شيطنة العرب والمسلمين

جميل السلحوت | فلسطين

 

بداية يجب التأكيد على إدانة الإرهاب بكافة أشكاله ومسمياته، وبغض النظر عن جنسية أو لون، أو دين ضحاياه ومرتكبيه، مع ضرورة التمييز بين الارهاب وبين أعمال المقاومة التي تقرّها الشرائع السماوية والقانون الدولي، وبالتأكيد فإنّ الإرهاب الذي تمارسه الدول هو أبشع أنواع الإرهاب وأكثرها فتكا.

ويلاحظ أنّ الإعلام الغربي يركّز على شيطنة العرب والمسلمين كشعوب وكأمّة وكدين عند قيام أيّ عربي أو مسلم بأي جريمة فردية وبغض النظر عن أسبابها ودوافعها، في حين يغضّون النظر عن الأعمال الإرهابية التي يمارسها غير العرب والمسلمين، وتمرّ جرائمهم كخبر عاديّ دون وصف تلك الجرائم بالإرهاب، ودون الإساءة لشعب وأمّة وديانة المجرم.

فأن يقوم أحد اليمينيين البريطانيين مثلا عام 2016 بقتل عضو برلمان بريطانيّة، وطعن آخر فهذا ليس إرهابا، لأنّ المجرم بريطانيّ أبيض البشرة مسيحي الديانة، بينما لو قام بها أحد المسلمين البريطانيين لتجنّدت وسائل الإعلام الغربية لتجريم العرب والمسلمين والإسلام ودمغهم بالإرهاب.

وأن تقوم دول النّاتو بتمويل وتدريب وتسليح إرهابيّين لممارسة القتل والتّدمير في سوريا والعراق وليبيا وغيرها فهذه أعمال “إنسانيّة” حسب “الديموقراطيات الغربيّة، لتحرير الشّعوب من الأنظمة “الدكتاتورية.”

تماما مثلما قامت أمريكا وحلفاؤها عام 2003 بغزو العراق وتدميره واحتلاله وهدمه كدولة، وقتل وتشريد الملايين من شعبه، وإسقاط نظامه الحاكم، وتسليمه لمجموعة من اللصوص والسّراق، وإدخاله في صراعات طائفية تمهيدا لتقسيمه، فهذا “تحرير للعراق من النظام الدكتاتوري”! حسب زعمهم. أمّا الجرائم التي يرتكبها وكلاؤهم في العراق فهي”لبناء عراق حرّ وديموقراطي!”

وأن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل في مختلف المجالات لتكريس احتلالها لأراضي الدّولة الفلسطينيّة العتيدة، فهذا دعم “لواحة الديموقراطية في الشرق الأوسط!” وأعمال المستوطنين الإسرائيليين الإجرامية في الأراضي المحتلة ليست إرهابا! والاحتلال وجرائمه ليس إرهاب دولة! بينما الإرهاب هو مقاومة الاحتلال! وسعي الشّعب الفلسطيني لتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة كبقية الشعوب إرهاب!، ومن يدعم مقاومة الاحتلال سواء أكان دولة أو غيرها إرهابي!

والقتل الجماعي للمسلمين في بورما وغيرها ليس إرهابا. ولا إدانة للبوذيين عليه، والسبب أنّ المجرمين ليسوا عربا ولا مسلمين.

وانتخاب إسرائيل لرئاسة اللجنة القانونية في الأمم المتحدة مع أنّها لم تحترم القانون الدولي يوما في تاريخها، خدمة للسلم العالمي وتشجيع لحكومة إسرائيل اليمينية للرضوخ لمتطلبات السلام العادل، بينما قيام بعض الدّول والمؤسسات بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة بالقوّة العسكريّة الاحتلالية على الأراضي الفلسطينية، عمل إرهابي لا ساميّ وخرق لقوانين التجارة العالمي.

صحيح أنّ بعض جماعات الإسلام السياسي كالدواعش وأخواتها قامت وتقوم بأعمال إرهابية يندى لها جبين الإنسانيّة، وهي مدانة من عقلاء العرب والمسلمين كلهم. لكن من أسّس هذه الجماعات؟ ومن يسلحها؟ ومن يدربها؟ ومن يموّلها؟ أليست دول الناتو وحلفاء أمريكا في المنطقة؟ ولماذا لا يتم تجفيف منابع الإرهاب؟ ولماذا لا يتمّ البحث عن أسباب الأعمال الإرهابيّة والعمل على حلّها؟ وأيّهما أشدّ خطورة على السلم العالميّ ارهاب الأفراد والجماعات أم إرهاب الدّول؟ صحيح أنّ المفاضلة هنا بين شرّين، لكن إرهاب الدّول هو من خلق إرهاب الأفراد والجماعات.

وهل نهب ثروات الشّعوب النّامية من قبل الدّول الكبرى إرهاب أم لا؟

ولماذا يتوقف القانون الدّولي عند حقوق العرب والمسلمين وكل الشّعوب المستضعفة؟

ولماذا تتهرّب من تزعم أنّها حامية لحقوق الإنسان وللديموقراطيات من تعريف الإرهاب؟

إن شيطنة العرب والمسلمين، ومعاداة الديانة الاسلامية سياسة مبرمجة ومدروسة، لتخلق ردود فعل تبرّر الحروب الامبريالية على المنطقة، لتكريس السيطرة عليها كموقع استراتيجي يتوسط العالم، ولنهب ثروات وخيرات هذه البلدان وفي مقدمتها النفط، ولا شكّ أنّ وكلاء أمريكا يسهلّون هذه المهمة، ويستغلون جهل جماعات “الاسلام السّياسي” لتبرير وترويج وترسيخ ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى