ما دلالة إثبات الياء وحذفها في سورتي الإسراء والأعراف؟ وما دلالة التركيب (أرأيتك)؟
ماجد الدجاني| فلسطين
قال الله تعالى: (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ (97) الإسراء) /و(مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف)؟
المهتدي أطول من المهتدِ. لما يكون أطول يكون فيه هداية أكثر إضافة إلى أمر آخر. نضرب مثالاً: (مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي (178) الأعراف) قبلها قال (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) الأعراف) هذا الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها هل كان مهتدياً أول مرة أم لا؟ كان مهتدياً لكن كان يحتاج إلى قدر من الهداية أكبر حتى لا ينسلخ لذلك عقّب عليها بـ (المهتدي) لأن الهداية التي كانت عنده ما عصمته من الإنسلاخ فكان يريد هداية أكثر وأطول حتى يرسخ ولا يزل ولا يضل لذلك عقب (فهو المهتدي) مثل قوله تعالى (ذلك ما كنا نبغي). أما في سورة الإسراء (فهو المهتدِ) في قوله تعالى (وَمَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97) الإسراء) هؤلاء من أصحاب النار. ما الذي ينجي من الخلود في النار؟ أن يكون عنده هداية بسيطة (شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله) وقسم من الفروض. كانت تكفيهم قدر بسيط من الهداية يخرجهم من هذا. أما ذاك فكان يحتاج إلى هداية كبيرة حتى لا ينسلخ، أما هؤلاء فتكفيهم هداية قليلة.
من الناحية النحوية الإعرابية (المهتدِ) تقدّر الحركة على الياء المحذوفة (فهو المهتد: المهتد خبر مرفوع بالضمة المقدرة على الياء المحذوفة).
ثم هناك إضافة إلى ما ذكرنا ما نسميه السمة التعبيرية للسورة مثلاً سورة مريم فيها الرحمة من أولها إلى آخرها. لو أخذنا سورة الأعراف وسورة الإسراء والكهف نلاحظ لفظ الهداية تردد في الأعراف أكثر من ما تردد في الإسراء وفي الكهف. في الأعراف 17 مرة وفي الإسراء 8 مرات وفي الكهف 6 مرات أي مجموع ما تردد في السورتين الإسراء والكهف 14 مرة فلما تردد لفظ الهداية أكثر في الأعراف زا
متى تثبت الياء ومتى تحذف كما في قوله (أخّرتني، أخرتنِ)؟
قال تعالى:(فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ (10) المنافقون) وإبليس قال (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62) الإسراء) بدون ياء. مَنْ من هذين الذين يطلبون التأخير هو في مصلحة نفسه؟ الأول لأنه قال (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ) أما الثاني أي إبليس فليس في مصلحة نفسه وإنما (لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) فلما كان الأمر لنفسه أظهر نفسه (أخرتني). إضافة إلى أن (لولا) من أدوات الطلب والتحضيض، طلب صريح، (لولا وألا) من أدوات الطلب والتحضيض. (لئن) طلب ضمني، هذا شرط مسبوق بقسم، هذا طلب ضمني وليس طلباً صريحاً. أما لولا فهو طلب صريح (لولا أخرتني). فلما كان الطلب صريحاً أظهر الياء صراحة ولما كان في الثانية إشارة إلى الطلب هو أشار إلى ضمير المتكلم (أخرتنِ). إذن عند التصريح صرّح وعند الإشارة أشار. إذن إظهار الياء في المواطن الجلل.
°°°°
ما دلالة تركيب الفعل (أَرَأَيْتَكَ)؟
° فعل (أرى) المضارع يتعدى بمفعول أو مفعولين وأرى بصيغة الماضي يتعدى بمفعولين أو ثلاث، وفي صيغة الاستفهام أأرأيت، كيف تم تركيبة الصيغة (أرأيتك) في سورة الإسراء (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ (62)
الفعل(رأى) ممكن أن تكون للرؤية البصرية كأن تقول: أرأيت زيداً؟ أشاهدته؟ وممكن أن تكون للرؤية القلبية تكون بمعنى علِم (أرأيت زيداً نجح؟) يعني أعلمت زيداً نجح؟ فلما يدخل على (رأيت) الكاف (أرأيتَكَ) الكاف للخطاب والتاء للخطاب كأنه يقول له: أرأيت نفسك؟ لو قال أرأيتُك بمعنى أنا أراك لكن لما فتح التاء وجاءت الكاف كأنه يقول له أرأيت نفسك؟ ولكن العرب أخرجتها عن صورتها الظاهرة واستعملتها بمعنى أعلمني أو أخبرني. يقول له أرأيتك إذا جاء زيد هل ستكرمه كما أكرمت أخاه؟ أخبرني مع شيء من التأكيد، مع شيء من التعجب من إكرامه الأول وأحياناً يكون فيه نوع من التبكيت يعني (أرأيتك) ستفعل هذا مع فلان مع فعلته مع فلان؟ كأنه لم يُكرم فلاناً فهل ستتصرف بعين هذا التصرف؟. واقع الحال هو الذي يبين المعنى الدقيق لهذا هل فيه نوع من التبكيت أو هو للتعجيب أو هو لمجرد الإستخبار بمعنى أخبرني. أرأيتك وردت في القرآن الكريم لكن على ورد على غير معنى أخبرني. العرب تصرفت في الكلمة تصرفاً عجيباً والقرآن نزل بلغتهم.
لما يأتي في سورة الإسراء على لسان إبليس قال (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً (62)) نسأل الله تعالى أن يجعلنا جميعا من هؤلاء القليل.
لما يخاطب رب العزة (أرأيتك) هو لا يريد أن يقول له أرأيت نفسك؟ ولا يريد أن يقول له أخبرني وإنما كأنما يريد أن يقول لله سبحانه وتعالى: أترى هذا الذي جعلته مكرّماً عليّ أني سأخبرك، سأقول لك كلاماً يقينياً بشأنه لأحتنكن ذريته. فإذن هو في هذه الحالة كأنما نوع من التنبيه أو التأكيد أو لفت النظر إلى هذا الإنسان وهذا نستعمله نحن في العامية أحياناً لما تقول للشخص: شايف إبنك هذا إذا بقي هكذا لن يتقدم. يعني إني سأخبرك شيئاً يقينياً بشأن ولدك هذا.إذا بقي هكذا فلن يتقدم. وهذا ليس سؤالاً.
(أرأيتك) الهمزة همزة سؤال لكنه لا يريد استفهاماً إنما يريد تقرير شيء. هذا الفعل استعمل بهذه الطريقة وقد خرج عن ظاهره يعني هو ليس بمعنى الرؤية المنسوبة لمخاطب في الحالين (أرأيتكَ وأرأيتكم) والعرب تصرفت فيه فقالت أرأيتَك وأرأيتِك وأرأيتكما وأرأيتكم وأريتكن. إعرابها: التاء يقولون فاعل والكاف للخطاب لا محل له من الإعراب ولا يكون مفعولاً به. هنا بمعنى أخبرني يذصب مفعولاً واحداً أخبرني الأمر.
(أرأيتك) هي صيغة خاصة تكوينها الأصلي: تاء المخاطب (الفاعل) وجاءت الضمائر بعد ذلك لبيان الأعداد: أرأيتكَ للمخاطب الواحد، أرأيتكِ للمخاطبة، أرأيتكما للمثنى، أرأيتكم للجمع المذكر، أرأيتكن للجمع المؤنث، وفيها كلها جاءت التاء مفتوحة. (أرأيتُكم) هذه بضم التاء صارت للمتكلم، أي هل شاهدتكم ؟ ما استعلمت بهذه الصورة وكلها جاءت مفتوحة بالتاء.
جزاكم الله خيرا على المعلومة