اللغة والثقافة
مصطفى سليمان/سوريا
للعقاد كتاب صغير الحجم جمّ الفائدة وهو: الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونانيين والعبريين. تناول فيه بالدراسات المقارنة الكتابة، والأبجدية، وكلمة النبوة المبكرة، والنحو وعلومه، والشعر وموسيقاه…وفيه كثير من القضايا الحساسة التي تتعلق بموضوعنا وبخاصة اللغة. ولقد سأل أحد أباطرة الصين الفيلسوف الشهير كونفوشيوس: ما السبيل إلى إصلاح المملكة ؟ فقال له: ابدأ باللغة . فاللغة هوية الشعوب، وبصمتها السرية، ولا أصابع بلا بصمات.
برج بابل اجتمع فيه سكان الأرض كلهم على لغة واحدة. وطاول عنان السماء، ثم تهدم البرج الأممي( برج العولمة القديمة!) بإرادة إلهية: “هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل. والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه.” / تكوين/11/ فتشتتت الأمم (وتبلبلت) ألسنتها ثم نشأت ألسنة جديدة خاصة بكل أمة. وهي قصة من قصص أساطير الأولين. وربما هي قصة رمزية تحاول تفسير نشوء اللغات الإنسانية كلغة واحدة الأصول، ثم اختلافها باختلاف الأعراق والأجناس البشرية واختلاف الأقاليم الجفرافية، وطبيعة عقليات الشعوب…فظهرت شعوب أخرى، بلغات أخرى في بقاع الأرض.
اللغة البشرية واكبت مسيرة الحضارة الإنسانية وتطورت بتطورها من العصور البدائية حتى عصور الاستقرار الحضاري على ضفاف الأنهار الكبرى في آسيا وأوروبا وأفريقيا والأمريكتين، ولكلٍّ من هذا الشعوب حضاراتها ولغاتها منذ النشأة الأولى البدائية حتى العصور الحديثة.
وقصة ظهور الإنسان على الأرض يحدده العلم بالملايين من السنين عن طرق الكربون المشع. مثل إنسان جاوا، ونياندرتال.
فتاريخ البشرعلى الأرض لا يمكن أن يكون، كما تذكره التوراة في أسفارها التأريخية الزمنية المتتابعة لبني البشر، محصوراً ببضعة آلاف من السنين منذ ( 5780 سنة وهو التقويم العبري اليوم) منذ خَلْق آدم وحواء، ثم حدوث الخطيئة الأولى والغضب الإلهي والحكم على الإنسان بالهبوط من الفردوس الأعلى إلى الأرض ليحيا فيها ويشقى ويعمرها بالشقاء والكد، ثم يتزوج ويلد ويموت, ثم يبعث حيًّا ليحاسب على ما قام به في الحياة الدنيا بعد أن عاش في الفردوس الأعلى سعيداً فيها. وهذا المصير كان بسبب عصيان الأمر الإلهي( لا تقربا هذه الشجرة): شجرة معرفة الخيروالشر،والخشية من أن يأكل من شجرة الحياة، فلا يموت!.
فأماعن( اللغة البشرية الأولى)، كما أشارإليها د.هادي حسين حمّودة – منتقداً- بأنها اللغة العربية، أوغيرها، فهي بحسب قوانين التطور الطبيعي للأجناس البشرية وحقائق الأشياء، وقوانين نشوء اللغات، وتطورها، لا يمكن أن تكون كذلك، لا هي ولاغيرها من لغات الأمم السابقة. فهناك حضارات عريقة لها تراثها اللغوي والثقافي العام، كحضارات فارس والصين والهند مثلاً.
وقد أعجبني الدكتورهادي في عدم رضاه عمن ينسب اللغات البشرية الأولى التي تفرعت عنها لغات الأرض إلى لغة بشرية بعينها، فكلٌّ- كما قال- ينطلق من مشاعر افتخار بدين أو ثقافة، أو بقوم ينتمي إليهم الباحث.
ويضيف: ” ولا تعجب من أن جميع اللغات المسماة سامية ماتت، أما العربية فقد بقيت، لأنها هي التي كانت قبل سام بن نوح.
ولي على هذا الحكم بعض الإضافات.
————
يتبع/