سليمان في غارِ عَراءٍ

عوني عون | شاعر

لمْ أقفْ.. لا
لمْ أجدْهُ …

مرهقاً ردَّ عليَّ العنكبوتُ الكهلُ
منْ بينِ خيوطٍ ثمِلاً
يحسو ترابًا

قالَ : إرحلْ
– ما أنا آتٍ لأرحلْ
قالَ : إرحلْ
– فتثاءبْتُ كلصٍّ جاءَ يسألْ
قالَ : إرحلْ
ربّما ماتَ غيابًا،

قذفَتْهُ الومضَةُ القصوى سرابًا

كالذي يدنو على ما يُبعِدُ
***

لمْ أجدْ إلَّا عصَا
أثْلٍ تندّتْ
وسْطَ مستعْمرةِ النمل
ِ و راحَ الضوءُ في جمجمةٍ
زرقاءَ يعدو علّه
يصطادُ ما في قشّةِ الظلِّ طريدًا قلِقًا
حتى يحينَ الموعِدُ

لمْ أقف..ْ لا

لمْ أقفْ

رافقْتُ يومي و امتطيْنا
َ ظهْرَ كابوسٍ قصيرٍ
إنّما كانَ انثيالُ الأرضِ
تحتي يتكَررْ

فوقَ ضوءٍ يتكررْ

كلُّ ظلٍّ يتكررْ

بلْ هناكَ الوقتُ خلفي
جاثمٌ ينكشُ في الجمجمةِ
الزرقاءِ رملا يتكوَّرْ

هلْ تُرى الأزرقُ من
ْ فستانِ محبوبتهِ
أمْ فكرةِ
البحرِ الذي اعتادَ
إذا ما هزَّ في رغوتهِ
عبءَ المرايا يتكسَّرْ
***
لمْ أقفْ .. لا

لمْ أقفْ

لاحقْتُ ما يخفيهِ صوتٌ فرَّ خوفًا منْ سياطِ
الرعشَةِ الملئَى عفاريتًا ببردِ الصّمتِ كانتْ تلتحفْ

و تناديهِ

( سليمانُ – سليمانُ )

و لكنْ ظلَّ يمشي
لمْ يقلْ شيئًا و لم يخشَ
خطاهُ تعترفْ

و على شاطيءِ عينَيَّ
احتمالاتٌ عذارَى ترتجِفْ
مدَّها طرْقُ خروجِ النفخَة
الأولى على سكَّةِ لحنٍ
ٍ طالما راقصتُ في نوطتِهِ
عطرًا و عنبَرْ
و افترشْنا رئتِي حقلَ حريرٍ
و جريْنا و نمونا
مثْلَ كتّانٍ و مرمرْ

كانَ يحلو لسليمانَ تمطّي
الريحِ في قلعتِهِ و النملُ مصروعٌ
و وادي النملِ مقطوعٌ
بكفَّيْ نخلةٍ تخبزُ قرصَ الشمسِ في ظلّ الجريدِ المنثني ممَّا رمتهُ الريحُ فيها منْ جرائدْ

وحدَها الأخبارُ تقتاتُ الموائِدْ

***

أرِقا باتَ سليمانُ و في شرنقةِ الشمسِ ينامُ الهدهدُ

ليتَه جاءَ ليلقي النبأَ المكسورَ في أرضِ زجاجٍ
عُلِّمتْ منطقَ ألاَّ تُكشَفَ
السَّاقُ لسكّينٍ تلوّى منْ
مخاضِ الجرحِ لمّا يُولَدُ

لمْ أقفْ.. لا

لمْ أقفْ

أكملتُ يومي
بعْدَ أنْ واريت-ُ حزنًا- بالثرى الجمجمةَ الزرقاءَ
و الشمسُ أمامي تبرُدُ

و امتطيْتُ الظلَّ أخفي
كفّيَ الخجلَى بوجهي
وَ لئلَّا يغضبَ الضوءُ و يأتي الهدهدُ

فوداعًا يا أنايَ العنكبوتَ
الكهلَ حتّى يستفيقَ الموعدُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى