هَاتِي كَفَّكِ كَيْ أَرسُمَهُ

شعر: سائد ابوعبيد | فلسطين

مِنْ زَمَنٍ أَسمَعُهَا
كانتْ تَنغَمِسُ بِفِطرَتِها
كُلُّ جَوَارِحِهَا واثِبَةٌ بالإيضَاحِ بِلا نَمَطٍ مُتَّبَعٍ
تَسمُو لي بِعَمَيقِ الرُّؤيةِ فيها
الإِدهَاشُ مَزَايَاهَا ومَرَايَاهَا
فاحتدَمَتْ نَفسِي بِتَشَوُّقِهَا
كُنتُ أُطِيلُ النَّظرَ البَاحثَ في معنَاهَا
كُلُّ حَديثٍ مِنهَا يَأخُذُني لِمَدارِ الفِكرَةِ فيها
لِفَواحٍ أُدرِكُ وردتَهُ لا أدرِكُهُ
أَعرِفُهُ وأَعجَزُ كَيفَ أَعَرِّفُهُ
ذاتِي تَندِفعُ إِلى مُختَلِفٍ
يَمهَرُ في إِبقائي مُتَّسِقًا في بهوِ مَنَارَتِهَا
كنتُ أَخَافُ تَعَلُّقَ قلبي
في دائِرةٍ تُسقِطُني في مِحْوَرِ ضَوئِكِ
مَركزُ ضَوئِكِ لا أَبوابَ لَهُ
فخشِيتُ على نَفْسي أَنْ أَبقَى خَارجَ ذاتِكَ خارجَ ذَاتِي!
كَمْ يُتعِبُني اللا شيءُ! ..َ
كما لا أَرغَبُ مَنزِلَةً يَسكنُها أَهلُ الأَعرَافْ!
فَأَخَافُ
أَخَافُ
أَخَافُكِ من إِسقَاطٍ لي في عَدَمٍ يَصهَرُ فيَّ الأَشوَاقْ!
أَخشَى مِنْ مَحضِ الأَشيَاءِ على تيهٍ لَمْ يَأتِ إليهِ سِوايَ
ولم يَسبقْني طَيرٌ فيهِ
فَأُوغلُ خَطوِي لِلمَجهُولِ
إِلى عَدَمٍ مَشَّيتُ خُطايَ
فَلا أُحسِنُ رَجعًا لِرُؤَايْ!
آثَرتُ بَقَائِي مُلتَحِمًا بِقَصَائِدِ قَلبِي
هُنَّ المَأمَنُ لي
إِنْ عَينَيكِ نَأَتْ عَنْ صِلَتِي
واهتَرَأَ الحبلُ المُمْتَدُّ بِعِطركِ أينَ سَأَرسُو..
أَو أَخلُدُ في هذا التِّيهِ المَفتُوحْ؟
كَذَّابونَ على أَبوَابِكِ قَرَعُوا بابَكِ
عَبَثُوا بالنَّافذِةِ العُليَا
خَدَشُوا البَلَّورَ وأَلوَانَكِ
كَذَّابونَ تَداعُوا بالأَصواتِ الفَارِغَةِ
فَلا شَربَةَ مَاءٍ يَحتَفِظُ بِها الكَذَّابُونَ
فَلَمْ تَفتَحْ لِلكَاذِبِ بَابًا
مِنْ زَمَنٍ وأَنَا أَسمَعُهَا
أُسكِنُها بِرَحَابَةِ شِعْرِيْ
في الأَنفَاسِ وفي الإِحسَاسِ
بِشَيءٍ آخرَ لا أُدرِكُهُ!
هَاتِي كَفَّكِ كَيْ أَرسُمَهُ
وأُشَكِّلَهُ كَالطَّيرِ المُنْشِدِ عَنْ حُبْ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى