أين خارطة إنجازات الوطن؟
أحلام الدميني | اليمن
منذ أكثر من نصف قرن من قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر 62م و63م، وثلاثون عاما منذ قيام الوحدة اليمنية 90م، كانت وظلت الدلة اليمنية في وضع غير واضح ومبهم لما حدث ويحدث لها، نتيجة غياب خارطة حقيقية ومتكاملة لإنجازات الوطن، والتي أوجدت مراحل رئيسية ومتقطعة لأنظمة وحكومات متعاقبة لعمر الدولة اليمنية، لتنتج في كل مرحلة رئيسية معطيات متكاملة ونتائج مختلفة جعلت من اليمن (دولة وشعب) دون استقرار مستدام.
وهو ما كان واضحا من حصاد لتلك الإنجازات في العقد الأخير عند معظم الدول العربية والتي من ضمنها اليمن، حيث أوجدت مطلب عند الشعوب حول أين خارطة إنحازات ومشاريع كل الوطن؟ والتي بفهم المواطن البسيط تعني الحياة الكريمة والوضع المعيشي والاقتصادي المستقر والمستدام. وبفهم الدولة ومؤسساتها تعني مشاريع التنمية الشاملة والاستقرار الشامل لكل الجوانب والمجالات المتعددة.
إلا أن كل هذا لم يحدث، الأمر الذي جعل حالة كل دولة عربية بعد ثورات الربيع العربي مخالفة مضمونا عن الآخر ومتفقة شكلا نتيجة السيناريوهات التي تمت في كل دولة، وبالتالي ما جرى لتلك الدول من حصاد لإنجازاتها منذ أن استقلت أو توحدت إلى تلك الفترة كانت نتيجة أن تحركات كل دولة وشعب قد وصلا إلى مرحلة التشبع والتراكمات والحروب والأزمات …الخ، لتجعله وتضعه أمام حقيقة واحدة بأن الوطن دون خارطة متكاملة لإنجازاته سواءً أكان نظام حكم أو حكومات أو مؤسسات …الخ، وهو ماتبين وحدث لليمن منذ 2011م عندما كان كلا من الدولة ك( أحزاب سلطة ومعارضة) والشعب ك( محافظات ومديريات) في الحضر والأرياف بحاجة إلى مشروع وطني متكامل وجديد، يحقق لهما التحديث في المعطيات ويوفر ظروف مناسبة لوضع الأهداف المنشودة، لتخرج بوضع طبيعي وعالمي لقيام دولة مدنية حديثة وجامعة، ماجعلهم يبحثون عن أفضل (نموذج لتجارب بعض الدول الناجحة)، ليستطيعوا حل تلك المشاكل والتراكمات جذريا والتي ظلت منذ عقود ماضية، لتسبب تأخر كل من الدولة ومؤسساتها والشعب في أن يتوازى ويتقارن مع بقية دول المنطقة والعالم التي استقلت من بعده ك(سنغافورة) في 9 أغسطس 1965م والتي أصبحت من أفضل دول العالم في جودة التعليم ومستوى معيشة المواطن أو التي توحدت من بعده ك(ألمانيا) في 3أكتوبر 1990م، والتي أصبحت أول دولة اقتصادية في قارة أوروبا، واللتان كدولتان ضربتا مثلا للشعوب وللدولة في التحول الصحيح والمسار السليم ليخرجوا من ما كان موجوداً لديهم قبل النهضة، نتيجة أن كليهما كانتا تمتلكان رؤية وخارطة إنجازات ومشاريع حقيقية للوطن والمواطن.
بالمقابل نجد أن (المخرحات النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل)جاءت لتحقق إنجاز لكل اليمنيين نتيجة البحث العلمي والمتخصص والشامل لكل المحاور الموجودة في مؤتمر الحوار لتخرج ب(إيجابيات شاملة) دون أخطاء أو تكرار أو تراكمات ..الخ.
والتي عملياً تم إنجازها كمشروع، لكن دون معرفة ووضع آلية لتنفيذها علمياً وعملياً معاً عند الدولة والشعب، والسبب هو أن من حققوا تلك المخرجات النهائية سواء ل(الدولة ومؤسستها أو والمواطن والشعب). لم تكن توجد لديهم خارطة لإنجازات الوطن. وبالتالي كانت خارطة المستقبل غير واضحة ومبهمة كما هي كل مرحلة رئيسية من مراحل عمر الدولة اليمنية منذ تأسيسها وحتى اليوم.
لأنها لم تأخذ التخطيط الاستراتيجي القومي المستقر والمستدام لدى عقلية أي نظام أو مسؤول سواء منذ بداية الثورة اليمنية أو الوحدة أو مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
ولأن الجميع واجه صعوبة في كيفية فهم وبناء وإدارة الدولة ومؤسساتها بالشكل المتميز والأفضل، نتيجة التراكمات وترحيل المشاكل وغياب المعالجات الجذرية رغم وجود شرعية الدستور والنظام والقانون والشعب، ولأن الجميع لم يستطيعوا أن يتفقوا على بداية حقيقية واضحة مبنية على معايير ومقومات(محلية – إقليمية- دولية) تتبنى وتُنجح المشروع الوطني لبناء الدولة المدنية والجامعة للشعب.
وبالتالي ظل العقد الأخير حصاد وخلاصة لخارطة إنجازات ثورة سبتمبر وأكتوبر والوحدة ومؤتمر الحوار الوطني الشامل (والمتغيرات الداخلية والخارجية فترة الحرب)، لتضع المراحله الرئيسية من 2011- 2014 بداية للبحث عن إنجاز تمثل بمشروع وطني حقيقي وجامع من صنع اليمنيين، إلا أن ما جاء بعده وحتى اليوم من الجميع أكد أن هذا المشروع ما كان إلا بمثابة معيار ومقياس حقيقي لمدى فهم الأطراف السياسية والحزبية في فهمهم للمشروع الذي أنجزوه، وفي قدرتهم وإدارتهم لدولة والشعب لتغليب النصلحة الوطنية العليا.
الأمر الذي جعل اليمن داخليا وخارجيا ينظر له بأنه في حلقة مفرغة بين من يحكم وكيف يحكم، مما أنعكس على كل مواطن في أن يتحقق له منصب المواطن المستقر والمحب لوطنه، ولكل مسؤول في أن يمتلك رؤية ومشروع وإنجاز حقيقي ومتكامل، لبناء وطن حقيقي مكون من (دولة وشعب) لذلك الجميع مطالب بإيجاد خارطة لإنجاز الوطن والتي ظلت مبهمة وغير واضحة وناقصة وغير منجزة…الخ، جعلت من الجميع دائما يفكر في الماضي رغم زواله، ولا يفكر في المستقبل رغم قدومه.
وبالتالي وكما استطاع الجميع البحث عن مشروع وطني يحل جذريا تراكمات الماضي، فلماذا لا يبحث الجميع عن كيف وأين ومتى يبدأون في وضع خارطة حقيقية دون تشويه لإنجازات الوطن؟ لتبرز معرفة المسؤول بمنصبه كمشروع وإنجاز، وتبرز معرفة المواطن بمنصبه كوعي وطني متكامل والذي في حال اكتملا وتكاملا، فهم كلا منهما دوره في وضع وبناء تلك الخارطة المفقودة اليوم للأجيال الموجوده، سواء في الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية..الخ.
لأن العالم المتقدم اليوم وفي المستقبل أصبح قادراً على خلق وتغيير دول وأنظمة وشعوب نتيجة التقدم العلمي والتكنولوجي والرقمي والسياسة والإدارة والإقتصاد والإعلام والمال ولغة المصالح المشتركة التي ظل المسؤول والمواطن اليمني يجهلها رغم معايشته وعلمه بها اليوم.
أخيراً، عندما يصل الجميع إلى النوايا الصادقة والأعمال الصالحة ويكون وضع الوطن (دولة وشعب)، كما إنجازات ومشاريع سنغافورة وألمانيا
ملموسة وحقيقية وواقعية سيدركون بأنهم على وعي كافي، وبأنهم ليسوا بحاجة إلى أن يسألوا أين خارطة إنجازات الوطن؟ لأنها واقع ملموس وحقيقي عند الجميع.