أدب

عن الحلم والنقيض في نص: نهال النجار

جبار وناس | العراق

أولا – النص

وأنتَ تحقنُ رأسَك بالأحلام
لا تتحسسْ بصماتِ حبيبتِك على الوسادة
تقيأ أمنياتِك المحمومةَ
تغاضَ عن سعر البسكويت المرتفع
السكاكر التي لا سكَّر فيها
المشافي المتسخة
افترشْ تابوتًا للأمنيات
مقابضُه صدأت؟
لا بأسَ
لا تدسْ عينيْك في رغيفٍ تقلص
تيممْ بالنيران
عَرِّ لفائفَ الحلم
أعطها حريقًا
ستدهشُك الحقيقةُ
أن لا أحلامَ في السوق
جميعها
جميعها
نفدتْ
ثانيا – القراءة

جميل بموقع (شعراء وقصائد) تواصلُه مع نصوصٍ مختلفةٍ ولشعراءَ يحاولون التداولَ المباشرَ مع تفاصيلَ ودقائقَ ما يعيشون في وسطه من واقع وفق تداولية الأثرِ والمؤثرِ فتبدو مساراتُ تفاعلِهم بارزةً بما ينتدبون وما تُنْتِجُه عمليةُ التداولِ لتكونَ المحصلةُ نصوصاً مختلفةً وقد تتفاوتُ عبرَ مستوياتِ الإسلوبِ واللغةِ وقدرة المخيلةِ على الإتيانِ بما يُثيرُ الرغبةَ لدى المتابعِ القارئ لأنْ يكونَ في تواصلٍ مثمرٍ مع مخاضاتِ هذه النصوص
فبعضٌ منها يتوغلُ في قضايا إنسانيةٍ عامةٍ وبعضُها الآخرُ يذهبُ نحو الخاصِ من الموضوعاتِ الذاتيةِ والتي تجدُ لها ما يربُطُها في مشتركاتٍ مع قضايا ومشكلاتٍ ترتفعُ بما هو ذاتي إلى ما يكتسبُ العموميةَ ذلك أنَّ العديدَ مما هو ذاتي سينالُ من الحظوةِ والتواجدِ عند الآخرين فهذا الذاتي حتماً سنجدُ له مساحةً واضحةً إذا ما عرفنا أنَّ ما يتميز به ذلك الذاتي أنه سيكونُ ضمنَ مشتركاتٍ لدى الكثيرِ من الشعراء فكلُّ واحدٍ منهم سنراه وفي نصوصِه ما تتمخضُ به دواخِلُه ومن شأنه التصريحُ والعلنُ لما تبوحُ به هذه الدواخلُ فتظهرُ في خطاباتٍ متعددةٍ كما هو الحالُ في نصِ (نهال النجار) المنشورِ في موقعِ (شعراء وقصائد) بتاريخ 12/7/202‪3
ومنذ بدايةِ النصِ نجدُه يخلو من عتبةِ العنوانِ كموجهٍ او مفتاحٍ يُمسكُ به القارئُ ليكونَ منفذاً وإضاءةً لما يأتي به متنُ النصِ وربما في هذا الإشتغالِ ثمة تعويلٌ من باعثةِ النصِ لأنْ تدعَ القارئَ في حيازةٍ مثمرةٍ لإنتاجِ وتدويرِ ما يتحصلُ لديه من خلاصاتِ قراءتِه وتفاعلِه
فهذا النصُ يكادُ يتداخلُ بجملةٍ من البواعثِ التي إرتكزتْ عليها سطورُه حين لجاتْ الشاعرة (نهال النجار) إلى التصريحِ والتثبتِ بها عبرَ إستحضارِ المفارقةِ بدأً من (حقن الراس بالاحلام، تقيؤ الامنيات، تابوت الامنيات، التيمم بالنيران، تعرية الحلم بواسطة الحرق) وكلُّ هذا مدعاةٌ لأنْ نكونَ مع نصٍ يسيرُ ويحضرُ بعيداً عن تعقيداتِ القولِ والتوجهِ ففيه من إشتراطاتِ البساطةِ والوضوحِ من دون أنْ يكونَ لهذه البساطةِ والوضوحِ فعلٌ مؤثرٌ في مستوى التواصلِ وتدني مقبوليته عند التلقي
وتكمنُ فاعليةُ هذا النصِ من إصرارِ الشاعرةِ لِأنْ تُعطي لأهميةِ الحلمِ مكانةً تكادُ تقفُ مبرزةً على الرغم من تغليفُ سطورِ النصِ بمسحةٍ عدميةٍ ولاضيرَ في حضورِ الحلم وينبغي أنْ نحلمَ كما يقولُ ماركس بيدَ أنَّ هذا الحلمَ المرادَ دسُه في خطابِ (نهال) يتعمدُ الإزاحةَ المُصاحَبةَ بطلبٍ مباشرٍ تمثلَ بالنهي(لاتتحسسْ، لاتدسْ) والأمرِ (إعطها، تقيأْ،تغاضَ، إفترش، عرِّ) وهذه الإزاحةُ يُراد منها الفضحُ وتسليطُ الضوءِ على دواخلَ تمخضتْ عند ذلك المعني بخطابِ المنشئةِ (نهال) والذي صار ينصُ على التذكيرِ بمجموعةٍ من الصفاتِ التي تتنافى وحياةِ مَنْ يريدُ العيشَ بأريحيةِ الوجودِ الإنساني ومن هنا حضرَ الطلبُ (النهي) المرادُ به التنويهُ عن أفعالٍ وقيمٍ وصفاتٍ غيرُ مراعيةٍ ومسيئةٍ لحركةِ الإنسانِ فيبدو أنَّ هذا الخطابَ المباشرَ المبثوثَ بين أسطرِ هذا النصِ أُريدَ به ليكونَ كشفاً وتعريةً لتلك الصفاتِ لغرض تركِها والإبتعادِ عنها ولهذا تعولُ باعثةُ النصِ (نهال) على دور الحلمِ في إزاحةِ تلك المتناقضاتِ التي ترافدُ ذكرُها(امنيات محمومة، مقابض صدأت،رغيف يتقلص، وغيرها) وقد تبدو ظاهرةَ التناقضِ بهذا الخطابِ وكأننا مع خطابٍ يتدثرُ ببواعثَ العدمِ واللامعقولِ والتي عولتْ على فعلِ الحلمِ في عملية الكشفِ(عرِّ لفائف الحلم) لنحصلَ على دهشةٍ مثيرةٍ بنفادِ ما يتعلقُ بتلك الأحلامِ في حركةِ الناسِ داخلَ الأسواقِ وبهذا تحققَ أمامنا التركيزُ الذي دأبَ عليه خطابُ هذا النصِ وهو مثقلٌ بتناقضٍ يثير الدهشة والتساؤل..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قراءة مربكة تترك القارئ فريسة الشك والتخزين والتأويل ..
    أهم ما لفت انتباهي التقنيات الفنية التي أشار إليها الباحث ..وهي في مجملها تخص شعرية النص ..مثل :
    النفي.النهي..الطلب..التضاد .وبخاصة المفارقة .بودي لو أشار الباحث إلى سيميائية النص ودلالاته العميقة غير المرئية ..مبارك للشاعرة هذه القراءة القيمة التي لولا النقدلما تذوقنا مدلولها ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى