رسالة إلى أخي

م. محمود سيد قرني | مصر

أخى الحبيب ….كيف حالك

فلقد رأيتك فى المنام حزيناً فقمت من المنام مهموماً وباكيا ولما رأيتك بعدها فرحاً مستبشراً قمت من نومى شاكراً ومصليا

تلك هى الأخوة التى لم تنصفها الروايات ولا المؤلفات.

فكم من الكلمات والحكايات أنصفت أماً وكم من التكريمات والعبارات أنصفت أباً  وكم من المشاعر دللت أبنا  وكم من الثناء أعطيناه صديقا وكلهم ذوو حق وربما أولى ولكن فى القلب وفى الحياة كم علينا للأخ من حقوق.

فالأخ هو الأخ ولو ذقت مُرَّه وصديقك يبقى صديقك وإن ذقت حلوه، وربما تعلو الصداقة لحظات فوق الأخوة فتجد الصديق فى موضع كان الأجدر أن يكون أخاك فيه وهذا وإن كان لب الصداقة وجوهرها ولكن أيضا بدون تلك المواقف لا معنى تحمله الصداقة.

فالصداقة صناعة الأيام، أما الأخوةُ فهي لحمٌ و دمٌ؛ قلبٌ و روحٌ؛ فرحٌ و همٌ؛ ميلاد وموت

الأخوةُ رائحةُ أبيك واسمه ودعوات أمك وأحلامها وأمنياتُ أختكٍ وابتهالاتها. فالأخ هو الذى اختاره الله لعبده ونبيه موسى ليشد عضده به (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدك بِأَخِيك)؛ وجعله الله لشقيق يوسف سببا فى ذهاب همه وقد صار على وشك الاستعباد فيجد أخيه بجواره مبشرا ( قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) وكأن الأخوة وحدها تكفى لتكون دواءاً لعلاج البؤس بعدما صارت فى تلك الأيام فى بعض المنازل سببا فيه والله بنا أرحم وأعلم؛ وهذا خالد بن الوليد إسلامه يبدأ برسالة من أخيه يدعوه فيها إلى ما فيه نجاته ورفعته  يقول خالد فلما جاءنى كتاب أخى عمدت إلى رسول الله فسلمت عليه وأسلمت.

هذا هو أخوك وابن أبيك ذكريات الطفولة والصبا ضحككما وحزنكما معا فرحتكما بكيس الفاكهة عند دخول الأب وحزنكما عند أغلاق التلفاز لتناما مبكرا فرحتكما بأول لعبة يأتى بها الأب ثم تشاجركما عليها وأيكما يجلس بجوار أمه على المائدة وأيكما يجلس بجوار أبيه والفائز من يجلس بينهما خلافنا عمن يتسوق لإحضار الإفطار وطلبات الأم وخططنا للنجاة من العقاب عند ارتكاب ما يستحق العقاب.

الأخ هو أول صديق وأخر رفيق  وحضورٌ فى غيابك ودفاعٌ عند اتهامك؛ وشكواك التى تشكوها دون حواجز ودون ندم عليها.

وإن أجلَّ ما يورثه الأب لأبنائه هو الحب والعطاء والتسامح  ومنه يأتى التماسك فألم أخيك ألمك  وإنكساره إنكسارك ونجاحه نجاحك وهذا يوسف بعد كل ماحدث يقول لأبيه (وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) بعد أن نزغ الشيطان بينى وبين إخوتى وانتهت الحكاية لا تجريح ولا تبكيت  تلك هى الأخوة  وقصص القرآن لنا بها عبرة لعلنا نقتدى.

ومن كان ذا حظ وافر فى أخوته فإنه بالتأكيد لذو حظ أوفر فيمن غرس فى أبنائه تلك المعانى  فالتمسوا الرضا فى قلوب أخوتكم دون وسطاء وإن التمس أخيك من قلبك الرضا فضاعف له أنت الحب والمكانة ولا يجد منك وقد جاءك إلا ما يرضيه ويثلج صدره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى