مقال

يامجنونة ياقوطة!!

#حكايات_الناس_والحاجات

الكاتبة شذى يحيى |  القاهرة 

الطماطم القوطة ..مسبكة ومجنونة.
حتى انت ياالى اسمك قوطة
بتذلى فيناو مبسوطة
حرام عليكى يا مجنونة
خليكى عاقلة ومظبوطة.
وشه احمر طمطماية ،ودانه حمرا زى الطماطم
سلطة وصلصة وتسبيكة بالتوم وبالبصل شوربة ومرقة ،فوق الكشرى وفوق الفتة فى المحشى والشكشوكة تبدو الطماطم كعنصر أصيل واساسى فى المطبخ المصرى على الأخص انها اساس الطبيخ الاحمر عشق المصريين الأكبر قرديحى بلا لحوم او بلحمة وزفر والذى يشكل مع طبق الارز والسلطة المحتوية هى أيضا على طماطم الوجبة المفضلة عند المصريين حتى صوانى السمك طبخت أصناف منها بالصلصة والبصل هذه الحقائق تجعل من الصعب التصديق ان عمر معرفة مصر بالطماطم لا يزيد عن قرن ونصف وانتشارها فى ربوعها كان بداية القرن العشرين .
عاملالنا أزمة وشبورة
وصبحتى فى السوق مشهورة
وكل يوم طالعة فى جورنال
ومنزلنلك كام صورة.
وجع بطنى ولا كب طبيخى .
دة طبايخى بيجرى على الافراح علشان ياكل .
للطماطم وهى نبات من فصيلة الباذنجانيات اسامى عدة هى طماطم من الاصل المكسيكى باسمها تاماتو وهى بندورة بلغة الشوام محرفة من اسمها الإيطالي بومادور ومعناها التفاح الذهبى وقبل ذلك كانت تسمى بالباذنجان الافرنجى او الارمنى فى عموم الدولة العثمانية والبرتقال الانجليزى فى العراق وهى قوطة او اوطة بلهجة القاهريين ويقال ان اصل الكلمة مصرى قديم بمعنى الفاكهة ويقال أيضا أن اصلها عربى بمعنى القفة


وعرفت اوربا الطماطم فى القرن السابع عشر واولع بها البنادقة الإيطاليين ونقلها معهم فى رحلاتهم التجارية إلى الشام ومصر وزرعها جون باركر القنصل البريطانى فى حلب فى الفترة من ١٧٩٩ إلى ١٨٢٥ وعلى الأرجح انتقلت زراعتها لمصر فى نفس الفترة لان الوجود المصرى فى الشام كان قويا فى نفس الفترة ،وفى النصف الثانى من القرن التاسع عشر ومع الوجود اليونانى والايطالى القوى فى مصر بدأت الطماطم فى الانتشار بمصر فى بيوت الأثرياء والأعيان ومع نهايات القرن التاسع عشر اصبحت معروفة للطبقة المتوسطة وأهل المدن .

دة مش بعيد بعد شوية
نشوف جنابك فى السيما.
لم تكن صلصة الطماطم هى الصلصة الأولى التى يعتمد عليها المصريين فقد عرفوا صلصة التمر الهندى وتقلية الخل والثوم و قلية البصل والفلفل المطبوخ المحفوظ بالزيت فى طعامهم وكانوا يطبخون الخضار بوصفات تخلو من الطماطم مثل الشلولو والرشتة والعدس المغروف والفريك والمخروطة والعصيدة والكشك ولكنهم عندما عرفوا الطبيخ الاحمر اصبح قوام اكلهم الأساسى.
فرقوه يفوح وكلوه يروح .
اذا كترت الالوان يبقا من طبيخ الجيران
يحكى الناقد الراحل عباس خضر فى مذكراته انه عندما كان طفلا لم يخرج من قريته فى الفيوم فى بدايات القرن العشرين فى فترة غلاء اسعار القطن تزوج اصحاب الاراضى فى قريته على زوجاتهم نساء مدنيات من البندر وكان اهم ما يميزهن هو المعرفة بكيفية طهى الطبيخ الاحمر بصلصة الطماطم وان أهل القرية كانوا ينتظرون مناسبة او وليمة فى بيت أى أحد من هؤلاء لكى يأكلوا من طبخ زوجته ومن هنا جاء وصف طبايخى لمن يعشق اكل الولائم والأفراح.


سرعان ما أجاد طباخين الافراح صنع التسبيكات بالصلصة عوضا عن نسوة البندر ثم اصبح الاكل المسبك بالطماطم فى كل بيت مصرى والطماطم الحمراء على كل الموائد ومصفاة الطماطم لزوم عصرها وتصفيتها قبل طبخها فى جهاز كل عروس اصبحت الطماطم فى اقل من مئة عام محصول استراتيجى وتوسعت زراعتها مع توسع الاستهلاك واصبح ثمنها مؤشرا على غلاء الأسعار ونقصها يذكر فى عناوين الصحف وبرامج التلفاز وتنوعت الشركات المنتجة لصلصة الطماطم بين القطاع العام مثل قها وادفينا والقطاع الخاص والصلصة المستوردة .
ولأن الطماطم محصول سريع التلف وسريع التأثر بالعوامل الجوية فان انخفاض وارتفاع المعروض منها يجعل التفاوت فى اسعارها بين ليلة وضحاها امر لا مفر منه ولذلك اسماها المصريين بالمجنونة وخزنوها فى المبردات وطبخوها كصلصة فى خزين المواسم .
اه يا خوفى منك يا طماطم
ليصرفوكى مع التموين.
يا مجنونة يا قوطة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى