رحلة إلى الغابة

عبد الله الجيزاني | كاتب عراقي يقيم في لندن

 

ماذا يصير لو أني استعرت جناحين ؟

لأحلق بعيداً

إلى أبعد مدى

أبعد من البعيد كله

سيتبادر إلى الذهن

أني أهوى الطيران ،

ليس هذا الفعل يستهويني كثيراً

فأنا كنت في أغلب الأوقات أحلق وأنا جالس في مكاني أيضاً

أذهب إلى أبعد مدى يصله خيالي ،

لكني لم أر الغابة ولو لمرة واحدة بهذا الجمال ،

حينما استعرت الجناحين ،

اجتزت أغلب المسافات ،

طائراً تحت رحمة الأنواء ،

حتى وصلت بقعة من الكوكب الأرضي يسمونها غابة ،

ويزيدون في القول ،

إن الغابة فيها وحوش وضباع ضارية

وآنذاك تحضرني

( قصة ملك الغابة )

شرعت في دخولها

وجدت أبوابها مشرعة

للقاصي والداني ،

لا تحرسها الظنون ،

للوهلة الأولى تملكتني الرهبة

وهالني هذا الجمال الآخاذ ،

فيها كل ما تتمناه الأنفس طبيعة هائلة التفرد ،

حيوانات فوق الأليفة ووادعة

تناسق جمالي ،

يشبه موسيقى مبتكرة من عصر الانوار ،

أخذت أبحث عن ملك الغابة، لم أعثر عليه ،

وجدت كل مجموعة منشغلة بما لديها ،

ادهشتني ثلاثة لقطات سجلتهن في الذاكرة

الأولى كلب يحاول إنقاذ أحد الحيوانات من فصيلته سقط في حفرة عميقة وكافح حتى تمكن من انقاذه بعد جهد كبير،

والثاني حيوان ضخم جداً قد يكون وحيد القرن وامامه أصغر مخلوق وأضألهم حجماً واقف بثبات أمام الحيوان الضخم و بينهم حديث ذات شجون،

والثالث أخيراً رأيت ملك الغابة جالسا في مكان منعزل يسامر لبوته بكل رقة وهيام ،

استغرقت في التفكير،

لم أجد سيدا وعبيدا، ولم أر أشلاء وجثثا لحيوانات مقطعة ولا دماء ولا سجونا أو مقابرَ جماعية،

فاتني أن أقول إني لم أر حاشية تخدم الأسد

كما في مروياتنا لأنه سيد الغابة؛ بل كان عاشقاً مسترسلاً بعشقه، ساهياً عن المخلوقات ،

تأخر الوقت والعودة ستكون صعبة ،

رحت أبحث عن الأجنحة لتعيدني إلى بيتي ،

انقبضت روحي وتجهمت

لأنني أحببت هذا المكان

و ليس لي الرغبة بمفارقة هذه الجنة،

لقد غفلت عن مكان الجناحين الذين من المفترض

أن أعود طائراً مثل ما أتيت،

بقيت في حيرة من أمري

تجمهر حشد هائل من المخلوقات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة لمساعدتي لكي أعود سالماً وبعد جهد جاءت البشرى من طائر جميل وجد ضالتي

وودعتهم لأرجع إلى وطني وطن السيد والعبيد،

نحن في المشرق نؤرخ لعبوديتنا نخلق أصناماً ونعبدها،

في الغابة التي سميت وطنا زوراً

بعد أن خطفت من قبل حفنة من الأوغاد

عبر أزمنة مختلفة،

ولازلنا نلهث لحكم رشيد يعيش الناس في ظله

جميعهم أحرارا ومتساوون في الحقوق والواجبات

وما يقال عن الغابة ووحوشها الضارية أرحم ،

بكثير من الذين يعدون من البشر وهم متسلطون ،

قتلة، جلادون ، عسس ، خدم للحاكم المستبد

منذ زمن غارق بالقدم

تتسلط في بلداننا حثالة

لا تراعي أي قانون إلهي أو وضعي ،

سوى حب التسلط والمال !!

***

وتسألني ما الجديد عندك؟

أجبتها: الجديد عندي وخاتمة القول أن نحب بعضنا ونحمي بعضنا إزاء الكوارث التي تنزل بنا من كل صوب، وسلاحنا لمحاربة كل الأمراض الفتاكة جرعة كبيرة من الحب نغدق بها دون مقابل

هل نحن قادرون؟

وتبقى وجهة النص، وقلب الشاعر أيقونة العطاء لن يتوانى عن نشر الجديد لفظاً ومعنى

أغدق عاطفة،، أغدق بالحنان، أغدق بالابتسامة ، أغدق بالمودة ، أغدق بالرحمة ، أغدق أغدق

لتفيض أنهار الحب

حمام زاجل وورد جوري

يعربش على الشرفات

الناطرة لحظة وجد،

وقبلة صفاء

الشبابيك التي عاصرت عمرك ،

تبقى مشرعة تنتظر

إطلالتك مهما تأخرت ،

هي مفتاح الرغبة لما تبقى من السنين.. أهٍ كم توهمت في ملامحك ، مرات.. أحياناً يترأى لها من بعيد شيء ما يوحي قدومك ، تصرخ بلهفة للقياك لتضمك بعمق ، تفرح لثوانٍ ثم تقنط وتذعن بدون حراك .. القادم ليس أنت،

هل كان هذا وَهماً ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى