هل القرآن الكريم مصدر للمادة التاريخية؟

حسام عبد الكريم | كاتب و باحث من الأردن

بمعنى : هل القصص الكثيرة التي يذكرها القرآن , عاد / ثمود / ذي القرنين / أصحاب الكهف / سفينة نوح / أصحاب الفيل/ قارون / أصحاب الاخدود ,,,,,,, هل هذه يمكن التعامل معها كوقائع وأخبار تاريخية؟ هل يمكن لنا اعتبار ما ورد في القرآن بشأنها مادة تاريخية؟

وقبل الإجابة لا بد من تذكّر أن علم التاريخ علمٌ قائمٌ بذاته وله أصول معروفة, أحدها الروايات الموجودة في كتب التاريخ, بالإضافة طبعا إلى النقوش وبقايا الآثار والحفريات والمخطوطات والمسكوكات,,,,, والتي كلها تكمل بعضها بعضا لتعطينا صورة عما حصل فعلاً في الزمن الماضي.

والنص القرآني لا يحتوي على العناصر الأساسية لعلم التاريخ: فهو في الأغلب يخلو من عنصريّ الزمان والمكان, ولا تأتي قصصه في سياق تاريخي واضح ومحدد. بل ينحو إلى نوع من الإبهام والغموض بحيث إن القصة يمكن أن تكون حصلت في أي زمان وفي أي مكان, كما إن شخصياتها تتصف ببُعدٍ رمزيّ بحيث يمكن إسقاطها على كثير من شخصيات التاريخ المعروفة.

وللتوضيح: كثير من الناس يقولون إن ذا القرنين المذكور في القرآن هو الإسكندر المكدوني, ويقول آخرون إن فرعون في قصة النبي موسى هو توت عنخ آمون, ويقول بعضهم إن البحر الميت هو المكان الذي خسف الله فيه قومُ لوط, ويؤكد آخرون أن كهفاً معيناً قرب سحاب في الأردن هو ذاته مغارة أهل الكهف, ويقول غيرهم إن جبلاً ما في تركيا هو الذي رست عليه سفينة نوح,,,,, وكل ذلك استناداً إلى النص القرآني الواسع / العريض الذي يحتمل تلك الإمكانية .

وحتى قصة أصحاب الفيل, والمفروض أنها قريبة زمانيا من وقت نزول القرآن, جاءت بصيغة عامة مبهمة, فلم تذكر مكة ولا أبرهة الأشرم, وفيها عبارات من نوع ” أبابيل ” و ” سجّيل ” وهي مما لم تكن العرب تستعمله بل ولا تعرفها أصلاً.

ولذلك نلاحظ الكم الهائل من الروايات ” التوضيحية ” التي تطفح بها كتب التفسير والسيرة والتاريخ في الإسلام حول قصص القرآن. لقد وجد رواةٌ كثيرون مجالاً لهم وحاجة لدى عامة المسلمين لمعرفة المزيد عن تلك الإشارات القرآنية الواردة على شكل قصص, فانطلقوا ليضيفوا تفاصيل وتفاصيل, وأسماء وأرقام وتواريخ, وروايات طويلة مليئة بالأحداث ,,, حتى لو اضطروا إلى التأليف أو حتى اللجوء إلى اليهود من أهل التوراة, ومن هنا كانت ” الإسرائيليات ” في تراثنا.

والخلاصة عندي أن القصص القرآني لا يجوز اعتباره مادة تاريخية, بل هو مذكور للعِظة ولأخذ العبرة, ولبيان حكمة الله وعدله, ولتثبيت الإيمان في قلوب المؤمنين، ولتحذير الكافرين والمعاندين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى