أدب

غزّة سِراج الرّوح

شعر: فايز حميدي – أديب فلسطيني مغترب
-١-
يا عاريَ الصَّدر لا أحدٌ سواكَ
يا مُترب القدمين والخطوات الوَاهنة
في العينينِ أصالةٌ ترفضُ المهانة
وبريقاً يرفضُ الانطفاء
وفي الأعماقِ جذوةٌ تحت الرًّماد …
الليلُ في هزيعهِ الأخير
مئة قابيل وَيزيد
ينهمرُ سيولاُ من سعيرٍ ولهيب …
-٢-
_ يا عاريَ الصَّدر
عم تبحث في الرُّكام والرَّماد
وليال الدُّجى ؟
_ أبحثُ يا سيدي عن زيتونةٍ أرختْ
جدائلها ، وأورقتْ :
نشيداً
وفرحاً مُطرزا بالرًّحيل
وأسفاراً عتيقة
أبحثٌ عن حلمٍ يرتدي جَسدي
وحريةُ ضاجعتها الحٍراب
أبحثُ عن عشقٍ غلفه الضًّباب
وطيفهُ الهاربُ من أجندةِ هذا الزَّمان
أبحثُ عن سراج روحي
عن وطنٍ يتأرجحُ في لبّ الطَوفان
وجههُ مَوطن الدَّهشة
وساعداه جداولٌ وشقائق النُعمان
أبحثُ عن كومةٍ من ترابٍ هي بيتي
ولا أريدُ سواها
وعن قلوبٍ تضمُ أشلاءها
أبحثُ عن نبيَّ الله عيسى
يجرُّ في غزة صليبه !!!
-٣-
أيَّها الغريبُ
هي نكبة التِّيهِ
هل ضَاعتْ الحِكمةُ منَّا
يا صَديقَ اليأس والرَّجاء والزَّمن الصَغير
في بسَاتينِ عينيكَ عَتمُ الزَّمان
وهمومُ الرَّحيل
تَقتلني نَظرتُكَ الشَّائخة المَخنوقة
كالصنوبرِ الحَزين
تقتُلني رجفتكَ الحانية الوَديعة كالتعب
رمحٌنا المَكسور يصيحُ بنا
لغتنا الخَضراء باتت رمادا
والحلمُ صارَ دمعاً والنهار ظلاما
الجوعُ يُمزقنا
يصهلُ في أحداقنا
وحدنا في النِزال
والحصار
والدَّمار
ووحشة الرَّدى
وكم سرّنا على أهدابنا المتكسرة !!
-٤-
البحرُ يَعرفنا
البحرُ يُغرقنا
البحرُ لوحَ لنا وَبكى لأجلنا
وفي عُيوننا بَقايا الصَّرخة الأخيرة …
-٥-
قالت لنا آهاتنا
أكل الفراغ نداءنا
ونما على أشلائنا زمن الخَطيئة
والفضاء القَتيلا
هو زمن بغداد هولاكو
وغرناطة فرديناند
وغزة النتن ياهو
أألوم الريحُ ما دام الرُّبان سادراً ؟
أيُّها الغاصب تموتُ النفوس ولا تُذلُ
العتمةُ تفردُ سَطوتها وَيُحفرُ القبرُ !!
هل يغرد الفَجرُ ؟
-٦-
الطريقُ يا أبي يُدحرجُ أهواله
من جٌرحٍ إلى جُرحٍ
هل صَارتْ الشَّمس تُرابا ؟
يا وطنَ الدَّم المَسفوك
الكلُّ يرقبُ مَوتنا
قبائلُ العُربان ضًيعوا عَمائمهم
وَنكَّسوا راياتهم
وَهجَروا أنبياؤهم
وأطفؤا قناديلَ صلاتهم
واتحدوا خلف ” يوشع”
الثَّراء غمرَ جُيوبهم
والعارُ ملء قٌلوبهم
عقاربهم تَصيءُ ، وغربانهم نعيقُ
وأفاعيهم فَحيحُ
وأرضهم استيطان ، وذلٌّ ، وعار
وهضابهم ترتلُ مرثية الرَّحيل
-٧-
اللظى في أضلعي والنفوس تُضام
كمْ تَتملكني الرَّغبة يَا أبي
أن أثقبَ جُدران الأيام !!
وأن أتطهرَ من بلادِ العَار
وأن أتحوَّل إلى حشرةٍ
أو رائحةٍ
أو دخانٍ
أو غبار ٍ
كم كُنتَ أيُّها الغَريب غَريباً
وَمهجوراً كَرصيفٍ شَتوي !!!

القدس الموحدة عاصمة فلسطين الأبدية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى