كبسولات لصناعة التفاؤل (1)

 

دكتور عادل المراغي| كاتب وأديب مصري
شاءت إرادة الله أن يتقلب الإنسان بين السراء والضراء والشدة والرخاء والخوف والرجاء والفرج والكرب والحزن والفرح والعافية والمرض ،قال تعالي:(لقد خلقنا الإنسان في كبد) أي يكابد في هذه الحياة ،وقال تعالي( يأيها الإنسان إنك كادح إلي ربك كدحا فملاقيه)
ومن حكمة الله تعالى أن جعل بعد العسر يسرا وبعد الخوف أمنا وبعد الشدة رخاء وبعد الكرب يأتي الفرج ،واذا رأيت الحبل يشد فاعلم أنه سينقطع ،واذا رأيت الصحراء تمتد.وتمتد فاعلم أن وراءها خضراء وارفة الظلال.
ومن لطائف الكتاب العزير أنه دعا لصناعة التفاؤل وزراعة الأمل في النفوس، وقلوب أصابها الجفاف،ولقد حكي القرآن الكريم نماذج من حياة الأنباء وكيف صنعوا التفاؤل ونشروا السعادة،فبث الطمأنينة والسكينة في النفوس وقت القلق منهج الأنبياء.
‏قال يوسف لأخيه : (إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) “
‏وقال شعيب لموسى : (لا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ )
وقال رسولنا لأبي بكر : ( لا تحزن إن الله معنا)
ولابد من بث روح البشرى والتفاؤل في قلوب الناس ،فالله عز وجل فرجه قريب (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد)
لله في كل طرفه عين ألف ألف فرج ،إنه ربي، فرجه في لمحة البصر، غوثه في لفتة النظر.
مابين طرفة عين وانتباهتها
يغير الله من حال إلي حال
وبكل تأكيد هذا البلاد سحابة صيف ستنقشع قريبا.
وقد صح عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: أنه قال : ” لن يغلب عسر يسرين ” .
وقال ابن مسعود : (والذي نفسي بيده ، لو كان العسر في حجر ، لطلبه اليسر حتى يدخل عليه ولن يغلب عسر يسرين ).
وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا من الروم ، وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر – رضي الله عنه – : أما بعد ، فإنهم مهما ينزل بعبد مؤمن من منزل شدة ، يجعل الله بعده فرجا ، وإنه لن يغلب عسر يسرين ، وإن الله تعالى يقول في كتابه : (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)
وقيل لعُمرَ رضي الله عنه: اشتدَّ القحْطُ وقَنَطَ الناسُ، فقال: الآن يُمْطَرون. وأخذ ذلك من هذه الآية (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)،
والإنسانَ لا يأتيه الفَرَجُ، ولا تُدركُه النجاةُ، إلا بعد إخفاقِ أملهِ في كلِّ ما كان يتوجِّه نحوه ، وعند انغلاقِ مطالبِهِ، وعَجْزِ حيلتِه، وتَنَاهِي ضَرِّهِ ومحنتِه، ليكونَ ذلك باعثًا له على صَرْفِ رجائِهِ أبدًا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وقد لهج صلاح الدين الأيوبي لما ادلهم الخطب وأظلمت الدنيا واستسلم لله رب العالمين قائلاً (اللهم إنه قد انقطعت الأسباب الأرضية ولم يبق إلا الإخلاد لذاتك العلية)
إذا الحادثات بلغن المدي* وكادت تذوب لهن المهج
وحل الوباء وعم البلاء * فعند التناهي يكون الفرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى