الهكسوس البرابرة الكفرة الرعاة

فريدة شعراوي | باحثة في التاريخ وعلم المصريات

جلس أول ملوك الأسرة الثالثة عشرة على عرش مصر بدون فتن و اضطرابات، و لكنه فصلهمعرش مصر بعد أن حكم مصر خمس سنوات فقط. فتبع ذلك عصر شقاق بين أمراء الأقاليم بسبب التنازع على تولى الملك.

فقد حكم بعضهم زمنا طويلا، و لكن معظهم لم تزد مدة أحدهم على عام أو عامين، و منهم حكم مدة ثلاثة أيام فقط، و لم يترك ملوك هذا العهد شيئا من الآثار يذكر بسبب انشغالهم بالحروب.

و لما كانت البلاد على هذه الحالة من الشقاق و الإنقسام كان من السهل أن تقع غنيمة باردة في أيدى ( الفاتحين ، الغازيين ) من الأجانب. ففى أواخر الأسرة الثالثة عشرة (حوالى ١٦٧٥ ق . م) ابتدت غارة قوم فاتحين من آسيا، لم يعلم للآن أصل منشؤهم يقينا، يعرفون بـ (الهكسوس) قيل فى أصلهم أنهم قوم نشأوا من اختلاط العرب بالفنيقيين .

عدم السير على نظام ثابت والمشاحنة على الحكم و كثرة الضرائب، من الأسباب التى سهلت دخول الهكسوس مصر، ولما دخلوا أسسوا لهم بلدة بالوجه البحرى تدعى (أواريس) هوارة، و جعلوها مقرا للحكم .

و لما انقرضت الأسرة الثالثة عشرة و خلفها الأسرة الرابعة عشرة كان ملوكها مصريين كذلك. كان مقر حكومتهم مدينة ” إكسويس ” (سخا) بالوجه البحرى أيضا. غير أنهم كانوا أشبه بولاة للهكسوس، ازداد نفوذهم عاما فعاما حتى أخضعوا جميع البلاد فدفعت لهم الجزية.

وتعتبر الأسرتان الخامسة عشر و السادسة عشر فى تاريخ مصر من هؤلاء الملوك الرعاة، و كانوا في أول أمرهم ظالمين كثيرى الاعتداء على المصريين، و لكنهم عدلوا عن ذلك فيما بعد، و تطبعوا بطباع المصريين.

و لو وصلت إلينا الآثار التي تركوها أو النقوش التى عليها، لعرفنا كثيرا من أخبارهم لكن المصريين بعد طردهم من البلاد عبثوا بمعابدهم، وكل أثر لم يمحوه أزالوا منه النقوش و المعالم التى تدل على أنه للهكسوس، كما نرى فى الجداريات المرفقة بالمقالة .

و يقال إن قدوم سيدنا يوسف عليه السلام إلى مصر وحدوث ما حدث له كان فى عهد الأسرة السادسة عشرة، و هى من الفروض التى لم تثبت حتى الآن. و لست معها، إذ أنه من الأفضل عدم ربط الأحداث التاريخية بالقصص القرآنية، التى لم تؤكد صحتها أى اكتشافات على أرض مصر و لا غيرها.

و على توالى الأيام، أخذ ملوك الهكسوس فى الإضمحلال و فى زمن الأسرة السابعة عشر انقسمت مصر إلى عدة ولايات صغيرة كانت ” طيبة ” أهمها، فانتهز أمراء طيبة هذه الفرصة و شقوا عصا الطاعة على الهكسوس، و مازال المصريون يحاربونهم حتى طردوهم من مصر .

و قد كان لدخول الهكسوس فى مصر وبقائهم فيها مدة تأثير كبير فى المصريين، فالهكسوس هم من أدخلوا الخيل في مصر، و منهم تعلم المصريون الفنون الحربية وتعبئة الجيوش الجرارة، فمهما نال المصريين من مظالم فقد اكتسبوا مزايا لا تحصى.

قام الملك “أحمس ” و هو مؤسس الأسرة الثامنة عشر ، باستئصال شأفة الهكسوس، وغزاهم فى عاصمتهم “أواريس” ثم اقتفى أثرهم غزوهم ثانية فى”شاروهين” بالجنوب الغربى من فلسطين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى