الاختيار
د.كمال يونس | القاهرة
كم عاني وكافح ذاك التقي حتى تخرج طبيبا ،حصل على دبلوم الأمراض الصدرية نجح من أول مرة ،ومعه نفر قليل ،كانت نسبة الرسوب مرتفعة لصعوبة الامتحان والممتحنين، تزوج من طبيبة بيطرية صالحة ،أنجبا ولدين ، أعلنت السفارة السعودية عن حاجتها لأطباء للعمل بالمملكة ،اجتاز المقابلة الشخصية ،كانت العلاقات بين السعودية ومصر متوترة،ولكن حدث صلح، أتي الملك لمصر،تم قبول كل من تقدموا للعمل ،سافر عامين ،تبدلت أحواله المادية ،انتقل لشقة في مكان راق ، وفي العام الثالث أحس بضيق في التنفس يزداد تدريجيا يوما عن يوم ، بعد فحص الأشعة تبين اصابته بورم في الغشاء البلوري المحيط بالرئتين ، بدأ رحلة العلاج من مرض هو متخصص فيه، كلفه العلاج كثيرا ،استجمع قواه وقرر أن يمتثل لأمر الله راضيا بقضائه ، اختار بمحض إرادته أن يتوقف عن العلاج ،خاصة وأنه مرض عضال يندر شفاؤه ليوفر مابقي من مدخراته لولديه الطفلين الصغيرين ، لم يستمع لتوسلات زوجته ومن حوله ، لم يرض أن يعانوا أو يمروا بما مر به في حياته ، عاش على المسكنات صابرا حتى لقى ربه،وتمر الأيام ويتخرج ولديه بتفوق في كلية الطب، لم يذوقا إلا الحرمان من أب نبيل ، في ظل أم لم تدخر وسعا ليكونا ناجحين وخير من يحمل ويخلد ذكرى أبيهما.