الاستقرار وتفتح المجال للحكومة المقبلة لتولي ملف الخدمات بعد إجراء الانتخابات في ديسمبر من العام الجاري”..
وتونس أيضا تعاني من أزمة المياه
علي الرغم من انها تسمي تونس الخضراء، فإنها دخلت أيضا مؤخرا حالة الطوارئ المائية تتمثل في نظام مقنن يستمر لعدة أشهر لتوزيع الماء الصالح للشرب، ومنع استعماله أغراض أخرى بسبب أزمة الجفاف.ويأتي هذا الأمر على خلفية أزمة شح الموارد المائية في تونس التي فاقمتها التغيرات المناخية وموجة الجفاف التي تضرب البلاد منذ 4 سنوات.ووفق السلطات التونسية، لا تستخدم المياه الصالحة للشرب للغايات التالية:
الأغراض الفلاحية.
ري المساحات الخضراء.
تنظيف الشوارع والأماكن العامة.
غسل السيارات.
وذكرت وزارة الفلاحة والموارد المائية التونسية في بيان أن القرارات الجديدة المتعلقة بترشيد استعمال الموارد المائية ستبقى سارية المفعول حتى 30 سبتمبر المقبل، محذرة المخالفين بأنهم يعرضون أنفسهم لعقوبات مالية، وأخرى تضمن السجن. وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المائدة الجوفية ومستوى تعبئة السدود الذي لم يتجاوز 30 بالمئة وفق الأرقام الرسمية، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
وقال المهندس في الموارد الطبيعية وعضو شبكة تونس الخضراء، ياسر سويلمي، في تصريحات له: “أزمة شح المياه اليوم عالمية ولكنها تبدو أكثر تأثيرا في عدد من المناطق ومن بينها تونس بسبب التغيرات المناخية التي تعيشها البلاد للعام الخامس على التوالي”.
واعتبر سويلمي أن أزمة ندرة المياه تعمقت في تونس عبر السنوات الماضية جراء سوء الحوكمة، إذ تستهلك الأنشطة في قطاع الزراعة 83 بالمئة من موارد البلاد المائية ويزرع الفلاحون في تونس الفراولة والكرز والطماطم وغيرها من المنتجات المستهلكة للمياه، وهي في أغلبها معدة للتصدير مما يعني أن الماء يوجه للتصدير عبر نمط زراعة مستهلك جدا.
وكشف عن أن شبكة الربط بمياه الشرب التي لم تتغير منذ عشرات السنوات متدهورة جدا، وتساهم في تسرب المياه وإهدارها، كما تؤثر على جودة المياه، معتبرا أن إصلاح الشبكات سيسمح بتوفير كميات هامة من الماء، وكذلك ترشيد استعمال الماء داخل المصانع وفرض إجراءات لتقنين إلقاء المياه الملوثة وهي حلول سريعة يمكن اللجوء إليها وهي أقل كلفة من محطات تحلية مياه البحر التي تسعى تونس لتركيزها.
ومن جهته، دعا الخبير في الشأن المناخي، حمدي حشاد، إلى التعايش مع انقطاع الماء بسبب تواتر مواسم الجفاف في البلاد وتراجع سقوط المطر، معتبرا أن التغيرات المناخية ساهمت في رفع وتيرة مواسم الجفاف 20 مرة.
في المغرب.. تراجع الموارد المائية يثير القلق
يثير نقص الموارد المائية قلقا في المغرب، في ظل شح الأمطار الناجم عن آثار تغير المناخ، بينما يدعو خبراء إلى “حوكمة” استهلاك هذه المادة الحيوية، حتى لا يزداد الوضع سوءا. وفي هذا السياق، وجهت وزارة التجهيز والماء المغربية، رسالة إلى مديري وكالات الأحواض المائية، لأجل مراجعة القانون رقم 15-36 المتعلق بالماء.
وحسب مصدر من وزارة الماء فإن التعديلات في مشروع مسودة قانون تغيير وتتميم القانون رقم 15-36، همت مادتين فقط وهما المادة 80 بشكل شبه كلي، والمادة. وأضاف ، أن التعديلات التي اقترحتها الوزارة المذكورة وسعت من مهام وكالات الأحواض المائية، مشيرا إلى أن المادة 80 تنص على أنه “تعتبر وكالة الحوض المائي المحدثة بمقتضى القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء، أو التي يمكن إحداثها بموجب هذا القانون، مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي.
من بين المهام المنوطة بالوكالات وفق هذه التعديلات، تخطيط وتدبير الماء والمحافظة عليه والوقاية من تأثير الظواهر المناخية القصوى، لا سيما الفيضانات والجفاف والمحافظة على المياه من الاستعمال غير القانوني والاستعمال المفرط والتلوث، والحد من الهدر المائي عبر افتحاص شبكات نقل وتوزيع الماء واقتراح الحلول لمواجهة الهدر المائي.
في الجزائر.. أزمة خانقة وتراجع كبير في منسوب مياه السدود
وعلي حسب ماذكره الزميل محمد لهوازي الصحفي الجزائري فإن الجزائر تمر بفترة جفاف مثيرة للقلق في وقت تتعالى تحذيرات من أزمة مياه تلوح في الأفق بسبب التغيرات المناخية التي باتت ننذر بحال طوارئ مائية، وتدق ناقوس الخطر مهددة بنقص منسوب الموارد المائية إذا تواصل غياب الأمطار.
فقد كانت بداية فصل الشتاء لهذا العام في الجزائر استثنائية مع انخفاض معدلات تساقط الأمطار وارتفاع متواصل لدرجات الحرارة خلال الأشهر الماضية، وبدأت ملامح الجفاف تتشكل بصورة واضحة في سماء شتاء 2023، مما انعكس سلباً على منسوب المياه في السدود التي تزود المدن الكبرى في البلاد بحاجاتها، وهو ما دفع السلطات إلى إعلان حال استنفار وسن سياسة جديدة للتعامل مع الوضع.
ووجد المزارعون في الجزائر صعوبة كبيرة في تعويض مياه الأمطار التي تعلق عليها البلاد آمالاً كبيرة من أجل تجاوز هذه المرحلة الصعبة وتحصيل عائدات وفيرة تجنب الجزائر الاستيراد الذي تفاقمت فاتورته إلى 10 مليارات دولار للمواد الغذائية فقط.
وكشفت تقارير رسمية عن تراجع كبير في منسوب مياه السدود، إذ لم تتجاوز نسبة امتلائها على المستوى الوطني الـ 33 في المئة، فيما بلغت النسبة في بعض السدود الكبرى إلى ما دون الـ 10 في المئة، في وقت تقدر النسبة الطبيعة لامتلاء السدود خلال النصف الأول من فصل الشتاء بنحو 55 إلى 60 في المئة.
ونظم البرلمان الجزائري يوماً دراسياً حول “مستقبل الموارد المائية في الجزائر”، ومن بين التوصيات التي خرج بها تفعيل كل السبل الممكنة للإسراع في إنجاز مشاريع التحويلات الكبرى بين سدود الجمهورية، وكذا سدود التجميع.
وأوصى المشاركون في اليوم البرلماني بضرورة مضاعفة الحواجز المائية مع إعادة تأهيل المنشآت الحالية وترميم وإعادة الاعتبار للسدود التي تسجل تسريبات من شأنها التأثير في طاقة استيعابها، وبالتالي المحافظة على كميات هائلة من المياه التي تتسرب حالياً”. وقد قررت الحكومة إعادة تحريك وبعث كل المشاريع المتوقفة لمحطات تصفية المياه المستعملة عبر الولايات وإدخالها قيد الاستغلال لاستخدامها في الري الفلاحي عوض المياه الجوفية.