كان في سالف العصر والزمان مقاومة للاحتلال

يونس العموري | القدس- فلسطين

كان في سالف العصر والزمان مواجهة فعلية لألة الاستعمار الحربي الإسرائيلي وكان في سالف العصر والزمان مقاومة لكل من يحاول محو وطمس الهوية الوطنية الحضارية الفلسطينية، وكان في سالف العصر والزمان مقاومة وطنية هي التي تفرض المعادلة السياسية الوجودية على الأرض في ظل الواقع الفلسطيني الراهن وحيث ان ارهاب الدولة العبرية المنظم والداعم للإرهاب الاستيطاني على مختلف مستوياته واشكاله قد اصبح النشاط الابرز لمختلف مؤسسات دولة الاحتلال، وفي ظل الانتخابات العامة التي يتسابق عليها الكل والجارية تحت سقف أوسلو ، واوسلو الذي اضحى المتوافق عليه وطنيا من الجميع ، وفي ظل زحمة البرامج الانتخابية نجدنا فلسطينيا امام حالة من العقم والعجز مما يعيد الى الواجهة مشروعية المقاومة وضرورة اعادتها للاعتبار. الغائبة عن كافة البرامج الانتخابية، وتظل الكثير من الاسئلة والاستفسارات حول غياب وتغيب الغضب الفلسطيني الشعبي من خلال الفعل المقاوم المبرمج ذا المنهجية العملية، وبهذا الصدد لابد من فتح هذا الملف على مصراعيه. ولماذا هذا الغياب مع العلم ان ثمة حقيقة لابد من ادراكها والتي تتمثل ان فلسطين ما زالت تحت الاحتلال والاسم الرسمي لها هو الأراضي الفلسطينية المحتلة وعلى هذا الأساس نجدنا اما الحقيقة التي يحاولون تغيبها ذوي الشأن والياقات البيضاء في النظام الفلسطيني الرسمي بصرف النظر عن تخندقهم بمعسكرات اليمين او اليسار او ممن يحاولون الاقتراب من منطقة الوسط. ومن خلال ما سيكون سنحاول الإجابة عن حقيقة وواقع المقاومة الفلسطينية الراهنة والكل يحاول التبرأ من المقاومة ولماذا هذا التبرأ ..؟

والمعلوم والمعروف انه قد شكلت مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال الإسرائيلي على مدار سني الصراع الكثير من المعاني والقيم والدروس في سفر المقاومة والممانعة وإدارة الفعل المقاوم على أسس واقعية قابلة للتطبيق تكون محصلتها بالنهاية انجاز الصمود وتحقيق الانجازات المطلوبة وفقا لمتطلبات المرحلة على آلة القتل والتدمير الحربية الإسرائيلية التي ما انفكت في ممارستها بغية إرهاب الطرف الأخر وتحقيق معادلة التفوق على مختلف المستويات والصعد، وإذا ما تتبعنا سير الفعل المقاوم فلابد من الاعتراف أولا أن هذه المقاومة قد شكلت منعطفا حقيقيا في معادلة الصراع التي حكمت وما زالت تحكم المنطقة على اعتبار أنها قد أثبتت أن العدوان الاسرائيلي وهذا الجيش الكرتوني من الممكن التصدي له وإلحاق الهزيمة به إذا ما توافرت عوامل الفعل الموضوعية والذاتية وهنا لابد من إجراء دراسة موضوعية ممن يحترفون فعل (المقاومة الفلسطينية المعاصرة) بهدف الإجابة على السؤال الذي بات مقلقا ويتطلب الإجابة عليه الكثير من المصداقية والشفافية وهو السؤال الذي اجزم انه في ذهن الكل الفلسطيني الوطني والذي يطمح برؤية نموذج المقاومة الفلسطينية على النحو المفترض أن تكون عليه ولا أقصد هنا أن يكون استنساخ لتجربة اخرى، في الأراضي الفلسطينية وهو الأمر الذي من المستحيل تحقيقه كون الظروف الموضوعية واللوجستية مختلفة تمام، إلا انه وبذات الوقت لابد من طرح السؤال وهو على النحو الأتي لماذا أخفقت المقاومة الفلسطينية المعاصرة في انجاز الفعل المقاوم الحقيقي والمنضبط وفقا لطبيعة العامل الفلسطيني وتداعياته ومعادلة مساراته السياسية؟، بمعنى لماذا الإخفاق الفلسطيني في انجاز مقاومة فلسطينية متوافقة ومتطلبات المرحلة واستراتجياتها..؟؟ تكون لها إبداعاتها ومفاجأتها وحكمتها في إدارة الظرف السياسي وتطوير الفعل المقاوم على الأرض بما ينسجم وخدمة المصلحة الوطنية العليا أولا وأخيرا… وان تكون المقاومة جزء من النسيج السياسي العام والعامل والفاعل في الوطن ، ولماذا المقاومة غائبة عن واجهة البرامج الانتخابية، وان كانت هناك الكثير من وجهات النظر المتصارعة بهذا الشأن وهذا برأيي يتطلب أولا وقبل كل شيء فهما وإدراكا واقعيا وسياسيا من قبل ما يمكننا أن نطلق عليه برأس المقاومة بمعنى أن المقاومة الفلسطينية تفتقد بشكل أو بأخر لرأس لها أي القيادة الفعلية المؤسساتية للمقاومة التي تستطيع أن تبعد المقاومة عن أسلوب العمل المليشوي والارتجالي لمجرد ممارسة الفعل وردة الفعل، وإقحام الفعل المقاوم بسجالات دهاليز الاختلافات الداخلية وهنا لابد من التأكيد أن المقاومة كمقاومة لابد لها من أن تنأى بنفسها عن توظيف ذاتها بالداخل الفلسطيني خدمة لوجهة نظر هذا أو ذاك الطرف وان كانت تتوافق مع هذا الطرح السياسي بشكل أو بأخر، وهذه نقطة أتصور أن لها أهميتها ولها تداعياتها على فعل المقاومة ككل بمعنى انه لابد من انجاز مشروع المقاومة النابعة من الجماهير ولكل الجماهير والتي تحتضنها الجماهير ككل وان لا تكون حكرا على طرف سياسي من غيره وهو الأمر الذي باتت تفتقده المقاومة مؤخرا على الأراضي الفلسطينية حيث تضعضع الالتفاف الجماهيري حول المقاومة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن للمقاومة رؤيتها السياسية وممانعتها وقبولها أو رفضها للأطروحات السياسية ولكن مشاريعها تلك من المفروض أنها نابعة من مخطط استراتيجي توظف من خلاله الفعل المقاوم لتحقيق انجازاتها السياسية والتي بالنهاية تصب في خدمة الهدف والصالح العام، الأمر الذي يعني أن المقاومة التي لابد من أن تعمل في الأراضي الفلسطينية برأيي يجب أن تكون ممركزة لها إستراتيجية موحدة وتكتيك براغماتي يحكم العملية برمتها وهذا ما تفتقده المقاومة الفلسطينية، كما لابد لها من أن توظف فعلها الميداني مع متطلبات المرحلة سياسيا وان تخدم الفعل السياسي على مختلف توجهاته وهذا أيضا ما تفتقده ساحة المقاومة الفلسطينية بشكل أو بأخر حيث تنوع اذرع المقاومة غير المرتبطة بقرار مركزي واحد وبالتالي بوحدة أداء واحدة وانسجام عملي وفعلي واحد مما يعني ضياع وبعثرة الجهد العملي والفعلي للمقاومة وضياع الاستثمار السياسي للفعل الميداني مما يجعله في الكثير من الأحيان فعلا عبثيا لا جدوى حقيقية له… وبالمعنى النظري تستطيع القول ومن خلال واقع تجربة المقاومة الفلسطينية على الأرض الفلسطينية خلال فترة العشر سنوات الأخيرة أنها تفتقد إلى:

  • إستراتيجية فعلية وعملية متفق عليها وتحكم مسار الفعل المقاوم على الأرض وهو الأمر الملموس والمحسوس مما يعني إدخال المقاومة في حالة ضياع وتضييع وفقدان للبوصلة المؤشرة باتجاهات الصحيحة لكل مرحلة من مراحل تواصل الفعل المقاوم ذاته.
  • قيادة وطنية موحدة لها رأس واحد ومجلس موحد لاتخاذ القرار الميداني المنضبط والواجب التنفيذ بالمعنى الحرفي له لا أكثر ولا اقل.
  • تعبئة فكرية وسياسية لعناصر المقاومة لماهية الواقع الفلسطيني ومتطلباته.
  • منهج سياسي واضح المعالم يحاول الإجابة إلى الكثير من التساؤلات المطروحة في التعاطي مع الشأن الإقليمي والدولي بالشكل البراغماتي للمقاومة.
  • التنسيق الفعلي والعملي مع القوى المجتمعية الفاعلة والناشطة والممانعة بهدف توفير شبكة أمان للمقاومة ذاتها.
  • خدمة الجماهير أولا وأخر وان لا تكون المقاومة من عوامل العبء عليهم.

وبالتفصيل نلاحظ أن المقاومة الفلسطينية وتحديدا البارزة منها كأذرع مسلحة للفصائل الوطنية العاملة على الساحة إنما تعيش حالة الإرباك والفوضى وهو الذي لا يعني بالمطلق ممارسة المقاومة العلمية والعملية والفعلية، حيث نشوء العديد من ميليشيا العمل المسلح والتي بالأغلب تتبع لأشخاص أو مناطق غير مترابطة في الفعل والأداء وفي الغالب مختلفة مع بعضها البعض وقد تكون متناحرة في مرحلة معينة، وقد توظف أو أنها قد وظفت بالفعل في خدمة بنوك الأهداف لهذه الجهة أو تلك أو لهذا الزعيم أو ذاك، وهذه الحقيقة التي لابد من التوقف عندها مع العلم أن لها الكثير من المجهودات البطولية بشأن ممارسة أشكال العمل المقاوم.

فحركة حماس على سبيل المثال وحسب المعلن من طرفها تمارس الفعل المقاوم دون أن نلمس إستراتيجية واضحة المعالم لمشروعها المقاوم وبذات الوقت فإنها تقحم سلاحها ومقاومتها في السجال السياسي الفلسطيني الداخلي وهو الأمر الذي يشكل اكبر خطر على البندقية المقاتلة والمقاومة برمتها وهذا ما لمسناه وما نعايشه بشكل أو بأخر بصرف النظر عن مبدأ من له الحق ومن عليه الحق، بل أكثر من ذلك بات من الواضح أن كتائب عز الدين القسام ذاتها تعتمد على سياسات ردات الفعل في ممارستها للمقاومة مما يعني افتقداها لعنصر المبادرة الأمر الذي يعيدنا إلى فقدان الإستراتيجية الواحدة الموحدة، التي تتطلب مراجعة أساليب العمل والفعل والمرحلة وما مدى جدواها في الصالح العام.

وحركة فتح من المعلوم والمعروف أن مشاريعها متضاربة ومتشرذمة بذات الوقت وان مشروع المقاومة المتبلور بطياتها لا يعبر بالضرورة عن الكل الفتحاوي وهذا انعكس بشكل أو بأخر على شكل اذرعها العسكرية التي باتت هي الأخرى متشرذمة وتتبع لزعمات محلية غير متوافقة مع بعضها البعض.

وباقي فصائل العمل الوطني تحاول ولوج ساحة الفعل المقاوم بهدف إثبات الذات ليس أكثر.

على هذا الأساس استطيع أن أقول أن لا وجود للمقاومة الفلسطينية الفعلية والعملية على الشكل المأمول والمعقول والمطلوب…. وكل ما استطيع أن أقوله أن الشعب الفلسطيني بجماهيره الحية تملك إرادة المقاومة والممانعة الشعبية للاحتلال كونها ردة الفعل الطبيعية لفعل الاحتلال ذاته.

ويبقى السؤال الأكثر حساسية والمطروح بقوة اليوم كيف من الممكن بناء نموذج مقاومة فلسطينية وطنية سليمة وصحيحة تقوم على أسس إستراتيجية واضحة المعالم ومنهاج سياسي قابل للتطبيق دون أن تشكل أجندة فعل المقاومة جزء من الأجندات الإقليمية أو الدولية في ظل الوقائع الفلسطينية الشديدة الحساسية وخارطتها الفصائلية المتشرذمة… ؟؟؟ سؤال اعتقد انه برسم صناع القرار الوطني الفلسطيني…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى