صحوة
مريم جنجلو | شاعرة من لبنان
أمّا وَقد سَلَكْتَ الدّربَ وَحيدًا،
تتحسّسُ النّدوبَ المَوشومةَ في ظهرِك،
وَعينُكَ على الطّفلِ داخلَكَ،
تراقبانِ ببلاهةٍ،
المُرورَ المَلِكيَّ لِلمَنطِق على حياتِكُما معًا.
تَرنو مُنهُ وَتُلحِفُهُ دِرعًا مِن نارٍ،
تمسِّدُ على جبينِه الطريّ
وجوهٌ غابرةٌ تتصبّبُ،
تموجُ مهجَتُهُ بِماءٍ حار،
فَيقعُ في وَسَنِهِ تَعِبًا.
دِرْعُ النّار..أتذكُرُها؟
طوّقَتْكَ بها ذاتَ عناقٍ، فارِسةُ الألَم،
ألَمِكَ الذي أنتَ مُضَرَّجٌ بهِ، كبيرًا، الآن.
شَوقُها سياطٌ جلَدَتكَ بها،
حَشَرَتْ أنفاسَكَ في جعبَةِ سهامِها،
وَفوقَ جسَدِكَ الصّريع،
وَقفَت تُهَمهِمُ بِحُنُوٍّ ساديٍّ:
“فَلْيَشِبَّ في روحِكَ جنونُ التّرحال،
هاكَ حُبّي أكفِّنُكَ به،
وَلْتنتَظرْ رجوعي، لِنَشيخَ معًا”.
بينَ رؤوسِ المُحاربينَ الحَليقةِ،
تناثرَ وشاحُها الشَّفيف،
وَفي صهيلِ الجِياد الغَضبى،
تاهَ صوتُها مثلَ زوبعةٍ من الرّمال،
وَمُقلَتاكَ،
حَولَ رَجْعِ الصّدى بَقيَتا تَطوفان.
أيا طفليَ الدّاخليّ،
تلكَ هيَ دِرعُ النّار أدثِّرُكَ بِها،
وَلْتَذكُر كلّما وَهَنتَ، فيما أنتَ تكبُر،
أنّ الحُبَّ الذي يُحرِقُنا،
هوَ ذاتُهُ الذي يَحمينا.