صوت من عذوبة الإبداع والتجريب الشعري
زليخة عوني | تونس
عبد المجيد يوسف صوت ساحلي خرج من أحضان “سوسة” وترعرع فيها، أخذه ملاك الشعر إلي وادي عبقر، فباح بما يجيش في صدره من مشاعر وأحاسيس، تشكلت في وجدانه تراكيب ومعاني لتصنع سحراً من البيان الإبداعي لتولد القصيدة، التي شكلتها ثقافته بدراسته للغة والآداب العربية في جامعة تونس الأولى، وتخرج فيها حتى حصل على درجة الأستاذية، أخذه الشعر إلي تجارب متعددة فكتب دواوين (فقدت نجمتي / 2010م، سحب آسنة / 2012م، كتاب المواجيز /2021م) ولم يكتف باحتفائه الشعري، فزاد ولعه بالقصة والرواية فأصدر (زوايا معتمة عام 2008م،فصول من سيرة مراد الكاتب (قصص) / 2012م، ورواية Epopée féline 2010م،وحيد أقطع هذا الدغل (قصص) /2015م).
وفي ديوانه “كتاب المواجيز” اكتشف المغايرة والتمايز في التجربة الشعرية، فهو صاحب قاموس وتراكيب تميزه عن باقي الشعراء لدية من فنون اللعبة البلاغية ما جعله يستخدم إمكانياته التي اكتسبها لمعرفته بطبيعة اللغة المادة وحيويتها، فتمخضت في وجدانه إلي تدفقات شعورية، تشكلت شعراً، أضفي عليها الخيال طاقات سحرية زخرفتها حرفيته الفنية، ومعرفة بجماليات اللغة العربية وطبيعة الشعر وتذوقه.. بدأ ديوانه بتقدمة شرح فيها خطته وطريقة عمله في الديوان ليهيئك نفسيا للتلقي فأشار إلي طريقة العمل الشعري وتوسيع نطاقها في الأداء الشعري والمداخل التي يمكن اقتناص الشعر منها و قسم الديوان لأجزاء معنونة تختص كل منها بمسربٍ من المسارب التي تتحاور فيها الشعرية مع منطقة فنية غنية تنجح في تفجير الشعر واقتناصه ونجد مصادر إنتاج الشعرية فيه متعددة وأن هناك تجاوراً بين حساسيات عدة سواءً في اللغة أوفي طريقة استخدامها وكذلك العقيدة الفنية التي تنطلق منه .. تتوسل بالسرد والمشهدية والمفارقة واستجلاب السيرة الذاتية ،الشخصية منها، وما يختص بسيرة الوطن لنصل إلى حالات شعرية مدهشة وبسيطة بساطة العميق الدائم كما في القسم الأول “على بحرالموجز”والثاني “قبسات متّحدة” و القسمين الأخيرَيْن “المطوّلات” ،”تصحيح المرآة”..
ويقوم بالتجريب والمغامرة في “مراثي أولاد أحمد “،”قَبَسات من مولانا جلال الدين الرومي”،”قَبَسات من مَتَّى” ،”قَبَسات من أبي حيان” فكأنما يدلنا على مناطق اللعب الفني وفضاءاته بالترتيب الشعر – التصوف – الدين- الفلسفة حيث سنتعامل مع وجوه ثقافية تراثية غالباً أو معاصرة في حالة التّحاور مع الشاعر التونسي “أولاد أحمد” – بأداء شعري فهمه وهضمه خرج من القيمة الإنسانية للشخصية صاحبة الرؤي المتعددة.
إن لغة الديوان لغة واثقة ،حيوية ،متعدية، طموحَة عن طريق تنشيط آلياتها ومُكْناتِها ،فيكون التراوح المحسوب بين المجازات والصور والتراكيب من جهة وبين الصفاء اللغوي والتداولية والبساطة.
تحية عطرة لعبد المجيد يوسف ودواوينه المواجيز…