الأقصى ما زال في دائرة الاستهداف

راسم عبيدات | القدس

ما زال الأقصى مستهدفاً بعد مرور واحد وخمسين عاماً على جريمة حرقه من قبل متطرف صهيوني من أصول استرالية يدعى مايكل روهان،حرق طال منبر صلاح الدين التاريخي …حرق كانت تعتقد رئيسة وزراء الإحتلال أنذاك غولدا مائير بأنه سيحرك كل مشاعر وعواطف الأمة العربية – الإسلامية، وبأن جيوشها ستزحف على القدس لتحريرها،وهي كما قالت لم تنم طول الليل خوفاً على مصير دولتها من زحف مرتقب للجيوش العربية والإسلامية، ولكنها اكتشفت بأن ذلك ليس سوى مجرد وهم، فهذه جيوش نمور من ورق،جيوش للزينة والإستعراضات تحمل على اكتافها وصدورها رتباً ونياشين لم تنلها لا في ساحات العز ولا ساحات الشرف،وكذلك وجدنا بأن هذه الأمة كغثاء السيل …وهي الزبد الذي لا ينفع الناس…..المهم الإستهداف الصهيوني للأقصى لم يتوقف وعلى مدار الساعة.

فقد ارتكب الصهاينة بحقه وبحق المصلين فيه أكثر من مجزرة ..وواصلوا الحفريات حوله وأسفله وخاصة في القسم الغربي منه،بما يهدد أساساته بالسقوط والإنهيار في أي هزة أرضية قد تحدث أو اختراق طائرات صهيونية لحاجز الصوت فوقه،وأقيمت من حوله الكنس والمباني التلمودية والتوراتية، وكذلك المشاريع والمخططات الإستيطانية بالقرب منه من أجل أن يبدو المشهد تلمودياً توراتياً صهيونياً وليس عربياً اسلاميا، وبالذات ما يسمى بمشروع ” بيت شتراوس”…حكومة الإحتلال وجماعاتها التلمودية والتوراتية وبدعم من هرم سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية…اعتبرت بأن الأقصى هو يمثل ما يسمونه بجبل الهيكل،وهو أقدس مكان لهم على حد زعمهم ،ولذلك بنوا خططهم ومشاريعهم على أساس التهويد الكلي له ،حيث التقسيم الزماني والذي نجحوا في فرضه كواقع في الأقصى ومن بعد ذلك انتقلوا الى محاولات فرض التقسيم المكاني، حيث جرت السيطرة على جزء من مقبرة باب الرحمة وتم تحويله إلى مسارات تلمودية وحدائق توراتية.. واستخدامه من أجل حفر قواعد ضخمة لأعمدة خرسانية تستخدم في إقامة ما يسمونه بالقطار الطائر” التلفريك” الذي يشرف ويظهر كل ما يجري في الأقصى، وكذلك القسم المستولى عليه من مقبرة باب الرحمة يخلق تواصلاً جغرافياً مع القبور والقصور الأمية، وكذلك مع ساحة حائط البراق التي جرى توسيعها،لكي يؤدي فيها أكبر عدد ممكن من الجماعات التلمودية والتوراتية طقوسهم وصلواتهم في تلك الساحة.

والمخطط يشمل السيطرة على كامل القسم الشرقي من المسجد الأقصى منطقة باب الرحمة،ثلث مساحة المسجد الأقصى، من أجل ايجاد موطىء قدم لهم هناك،بما يمكنهم من الإنتقال خطوة اخرى على طريق إقامة هيكلهم المزعوم،باب الرحمة منعت حكومة الإحتلال إعادة فتحه حيث جرى اغلاقه منذ عام 2003،ومنع إعادة استخدامه كمصلى وجزء أساسي من المسجد الأقصى،تحت حج وذرائع بأن هذا المكان يستخدم من قبل منظمة ” إرهابية”،وهو مقر استخدم من قبل لجنة العلوم والتراث،واستمر اغلاقه حتى شباط/2019،حيث قامت الجماهير المقدسية مع تهلنا وشعبنا في الداخل الفلسطيني- 48 – عبر هبة شعبية عارمة بإعادة فتحه من جديد،ولكن الإحتلال لم يسلم بذلك،وبقي يمنع الصلاة فيه ويعتقل كل من يؤدي الصلوات فيه ويبعده عن الأقصى والبلدة القديمة والقدس،ومن بعد ذلك عاودت شرطة الإحتلال إبلاغ مجلس دائرة الأوقاف الإسلامي بقرار محكمة الإحتلال في حزيران من العام الحالي بإعادة اغلاق باب الرحمة…فالهدف واضح الإستيلاء عليه لإقامة كنيس يهودي فيه، تمهيداً لمخطط إقامة الهيكل المزعوم.

الإقتحامات للأقصى وبمشاركة حاخامات واعضاء كنيست ووزراء للأقصى تكثفت،وأصبحت الجماعات التلمودية تقيم طقوساً وصلوات تلمودية في ساحاته، والبعض منهم يقيم طقوس زواج،وليصل الأمر حد رفع العلم الصهيوني من قبل البعض منهم واعتلاء قبة الصخرة المشرفة …ولكن كل ذلك لم يجعل المقدسيين يستسلمون ويرفعون الراية البيضاء، فهم يعتبرون الأقصى والمقدسات خط أحمر لا يجوز العبث به، وهدف العدو الصهيوني من الحرب المعلنة عليه،تحويل الصراع معه من صراع وجودي سياسي وطني الى صراع ديني،يستدعى تدخلاً دولياً ينشيء له حقوقاً في المسجد الأقصى،ولذلك نشهد عمليات اقتحام واسعة للأقصى و”بروفات” نفخ بالبوق …واتخاذ عقوبات كبيرة ومجحفة وظالمة، بحق كل من يتصدون للمقتحمين للأقصى من جماعات تلمودية وتوراتية، عقوبات أصبحت تطال رجال دين وعلماء، ولمدد طويلة تصل إلى ستة شهور قابلة للتجديد، ولم يعد فقط الإكتفاء بعقوبات الإعتقال او الإبعاد عن الأقصى، بل الإبعاد عن البلدة القديمة والقدس وفرض الغرامات الباهظة، وهذا يترافق مع حملة تنكيل وقمع بحق حراس الأقصى وسدنته وموظفيه ومسؤوليه، حيث الإعتقال والضرب والإبعاد، وكذلك منع الأوقاف الإسلامية من إجراء أي عملية اعمار أو ترميم في الأقصى ، وفقط للتذكير نقول انه من بداية هذا العام كان هناك اكثر من 261 عملية إبعاد، إبعاد عن الأقصى (223) عملية إبعاد،عن البلدة القديمة (28) عملية إبعاد، عن القدس (10) عمليات إبعاد،في حين عمليات الإقتحامات زادت عن 6500 عملية اقتحام منذ بداية العام.

الحرب على الأقصى مستمرة ومتواصلة،والهدف واضح التقدم نحو مشروع إقامة الهيكل المزعوم مكان المسجد القبلي، في البداية دون هدم القبة،على أن يجري هدمها لاحقاً عندما تتوفر الظروف المؤاتية لذلك، فالمحتل يعتقد أنه في ظل حالة الإنهيار للنظام الرسمي العربي المنهار” الذي نشهد تزاحمه واستماتته على تطبيع علاقاته العلنية والشرعية مع المحتل الصهيوني،كما شهدنا في التطبيع العلني الإماراتي – الإسرائيلي ،وما يستتبعه من انفراط عقد مسبحة هذا النظام المنهار،في دخول دول عربية وإسلامية اخرى على خط التطبيع العلني، والتخلي عن القضية الفلسطينية والقدس والأقصى، سيتمكن من تحقيق أهدافه ومخططاته في التقسيم المكاني للأقصى، ولكن هذا المحتل خبر إرادة المقدسيين جيداً،وهو يعرف أنه رغم كل ما يملكه من إمكانيات وقدرات، لكنها لن تنجح في كسر إرادة المقدسيين وتحطيم معنوياتهم، فهم من أفشلوا وهزموا مشروع البوابات الألكترونية على بوابات المسجد الأقصى في تموز/2017،وهم من أعادوا فتح باب الرحمة في هبة شباط /2019 ،وهم يدركون أيضاً بأن الحرب على قدسهم ومقدساتهم وفي المقدمة منها المسجد الأقصى لن تتوقف، ولذلك لسان حالهم يقول مشاريع ومخططات الإحتلال بحق القدس والأقصى لن تمر،وسنبقى الأوفياء والدرع الحامي والمدافع عن وجودنا ومحاولات طردنا وتهجيرنا من مدينة القدس، ولن نسمح بأن يتحول أقصانا الى مرتع للجماعات التلمودية والتوراتية، فهذا الأقصى عربي – إسلامي بكل مصاطبه وقبابه وساحاته ومصلياته وبمساحته المعروفة 144 دونماً، لا يشاركنا في ملكيته أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى