سوالف حريم.. طبّ الجرّة على تمها

حلوة زحايكة | القدس العربية المحتلة

الأمّ ستّ الدّنيا، وهي قدوة لبناتها، خصوصا إذا كانت الأمّ امرأة فاضلة كأمّي، والبنات البارّات يقلّدن أمّهاتهنّ، وهذا ما فعلته، فما أن تزوّجت وأنجبت أطفالي أبنائي الثّلاثة، حتّى عادت بي الذّاكرة إلى معاملة أمّي لنا نحن أبناؤها، فقد كانت – رحمها الله -،  تقوم صباح كلّ يوم جمعة، بعمل أقراص من الزّعتر والسّبانخ وما تيسّر لها، فنتخاطفها أنا وأخوتي قبل أن يخفّ لهيب نارها، وهذا يذكّرني بذلك الشّاعر الأعرابيّ الذي جاء الخليفة أبا جعفر المنصور مادحا، ودخل ديوان الخليفة جائعا، وطال إنشاده للشّعر دون أن يقدّموا له طعاما، فالتفت إلى الخليفة وقال:

ما أطيبَ الثّريدَ ساخنا يا أمير المؤمنين!

فقال الخليفة: وإذا برد؟

فقال الأعرابيّ: لا ندعه يبرد يا أمير المؤمنين.؟

فقال الخليفة: صاحبكم جائع، أطعموه.

وها هو التّاريخ يعيد نفسه، فأنا أعمل أقراص الزّعتر والسّبانخ واللحمة المفرومة، ومعجنّات أخرى لأبنائي صباح كلّ يوم جمعة، فيتلقفونها قبل أن تبرد تماما مثلما كنت أفعل أنا وإخوتي، ولم أكن أذوقها أنا نفسي”العجّانة الخبّازة” قبل أن يشبعوا، حتى لو كان أحدهم يلعب مع أبناء الجيران، كنت أبحث عنه الأطعمه قبلي، وهذه من فضائل الأمّهات التي لا يعرفها بعض الأبناء.

حتى بعد أن شبّ أبنائي وأصبحوا رجالا، إلا أنّني لم أترك عادتي هذه، والتي ورثتها عن أمّي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى