روحك التي بمترين ونصف
فتحي مهذب | تونس
اللوحة للفنانة الكندية هيلين بيلاند
كتب – Hazard Paix
(فانتازيا شعرية مذهلة، وأفق استيهامي يعيد تركيب الواقع بشكل سحري…يخيل لي أنني حيال الواقعية السحرية ذات النفس اللاتيني. وتأثيث النص منفتح على مرجعيات متعددة: الميثولوجيا، الفلسفة، المحكيات الشفوية، الباروديا ، النزعة الكرنفالية ، العبث، الايروسية ، الحب،الحياة، الجنون… والممتع أن الشاعر يمزج بين الواقع والخيال،أو يعمل على تخييل اليومي والمكبوت، بل الحب يصير مزيجا من الاستيهامات الحسية والوجودية واللعب بالجسد يوازيه اللعب بالصور والمحسوسات،انفتاحا على أفق الغرابة وفوضى الحواس والمتخيل. فخلف هذا النسق الجمالي الغني ثمة وعي يروم تأسيس حضور مختلف، بل لا يتورع في نحت أفق شخصي مائز. نحن حيال مونولوغ شعري لا يكف عن خلخلة الحساسية الشعرية التقليدية، سجينة القيم الفنية المسكوكة،في أفق المزج بين الأنواع: السرد، الشعر، الفلسفة، الميراث اللاهوثي، الجد،الهزل، العبث، الخطاب العدمي، اليومي والآني والعابر، النصوص المهملة، المونولوغ…. هاهنا يكمن غنى النسيج الشعري القائم على التشظي والشذرية والظلال والايحاءات وغنى الخلفيات المعرفية والتصادي والتذويت.
نص فتحي مهذب
-هل حقا ستفرين مع قائد الأوركسترا محملة بسلال الكاكاو؟.
– هل ستحملين السوتيان الأحمر الذي قتل لصوصا كثرا؟.
– قبعتك التي تحدق في المارة النائمين.
– روحك التي بمترين ونصف.
– فستانك الباريسي المتخم بعطور النار.
– أكسسوارات الزينة وبرتقالة سهوك اليومي.
– ضحكتك المغرورقة بالدموع والصلاة.
– صوتك المليء بالفراولة.
– ما مصير الغزالة التي نسيتها في نصك الدادائي الأخير؟.
والثعلب القطبي الذي ألقمته نهديك الحارين؟.
– هل فعلا ستذهبين إلى سمرقند؟
تركبين البحر وتمسحين دموع الغرقى.
تتبعك عائلة مضطهدة من الدلافين
لحماية قاربك من الهذيان.
لتهذيب طبائع الأمواج في العتمة.
– المهم:
– سأطلق رصاصا حيا باتجاه فيلة الوداع الضخمة.
– سأنزع فلذة كبدي وأطعم نسر الجنون.
– سأنزع نظاراتي وأرمي عيني المتورمتين من شباك الطائرة.
– أنسيت كم إفترسنا من أرانب الساعات الحلوة.
– في الباص الذي يأكل المتناقضات مثل هزبر في السافانا.
في الحدائق التي تفكر مثل الرواقيين.
في الغابة التي يحكمها فهد النوستالجيا.
– كان قلبك سمكة مذعورة.
– وصدري أكواريوم من الزجاج والقصب.
– هواجسك تمطر باستمرار.
– صمتي يتكلم بفصاحة.
– يخطط لانقلاب معرفي.
– يطاردنا شرطي على ظهر نعامة
فاتحا زخات متتالية على ذكرياتنا المكتنزة بإيقاع السرد القصصي.
– يطاردنا مقاتلو طالبان بزجاج حارق.
– يطاردنا حفارو القبور بتوابيت من البلاستيك.
– مشركو قريش بقذائف الهاون.
– كنا نختفي في باخرة التايتنيك.
في الشتاء
– نذهب إلى الكنيسة على أطراف أصابعنا.
يعمدنا يسوع بخيوط شفيفة من الضوء.
يهدينا سلة من سمك السردين الطازج.
ويظل يستدرجنا بعينيه الزرقاوين إلى سرير بنات نعش.
بينما صلواتنا الهشة تتخبط في البهو.
– هل حقا ستفرين مثل ملكة بعد سقوط العرش؟.
تمضغين قلبي وترمينه للوحوش؟. .
تاركة كما هائلا من الثيران تجتر شراييني في الإصطبل. ؟
– الشتاء قادم يا حبيبتي
مثل مقاتل شركسي.
-المسرحيون ماتوا رميا بالرصاص.
– كلبنا باسط ذراعيه على عتبة النص.
يحرس مخيلتي من اللصوص والقراصنة.
أنا غاضب جدا يا حبيبتي
(سأقطع خصيتي وأرميهما في المرحاض).
– سأقتلع مؤخرة الغرسونة.
– النبيذ له طعم نهديك الساهرين.
-أعلم أنه سيكون شتاء قاسيا جدا.
مليئا بالسعال والسكاكين والبراز.
– سأبكي وحدي
مثل راهب من التيبت في مبغى.
الذين أحبهم ذهبوا إلى النسيان.
– القباطنة يهشمون الغيوم.
والمارة ينبحون بشراسة.
– سأطرد العزلة مثل بغي من حجرة النوم.
– سألاحقك يا حبيبتي
مثل فهد جائع.
– سأقتل قائد الأوركسترا بضربة فأس.
– الطقس غير ملائم بالمرة.
– هولاكو فوق سطح البيت.
– الزنوج يدقون الطبول بالجوار.
وأنا مصمم على حرب الشوارع
– لاسترداد تاجك أيتها الملكة
– خنق قائد الأوركسترا بأظافر مخيالي.