قراءة لوجه قصيدة الشاعر السوري “مهند مشعل ” شيء منك “

فائزة القادري | شاعرة وناقدة سورية

ٳذا كان الشّعر “مشعل” اََ ، يصير المسير على دروب الدّجى ديدناََ لانهائياََ .

والمسير في خيال الشاعر وعر ..ويعرف العزفُ إيقاعَ دبيب الأصابع جيداََ ..وتخبطَ الأجنحة مشاكسةََ الهواء ..ويحبو النبض على سجادة من حذر .

لنقرأ قصيدة لمهند ..لابد أن نقرأ مهند، وقد قرأناه لمرات عديدة ..بحكم صداقة هذه النوافذ الرائعة في الشبكة الشابكة .

إذ يشكل كل شاعر له إمارة موصوفة ولها ملامح  في ذهن قارئه .

وإذ نطرق بوابتَها، سيكون العنوان أول مراسم الاكتشاف .

“شيء منك” لن أكون بصدد تفسيرها ولا تكهن معاني حلولها، فقط أتصورها ..وأبتسم لحسنها الغريب ..وٲتعلم ٲن ٲخذ شيء والاحتفاء به وجعله عنواناََ هو بداية قصيدة تؤمن بالمحبة .

كم هي شاقّة، القراءة ..

وكم الاتجاهات مغرية ..

هل نمرّ بالأبيات بيتاََ بيتاََ ؟

أم نتصفح الصور الشّعرية ؟

أم نتسلق جبلاََ من المبنى والمعنى، ولانكترث بالأنفاس الشقية لما تصّعّد ؟

أم نقشّر الألفاظ لتبدو المفردات ودلالات اختيارها؟

أم نقطف الحروف ونسألها كيف اجتمعتِ لتكوني رماناََ ؟

أم نستمتع بشلال القافية ورويّها ونكسّر قصب السّكر  كلما تكسّر الحرف ؟

أم ننتقي الحِكم والعِبر لنحفظها ؟

هل يجرف البحر بكامل هيبته نهرَنا ؟

أم ننظر إلى أرواحنا في المرآة ونرى ما الذي تغير ..ما الأثر الذي حلّ بنا ؟

أنُخرج الشاعر منها ..أم نترك أنامله المغموسة في جرار الذّهب ؟

“وهواكِ طفل”  وغافِِ ..في جفوني ..

يبكي ..فأسكته ..بخبز شغافي .

الغفوة والطفولة والبراءة والجفون والهدهدة …مفردات أليفة ودودة ومقرّبة .

من يحمل هذا الطّفل في قافلته ؟

إنه السؤال الذي يقتفي الضوء ..

صوَّر الشاعر هذه المعضلة وهذاالتّيه أيّما تصوير ! 

يتابع ..

الموعد الكفيف، والقناديل المطفأة، والحنين الأكمه، تحتضنهما عبارة غاية في الرقة “عوافي ” مشتقة من العافية يفهمها الفرات ودجلة ومطالع الشرق الحنونة .

كأن الشاعر يثير حركة تجعل الالتفات مباغتاََ وسريعاََ كما يجب أن يكون ..في شفقة وعطف لامثيل لهما .

ولازال التساؤل يثير حزن القارئ ..

بحجج حقيقية وتبريرات حادة .

ياللصور التي رسمت هنا :

أرتب للقاء .!!!.

دمع الياسمينة حاف ..!!!

متكوّر كالصداع ..!!!

وب مفردة بارعة مبتكرة شافية للغليل  “اللايقاوم ” وشاف..  يكمل عجز الموعد والموعود به .

يستهل بعد هذا باسم استفهام، والاستفهام صاحب السؤال ..فمتى ..ومتى… 

في بيتين يدشّن أربع صور رائعة 

أجنحة الفراشة وهي تلتقي ..

والأصداف وهي تطبق على ذوبان الكحل ..الكحل مااختارها جزافاََ ..هو زينة لؤلؤتين تكحلتا برؤية الٲمنيات .

والمرفأ والسفينة والاستقرار بعد سفر وكثيراََ ما يستثمر مهند مفردة مرفأ ..

وتلازم النون عندها والكاف عنده في كن …ليكون 

وكلها صور حميمية عذبة .وكل هذه الصور بلا عيون تسير ..فقط لتلتقي .

وياللتعب إذ صوره هنا !

برد ..خيام ..مناف ..خيول ..

جفاف ..بُعد ..بمقابل أمان مثل وطن وأريكة ولحاف .

أمنية كبيرة ” وطن “

وأصغر من ذلك بكثير 

مقتنعاََ بأريكة ولحاف للبرد  فقط .

هنا شممنا عبير التعب ..ولفحتنا ريحه .ومسّنا برده.

ثم وثم البيت الذي اعتبرتُه بيت القصيد ..

ال أنا والحظ دوما مفترقان ملتقيان 

لا استقرار ولا سكينة ..

الله على جمال الصورة.. الله 

ينتقل بنا مزاج الشاعر إلى جوِِّ ماطر يبلل كل هذا الجفاف؛ فمطر ونمو قصيدة ومرج قواف ودفء وإطار شاعري دافئ.. هي ذي حال الروح الشاعرة اللدنة وهي تتقلب بين أصبعي الهوى وتكتب للذكريات الشتائية، وهاهو ذا الدُّجى في العيون يكتب بيته وسره ويرخي سدوله الحريرية .

والحقول للشاعر يطوف بمواسمها ويحصد بركتها.

و يحاكي سنابلها الخيّرة..

ٲما “الحقل الحرام المقدس ..”

فمقاربة رائعة لتثمين ما يشعر به .

وموعظة وناسك ..

أنفاس صوفية متسامية 

في حرير كمدى بلا أطراف، كليل بلا نهايات … وهنا يقترب من تفاصيل ربة هواه ..شعرها ..ثم شفتاها ..

مؤكدا الشِّعر:  أنه نهر كامل اللهفة وله ضفاف .

صورة دقيقة ..دقيقة جدا .

الضفاف قصيدة أشهى، وفصحى، ومرتع أيائل الحماقات.. و”عفافي ” التي اختارها بجمالها البديع وهي تقابل الحماقة وتغلبها ..وربما كان السمّ ترياقاََ ٲو معنى يفيد التضاد .؟ التضاد بديع يعطي انطباعاََ عجيباََ ..

يتابع الشعر مسيره نحو النبل ..

فالإنصاف قوت الهوى الأطيب .

والعدل في بلاده .

واختياره للٳنصاف بعدالحماقة والسم معالجة نفسية لحبكة هنا ؟ 

والختم والختام بقفلة لابد أن تكون قاصمة للمعاني، وتشظي جمالها إلى فتات من ضياء .

يلم  الفلسفة فيجدها متناقضة وتتسرب من بين يديه ..

الله على البلاغة هنا ..

الماء لا يقبض عليه ..نعم 

والصفات المائية شفافة وهاربة في آن واحد .

ثم الطين الذي هو خل الماء..  ولا يتشكل بدون ماء بيد الخزاف .

أستطيع هنا قولاََ  وعين الرّضا تتبعني :

إنها تحفة .

والشّاعر ..ال مهند خزّافها الماهر .

“شيء منك” في تحفة ..

و متحفها تاريخ الشاعر الشعري وذاكرة قارئ  .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى