قراءة في نص ( تاجر الخردة ) للشاعر الفلسطيني ياسر الوحيدي

 سي مختار حمري | المغرب

الوطن …! الشعوب..! الجيوش ..!معروضة في الخردة..؟!!

شاعر متجدر بلغة أكثر تجدرا ينطق الأشياء المسكوت عنها

1– العنوان :
”تاجر الخردة ” جملة اسمية ثابتة المعنى . ”تاجر” نكرة وبالتالي فهي يمكن أن تطلق على أي تاجر خردة دون تخصيص .. ”الخردة” معرفة إذا فهي معلومة عند الشاعرفي فكره , خياله و في تشعب دلالاتها .. لكن بالنسبة لنا الأمر مختلف الكلمة غير معلومة ولها دلالات متعددة منها الظاهر ومنها الخفي أو المتخفي فهي لاتشمل فقط المتاجرة بالأشياء البالية أو المتلاشيات بل قد يدخل في مجالها الدلالي،. الأفكار والرؤى والإيديولوجيات وما يرشح عنها من أوهام ..لتحديد بعض من المجال الدلالي للكلمة اقترح وصف “فرنسيس بيكون” لأوهام العقل والتي اختصرها في أربعة
—أوهام القبيلة: تهم عقل الإنسان الذي يمكن اعتباره مرآة مقعرة على نحو ما ..ما يعني أنه يرى الأشياء على ضوء التقاليد التي نشا فيها وعلى ضوء هواه …
—أوهام الكهف : أوهام تتعلق بالشخص كما وصفها أفلاطون وعبر عنها بكهفه ..إن الشخص يقطن كهفا من من إنتاج تصوراته التي قد تكون مجرد أوهام أو ظلال للواقع …
–أوهام السوق أو خداع السوق : تنشأ من عالم المال والأعمال واجتماع الناس وتاثرهم بعضهم ببعض …
— أوهام المسرح : هي أفكار مغلوطة قد تكون انتقلت لنا من فلاسفة ،مفكرين أو من الديانات وقد يركب متنها السياسيون لإيهام الآخرين بصحة ايديولوجياتهم ولذلك وجب علينا التحلي بالعقل النقدي أكثر من العقل النقلي لمجابهة كل أنواع المغالطات …
كلمة تاجر تعني أن هناك بيع وشراء ( ربح /خسارة ) وهناك مقابل لكل عملية ..إذا هناك أسئلة تطرح : ماهو المعروض للبيع على تاجر الخردة ؟ ومن الذي سيبع؟ وما هو المقابل لكل عملية؟ وكيف تتم هذه العمليات خارج نطاق المغالطات والأوهام ؟
إذا سنتسلل إلى النص من العتبة الأولى وعُدتنا التحليلية هي مجموعة من التساؤلات منفتحين على كل الدلالات بفكر نقدي يقظ في حدود الإمكانات المتوفرة
قراءة أولية:
من خلال القراءة الأولية للنص يظهر جليا أن الشاعر يوظف التضاد والتضمن والتناقض بين قطبي ثنائية متعارضين :
الانظمة(الإحتلال )//المقاومة (التحرر) (القوى المعارضة)
النص يضعنا أمام نسقين ونظرتين من خلال ثنائية يتصف قطب منها بالإيجابية وهو قطب التحرر، المقاومة أو القوى المعارضة الذي يتبناه الشاعر في رؤيته بكل وضوح ..القطب الثاني مرفوض ومدان وهو قطب الإحتلال والأنظمة لأنه يتناقض مع مضمون وقيم القطب الأول و هو مرفوض ”كنسق” بكل مضامينه وتم التطرق لذلك بشكل واضح وبإدلة مقنعة بضرورة التصدي له على أرض الواقع …
نحن اذا أمام نسق يقسم الرؤية الى العالم أو الحياة الى مجالين دلالين يحكم على قيمة الأول بالسلبية الشبه المطلقة ويحكم على قيمة الثاني بالإيجابية التامة حتى وإن كان غير ظاهر في القراءة الأولى لكنه يظهر كأضداد لما قدم من خلال عكس ما تم التطرق له ..
2–مقدمة لتأويل النص: تحليل مختصر للنص الذي سأقدم تحليلا مفصلا لكل أجزائه.
قسمت النص إلى أربعة أجزاء لتسهُل معالجته ، لا لتعدد المواضيع التي يتطرق فهو حسب اعتقادي يتناول موضوعا واحدا …
الطريقة التي طرح بها الموضوع ذكية للغاية وتنم عن فكر واع يقظ وعن ثقافة ملمة بقضايا الوطن والأمة العربية بفنية جميلة سلسة تتوخى الوضوح والشفافية.. النص يشير في بعض الزوايا إلى ارتباطه الوثيق بالقضية الفلسطينية منذ 1948م… لكنه لا يغفل الواقع العربي ..هو فكر منخرط في البحث عن الحلول وتعرية الواقع المؤلم الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني على الخصوص من لدن المحتل أو من قياداته السياسية منذ النكبة إلى الآن ..ومشيرا أيضا إلى ماصار إليه الإنسان العربي عامة أمام أنظمته المستهترة به وبمطالبه ومستقبله …
الجزء الأول : يعبر عن الشوق والحنين عند الشاعر إلى عهد الأجداد حيث كان يسود نوعا من الفكر والثراء والغنى محفوظا تتوارثه الأجيال وكان محط القوى العالمية من محتلين ومستعمرين ..كان هناك مايرضي ذائقة المثقف العربي ..كان هناك مايباع لتاجر الخردة عدا المواطنين والشعوب ومقدراتهم وثرواتهم لكن بعد إعلان الهزيمة تغير الوضع …
الجزء الثاني :إعلان الهزيمة كانت لحظة فارقة في حياة الشعوب العربية ومن ضمنها بطبيعة الحال الشعب الفلسطيني ليتحول المشهد إلى خردة قيود ،سلاسل , خناجر ،أوتاد وملاعق ترمز كلها إلى الإستعباد ،الحرمان ،التحكم في الرقاب والعباد من أسر ،قتل ،تعذيب ،تكميم الأفواه وبسط اليد على كل شيء هذا الحال دام إلى الآن حوالي 73 سنة من القهر والظلم ..ما ذكر في هذه الفقرة يستدعي الأضداد التي لم يتم التطرق لها حرفيا في النص فنستحضر مفترضين أن الشاعر ينشد التحرر ،الحرية ،العدل ،المساواة ،إطلاق سراح الأسرى و سجناء الرأي ، ينشد العزة ،الرفعة ،الإستقرار والسلام ….كيف الوصول إلى ذلك
الجزء الثالث :يمكن تحقيق ذلك بالتزام المثقف العربي بقضايا وطنه وأمته .. أن يكون حرا غير منتمي للدكاكين السياسة التي باعته أو ستبيعه ومعه الوطن او ما تبقى منه .. أن يكون انتماؤه فقط للطبقة الفقيرة المحرومة التي تعيش تحت وطأة الظلم ،القهر والإستعباد ،أن يتبنى خطابها الذي هو من عطايا الوطن … أن يكون صوتا لها ،يعبر عن همومها ومطالبها ..
الجزء الرابع : صوت المثقف الملتزم بقضايا شعبه وأمته حتى وإن كان منخفضا فهو مزعج أمام المحتل أو الطبقة السياسية الحاكمة والتي تستعمل وسائلها الإعلامية كأبواق لتسويق بيع الأوطان والشعوب وجيوش الحدود بوقاحة منقطعة النظير
3– تأويل النص:
الجزء 1:
اشترى ثلاجتي القديمة
(وبابور الكاز)الذي ورثته عن جدي
الهارب
قبل اعلان الهزيمة

الثلاجة تستعمل عامة لحفظ المواد القابلة للتعفن لكنها هنا قد ترمز إلى الذاكرة والموروث الثقافي المحتفظ به أو الذي في طريق التلاشي وبالتالي فهو معروض للبيع ومرغوب في شراءه من تاجرنا
بابور الكاز هو عامة يستعمل إما لطهي الطعام أو الإضاءة حسب نوعه وشكله وهو يسمى ايضا ”موقد الكيروزين”قد يدل على ما نرثه من الأجداد من الأفكار والعادات والتقاليد والنعم ..التي قد تضيء حاضرنا في استشراف المستقبل أو هضم أو طهي الأفكار بطريقة تلائم بيئتنا الثقافية وتتأقلم معها
ويتم نعث الجد بالهارب وهي كلمة تدل على الفار من العبودية أو الإعتقال أو العنف….والهروب هنا كان قبل اعلان الهزيمة ..”اعلان ” تعني حدث تاريخي بالغ الأهمية له ماقبله و ما بعده أي اصبحت زمنا للتأريخ …الإعلان يقتضي وجود طرفين متصارعين أو جيشين متحاربين فهناك طرف منتصر وآخر منهزم دون استسلام وهنا تبرز فكرة المقاومة ومعها ثنائيتين (انهزام// مقاومة) و (الماضي// الحاضر) كخلفية قد نفترض صحتها كمؤطر لفكر الشاعر
نستنتج أن التاجر هنا يرغب في شراء ما خلفه ماض تليد أصيل ومتأصل يشكل فيه الجد المرجعية أو الأرشيف الثقافي النقي البهي و ان كان اصابه نوعا من التقادم فهو يراقص فكرالشاعر شوقا وحنينا ويعتقد أنه سيضيء الحلم بمستقبل مشرق علما أن هناك شك وضبابية يفسر نوعا من الرغبة المترددة في البيع أو الندم عليه وهروب الجد الغير المبرر قبل إعلان الهزيمة..هذا يشكل نوعا من المحاولة للقطيعة مع حقبة زمنية وما كانت تحبل به.. قد تم فعلاالبيع كرها أو عن رضى ..هنا قد تظهر ثناءية (أوهام القبيلة //الفكر النقدي)…..
الجزء 2:
رفض التاجر الملعون شراء
(كلبشات) يدي وسلاسل عنقي
والقفل الصدىءعلى فمي
ومفتاحي الشاهد على الجريمة
واوتاد الخيمة التي انتقلت
الى لساني حتى لا يمارس الشتيمة
والخنجر المسموم في قلبي
وملاعق ذل في اواني الذكريات
الأليمة
ومدياع يهتف عاش القائد
كلما صافح الفحل غريمه
ورغم ان وزنها 73 طنا من القهر ويزيد
قال عزيزي من يشتري القيد سوى العبيد
التاجر رفض الشراء فاستحق اللعنة لكن مدلولها هنا قد يعني الشاطر الذكي لأن التجارة تخضع لثناءية (الربح/ الخسارة )وهو لن يشتري إلا ما هو مربح ولنستعرض ما رفض شراءه والمتمثل في مكرمات الأنظمة و التي نلحظ من خلالها نوعا من التهكم أو السخرية الفكاهية على موسيقى المثل القائل ”كثرة الهم تضحك ”…
رفض التاجر شراء قيود الأيدي وسلاسل العنق وهي ترمز على التوالي إلى الإعتقالات والسجون ، إلى أن هناك من يملك رقاب العباد يتصرف فيها بدون حسيب ولا رقيب (سجن الأجساد وإزهاق الأرواح)
القفل الصدىء دليل على تكميم الأفواه الذي طال لمدة زمنية كبيرة تحت الحديد والنار مما أدى إلى ظهور الصدىء المرتبط دوما بالحديد ،علامة القمع ،تكميم الأفواه وإسكات الأصوات المطالبة بالتحرر وبالحرية والحقوق لعقود خلت ..
المفتاح دليل على الملكية ،على المأوى أو البيت فنحن نملك مفاتيح بيوتنا ..هو دليل على جريمة الطرد لمن هجروا قصرا من بيوتهم لكنهم يحتفظون بمفاتيحهم للإدلاء بها كحجة دامغة حتى وإن كان الأمر رمزيا فهو غاية في الأهمية فهو دليل على الجريمة و على أنهم سيعودون يوما ما إلى مساكنهم ..
أوتاد الخيمة التي انتقلت ..الخيمة دليل على سكن مؤقت غير قار وهي تلائم انسان مهجر في مخيمات اللاجئين أو في رحلة في أمكنة خارج بنية مستقبلة معينة ..الخيمة دليل على الإغتراب والغربة بكل اشكالهما سواء في الأرض( الوطن ) ، في الفكر أو في الجانب النفسي … الأوتاد عامة من حديد ولهذا تصلح للبيع في الخردة لكنها ترمز هنا إلى مابه نثبت أركان الخيمة وإدا انتقلت إلى اللسان فهي تثبته على كلام معين خارج مجال المعارضة أو الرفض كما ترمز إليه الشتيمة عند الأنظمة والمحتل
الخنجر المسموم في قلبي… دلالة على الإنكسارات والإحباطات والألم والوجع الذي يترك آثارا لا تنمحي مع الزمن فتتحول الى سم لا يمكن هضمه فتجعل القلب يئن بشكل مزمن ..
ملاعق ذل في أواني الذكريات الأليمة.. ما يتعرض له الشخص من ذل ومهانة وتعذيب واحتقار بملاعق الأنظمة أو المحتل مثل التعذيب أو الإهانة … ويبقى منقوشا في الذكريات كشيء مؤلم يطبع نفسية وشخصية المصاب بالجروح النفسية الغائرة من جراء ما تعرض له من إذلال وتحقير. ..
ومدياع يهتف عاش القائد …أي وسائل اعلام المحتل أو الأنظمة التي تمارس التعتيم والمغالطة والترهيب الفكري والنفسي خدمة للقائد الذي يرمز إلى قمة الهرم السلطوي ومن يدور في فلكه…
ما يعتبره الشاعر هنا خردة والمتكونة من : قيود ,سلاسل اعناق ,أوتاد ،خناجر ، ملاعق ، مفاتيح ،مدياع هي ماديا تصلح للبيع والشراء في الخردة لكن الشاعر وظفها بذكاء وفطنة بالغين ورائعين ، ليجعل منها رموزا للقمع بالسجن والقتل وتكميم الأفواه والتهجير القصري ،الإرهاب الفكري ،السياسي ،العقائدي وما ينتج عن ذلك من ألم ووجع وغربة واغتراب ,,,,كل هذه الخردة رفضت من طرف التاجر رغم أن وزنها كان كبيرا جدا ومغريا جدا فهو يصل إلى 73 طن … التي ترمز إلى سنوات الاحتلال ..الى سنوات النكبة الفلسطينبة .. فكلما زادت السنوات يزداد معها الثقل على رقبة الإنسان الفلسطيني ومعه الإنسان العربي الملتزم بقضايا الأمة والوطن …
وبنوع من السخرية لا تخلو من البراءة كان جواب التاجر أنه لا يشتري القيود إلا العبيد في إشارة للقيادات العربية التي تشتري القيود فتجعل منها ومن شعوبها عبيدا وهنا يظهر معدن التاجر ليتحول فعلا إلى إنسان واع إلى رمز الإنسان الفلسيطيني و العربي إلى المثقف العضوي الذي يعرف أي الأفكار يجب أن يحمل ويدافع عنها وأي الأوهام يجب أن يغادر ليواجه مصيره بحكمة وتعقل وبأهداف واضحة
الجزء 3:
تاجر الخردة لايملك دكانا في وطنه
ولا صورا لسياتسي
يقول يكفي جدار بيتي هلاكه
يعلق صورة ابنته على سيارته
تاجر الخردة
عاش متجولا حرا
ينتقل بين الاحياء الفقيرة
يتبعه ابناء اولاد الحارات والمخيمات
ليشتري منهم ماجمعوه من عطايا الوطن
اما نحن توزعنا على دكاكين
دفعنا في راس مالها ثمنا لا نريده
ولكن باعتنا وباعت الاوطان في سوق نخاستها
تاجر الخردة الذي يمثل أو كما تبلورت شخصيته لدينا المثقف الفلسطيني أو العربي الملتزم بقضايا وطنه وأمته لاينتمي إلى الدكاكين السياسية ولا يقدس القيادات السياسية ولا يدين بالولاء لأي تنظيم ويقول أن بيته لا جدار له فهو تحت المراقبة الدائمة من جهة ومن جهة اخرى قد يفقده .. وهو في ترحال دائم.. يعلق في سيارته التي لا يغادرها صورة ابنته رمز المستقبل المشرق ، الخصوبة ،الحب والوطن فالمرأة حاضنة ومنتجة الحب ،الجمال ،الحنان ،العطف ومربية الأجيال وبالتالي هي الأوْلى بالتقديس من السياسيين سماسرة الشعوب والأوطان …
تاجر الخردة عاش متجولا حرا.. عاش بفكر حر وهو ينتقل فقط بين الأحياء الفقيرة المحرومة من أبسط وسائل العيش وحيت يوجد الإنسان الواعي والغير المدجن.. يتبعه خلال جولاته أولاد الحارات والمخيمات ليتبادل معهم الافكار والرؤى لملاقة طموحاتهم وتطلعاتهم ليشتري منهم رؤيتهم الطلائعية في النضال والمقاومة والمعارضة لأن فكرهم هامشي لا يخضع لأي مركزية فكرية تحكميّة سواء كانت نضالية ، سياسية ، عقائدية هو فكر واقعي يستمد أسسه من الحرمان والمعاناة والفقر ويكون رد فعله لتغيير الأحداث بطرق لا يمكن التصدي لها أو كشفها …
اما الآخرون فقد اختاروا الدكاكين السياسية ودانوا لها بالولاء ودفعوا مقابل ذلك ثمنا باهضا لم يكن واردا في الحسبان والنتيجة كانت أنه تم بيعهم و الأوطان في سوق العبيد …
الجزء4:
تاجر الخردة
يزعجنا عندما ينادي بالسماعة
(توتيا نحاس المنيوم حديد للبيع )
الصورة التي أمامنا تعبر عن صورة واقعية لكن ادخال السماعة جعلها تعبر عن صوت منخفض قد يصل حد الهمس في الآذان وبالتالي قد تعبر عن نوع من السرية أو التعبير عن المطالب : من حرية ،تحرر وتوفبر سبل العيش ..الإزعاج هنا مصدره ليس الصوت العالي أو الضجيج ولكن حرقة المطالب التي هي من أبسط الضروريات لكن الآخر من محتل وأنظمة ينظر إليها بنوع من الغضب ، تجعل السياسي العربي يخرج عن طوعه ويصاب بنوبة من الجنون ..فيمسك البوق محدثا ضجة كبيرة ودون أي اعتبار لأحد ، دون إعارة أي اهتمام أو احترام للمواطن وينادى بوقاحة عن استعداده لببيع الأوطان والشعوب وجيوش الحدود وكأنها من أملاكه والأخطر انها تعرض للبيع بأبخس الأثمان فقد تحولت إلى متلاشيات ونفايات وأشياء بالية في نظر السياسي لتباع في أسواق الخردات العالمية لتجار الخردة الحقيقيين …..
سي مختار حمري 12/04/2021

النص الشعري : الشاعر ياسر محمد الوحيدي
#تاجر #الخردة
اشترى ثلاجتي القديمة ..
و( بابور الكاز ) الذي ورثته عن جدي الهارب
قبل إعلان الهزيمة ..
رفض التاجر الملعون شراء
جميع مكرمات الأنظمة الكريمة ..
( كلبشات ) يديّ وسلاسل عنقي
والقفل الصدىء على فمي
ومفتاحي الشاهد على الجريمة ..
وأوتاد الخيمة التي انتقلت
إلى لساني حتى لا يمارس الشتيمة ..
والخنجر المسموم في قلبي
وملاعق ذلٍ في أواني الذكريات الأليمة ..
ومذياع يهتف عاش القائد
كلما صافح الفحل غريمه ..
رغم أن وزنها ثلاثة وسبعون طناً من القهر ويزيد
قال : يا عزيزي من يشتري القيد سوى العبيد ؟!
تاجر الخردة
لا يملك دكاناً في وطنه
ولا صورة لسياسي .
يقول : يكفي جدار بيتي هلاكه
يعلق صورة ابنته على سيارته القديمة ..
تاجر الخردة
لا ( يسحج ) إلا بأعراس الفقراء
عاش متجولاً حراً
يتنقّل بين الأحياء الفقيرة
يتبعه أولاد الحارات والمخيمات
ليشتري منهم ما جمعوه من عطايا الوطن !
أما نحن توزعنا على دكاكين
دفعنا في رأس مالها ثمناً لا نريده
ولكن باعتنا وباعت الأوطان في سوق نخاستها
تاجر الخردة
يزعجنا عندما ينادي بالسماعة
( توتيا نحاس ألمنيوم حديد للبيع )
أمسك السياسي البوق ونادى
شعوب أوطان جيوش حدود للبيع
بكت الأوطان كخردة
اصبحت في نظر أصحابها ليس لها قيمة !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى