خواطر على درب الوئام.. نباتات الاخضرار
زيد الطهراوي | الأردن
الأخت الفاضلة
قرأت رسالتك الباكية التي أرسلتيها باسمك المستعار إلى هذه الصفحة وهذا حسن ظن بنا نشكرك عليه
لقد فهمت بعد قراءتها أن زوجك كان يعاملك بقسوة ويعامل الناس بلين
و أنه مات بسرطان القولون
و أن الناس أخبروك أن زوجك له أجر الشهيد
و تسألينني :”كيف لهذا الشخص الذي آذاني طيلة هذه الأعوام أن يكون في الدرجات العالية في جنات النعيم؟”
و جوابي قد لا يرضيك
لأنني شعرت أنك تريدين مني أن أنكر أن المبطون شهيد
و لا يمكنني ذلك لأن هذا هو قول النبي صلى الله عليه و سلم
و واجب علينا أن نصدقه
لقد حلَّلْتُ نفسيتك فوجدت أنك امرأة صابرة
و المرأة الصابرة لا تضيع أجرها
أما الخُطّاب الذين أتوك و رفضتيهم فتعليلك لرفضك لهم ليس منطقيا إنك لم ترفضيهم لأنك خائفة عليهم من نفسيتك القلقة
لقد كان الرفض لأنك لا تريدين الزواج من شخص آخر
فقد حدث عندك صراع سببه محبتك لزوجك
كنت في حياتك معه حريصة على إرضائه
و هو حريص على تنغيص حياتك
و تستمرين في البحث عن طريقة توصلك إلى قلبه
و لكنك تفشلين
و مع ذلك فأنت تُقِرِّين بأنه يمتلك الصفات التي تجعله محبوباً
و تبذلين الغالي ليسعد في حياته
و حين مات ثارت نفسك التي أحبته فرفضت الزواج من غيره
و ثارت أيضاً هذه النفس التي عانت معه فأرادت ان تنكر أنه في جنات النعيم
فلماذا تسمحين لنفسك العنيدة أن تفسد ما أضمرته نفسك المتسامحة من محبة و نقاء
كثير من الأزواج يعملون الصالحات و يحسنون معاملتهم مع القريبين و البعيدين و لكنهم مع أهل بيتهم كالصارم المصقول
فهل تظنين أن الله تعالى لن يكافئهم على أعمالهم الصالحة
كيف و هو الرحيم الكريم سبحانه و تعالى
أما أنت فقد أديت ما عليك
صبرت و قابلت إساءة زوجك بالإحسان
و لكن تناقض نفسك قد يكون سبباً في نقص درجة زوجك
عند الله لأن الله سبحانه يغفر الذنوب و لكنه لا يسامح في حقوق العباد
ألا تسامحينه ؟
إنك ترفضين الزواج بغيره لأن سنواتك معه كانت كفيلة بأن تجعلك تغلقين عينيك و قلبك عليه
إنه ما زال يحيا معك و أنت راضية بأن يستمر في وجوده في حياتك رغم مماته و سيكون معك في الآخرة بإذن الله
فاقتلعي تلك النباتات الصحراوية من حديقة بيتك
تلك التي سقيتيها بدموعك
و اغرسي نباتات الاخضرار في حياتك و اسقيها بقطرات التسامح لتكوني مع زوجك في سعادة و أمان