زياد خداش.. الكتابة فن الإدهاش والتماهي مع الروح الإنسانية

محمد زحايكة | فلسطين

قد تكون معرفة الصاحب الشخصية بالكاتب المبدع زياد خداش معرفة عادية وسطحية إلا أنه من خلال متابعة الصاحب لكتاباته الذهبية وخاصة في صحيفة الأيام الفلسطينية، أصبح الصاحب -كبرت حداه- من المدمنين على هذه المقالات ذات الصبغة الأدبية والأسلوب المختلف والمحير في تناول الأشياء.
فالكاتب لديه قدرة عجيبة على خلط الواقع بالخيال وبصورة بهيجة أو فيها من الأسى الذي لا ينتسى، وهو يحلق بالقارئ في دنيا تشبه دنيا الأحلام حيث يصف أشياء مدهشة وغريبة وعجيبة كالتي تداهمنا في عالم الاحلام وفي المنامات الوحشة أو المنامات والاحلام السعيدة.
والصاحب يذكر لقاء وحيد -بربه- جمعه مع هذا الكاتب المتميز والنبيل والمثقف الدمث الشفاف والمرهف الحس والرهيف والرقيق الذي يستخدم لغة أقرب إلى الرومانسية الحالمة ويفرد مساحة هامة لهواجس الفتاة أو المرأة وكينونتها كإنسان كامل يجب أن يتبوأ مكانته في إدارة المجتمع والنهوض به من وهدة التخلف والانغلاق. ويظن الصاحب ان اللقاء حصل في مطعم شقيرة -اذا كان هذا الاسم دقيقا- في رام الله القديمة نواحي مطعم دارنا الشهير وانه تم في هذه الأمسية الجميلة التي حضرها مجموعة من الكتاب والصحفيين من منطقة رام الله في اغلبهم من بينهم الاعلامي والكاتب الجهبذ حافظ البرغوثي ابو منصور رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة في ذلك الوقت، حيث تكونت فكرة بسيطة لدى الصاحب عن زياد خداش، الكاتب الجاد والشخصية الخجولة المحبة للانسان بغض النظر عن جنسه ولونه وانتمائه الطائفي او الفكري.

وربما كان هذا اللقاء بعد عودة السلطة الوطنية الفلسطينية “المظفرة” إلى أرض الوطن حيث تم “لهط” المشاوي الفاخرة مع كؤوس الجعة ..احتفاء بدخول رجالات السلطة المظفر.. يخزي العين عنهم
بدأ خداش في هذا اللقاء شديد التواضع، مقل في الحديث رغم انه يعمل في التدريس وينحو منحى الإبداع والتفكير خارج الصندوق في هذا المجال ويحث ويحرض طلابه وطالباته على تشغيل “البطيخة” التي ينتعها كل واحد منهم فوق رأسه وعدم التسليم بالاشياء كما هي وإنما البحث والتقصي واعمال العقل لاستنباط حلول ابداعية للمشاكل ومواجهة مصاعب الحياة بفكر حر مستنير وتقديس حرية الرأي واحترام أفكار وقناعات الآخرين وتقبل الاخر كما هو .
ومن خلال متابعة مقالات خداش وإسهاماته الإبداعية في الأدب نلحظ هذه الروح الجديدة النورانية التي تتوهج بين ثنايا كتاباته وبحثه الدائم والدائب عن الفكرة والصورة المتجددة وتقمص الماضي واستشراف المستقبل وكيف استحضر الماضي الفلسطيني قبل النكبة وحياته المتخيلة في ذلك الزمان، فعشنا معه لمحات وومضات منيرة ومشعة من ذلك الزمن الفوار بالروح الفلسطينية العلية وما اكتنفته من مظاهر حياة عصرية وثقافية فريدة رغم غياب الشكل “الدولاني” وهيمنة الانتداب والاستعمار البريطاني على مقدرات الشعب الفلسطيني في ذلك العهد .
وزياد خداش كما يخبرني الكاتب والقارئ “المتقاعد” الصديق زياد طه ملك الحمص والفلافل في البلدة القديمة ، هو من عشاق القدس حيث ما أن يتمكن من الحصول على تصريح للخروج من “جنة” السلطة حتى يسارع إلى القدس “يفتل” في حاراتها وازقتها متطلعا إلى اسوارها العالية مبهورا بحجارتها وروحها المقدسة، ملتقيا مع بعض رموزها الفنية والثقافية معايشا لاوجاع أهلها وكأنه يريد أن يخبرهم ، لو انه يستطيع أن يقاسمهم جزء من معاناتهم في ظل احتلال غاشم وان كان يتحمل نصيبه، جزء من مآسي هذا الاحتلال الدخيل كما يقول الشاعر الراحل توفيق زياد ” فمآساتي التي أحيا نصيبي من مآسيكم ” ؟
الكاتب زياد خداش ..كاتب من طراز مختلف..في كتاباته يداعب عقلك وقلبك، ويأخذك إلى عوالم مدهشة مثيرة فيها كنوز الجمال البديع، فيها تتبدى شطآن الحياة اللازوردية، لتطفو على السطح الماسي حجارة الياقوت الكريمة والزمرد وقطع الذهب الابنوسي وجواهر الحكمة السبعة.
زياد خداش.. يجعل الحياة أجمل بكتاباته المدهشة المفعمة بالروح الإنسانية الخالدة التائقة إلى الحرية والحياة الأبدية السرمدية في حضرة اللامكان واللازمان. اقطفوا أجمل الورود والقوها في حجر هذا الانسان الدافئ والكاتب المدهش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى