إبداع العراقية تستذكر الراحل الكبير د. عناد غزوان
بغداد | خاص
أشاد وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم بالمنجز العلمي والابداعي للاستاذ الدكتور عناد غزوان معلنا نية الوزارة على إعادة طباعة مؤلفات الراحل الكبير بطبعات أنيقة تليق به.
جاء ذلك خلال الندوة الافتراضية التي أقامتها منصة ابداع في بغداد مدينة الإبداع الأدبي/ اليونسكو ضمن مشروعها (حاضرون بيننا) لاستذكار المبدعين الذين غادرونا تاركين لنا إرثاً علمياً ومعرفياً وابداعياً خالداً وذلك مساء الجمعة من خلال الفضاء الافتراضي في جلسة خصصت للناقد والمترجم أ.د. عناد غزوان في يوم ميلاده، وشارك في الندوة التي أقيمت بإدارة متميزة من أ. د. سعد محمد التميمي، ومشاركة أربعة أجيال من الأساتذة، والمبدعين الذين تتلمذوا على يد د. غزوان، وهم: د. طارق الجنابي، د.عبد الرضا علي، د. سعيد الزبيدي، د. حاتم الصكر، الشاعر عبد الرزاق الربيعي، ونجله د. معتز عناد غزوان إلى جانب مداخلات لعدد من الباحثين.
وأضاف د. ناظم: إنَّ الكلام عن استاذي الدكتور عناد غزوان طويل، وهو الذي تتجسّد فيه التلمذة الأخلاقية، والعلمية وهو الكاتب البارع والناقد اللامع، وقد كنّا محظوظين أن تتلمذنا على هذا الجيل من القامات العلمية.
مردفا: نتمنى أن نواصل السير على خطاهم، ونجدد الوفاء لهم وقد كان له الأثر الأخلاقي الأكبر في نفسي؛ إذ كان صامداً في كل الظروف، وكنا نألف نغمة صوته ونلاحقه أينما حل، وسنعمل على اعادة طباعة مؤلفاته بطبعات أنيقة تليق به .
وأكد أ.د. طارق الجنابي أنَّ د عناد غزوان لا يشبهه أحد إذ عرف بإنسانيته واجتماعيته ورعايته لطلبته وتشجيعه لهم ،فضلاً عن علمه وموسوعيته إذ اشتغل في النقد والترجمة، عرفته شاباً متألقاً من خلال التلفاز وقد درسنا مادة الكتاب القديم، وكانت حياتنا بوجوده جميلة.
وقد وقف أ. د. عبد الرضا علي عند خبرته العلمية وابداعه النقدي ،قائلا: إنَّنا في الدراسة الأولية كنا نتطلع لننهل من علمه، وكانت محاضراته تتسم بالعمق والتحليل ، ولا أنسى المحاضرة القيمة التي ألقاها في جامعة الموصل عن المعادل الموضوعي.
أما أ. د. سعيد الزبيدي فقال :لقد كنت محظوظاً أن أتتلمذ تحت يد أستاذي عناد غروان ولي مواقف كثيرة معه وكانت تجلياته تجعل المستمع يتمنى الا ينتهي من كلامه وقد حظينا برعايته لكتاباتنا الشعرية والقصصية ، ولا أنسى كيف اقترح عليَّ موضوع أطروحة الدكتوراه وأكد اجادته الألمانية فضلاً عن الانكليزية.
وعبر أ. د. حاتم الصكر عن تقديره وشكره لمنصة ابداع لاستذكار علم من اعلام العراق، وأكد أنَّ الدكتور عناد غزوان من ذوي الأبعاد الثلاثية أكاديمياً وكاتباً وإنساناً ،وأنه من الأجيال النقدية العراقية التي اجتازت أسوار الجامعة الى فضاء الهواء الطلق ،وكان له منهجه في التعليم والكتابة النقدية وقد ترك اثراً كبيراً في طلبته في اليمن على قصر المدة التي حل فيها استاذاً زائراً، وقد أضاف الكثير مما يؤكد كفاءته فهو من أوائل من أدخل مفهوم النص الى الدرس الجامعي والتمركز حوله في الدرس النقدي ، وهو ناقد جمالي، ونوَّه إلى أنَّ من يدرس النقد العراقي واجياله فهو يستحق الدراسة ويرى أنَّ نقد النقد مقصر مع كثير من أعلام النقد العراقي ،وأشار الى أن د.عناد غزوان كان يرى أنَّ الناقد يجب ان يكون قادراً على الموازنة، وامتلاك الحس النقدي وتمثله للتراث النقدي العربي، ويرى أنَّ النقد يجب أن يكون أدباً مما يتطلب العناية بلغة النقد والابتعاد عن التعميم الجامد، وذكر أنه يرفض نظرية ارتباط البحور الشعرية بالموضوعات من خلال تحليل قصيدة جبران، أما أ. د. صالح هويدي فقد تحدث عن موقف الدكتور عناد معه عندما عاد من القاهرة ليعمل تحت إشرافه، وكيف دافع عما قدمه في أطروحته في الدراسة النفسية لنتاج بعص كتاب القصة، وأكد قدرته النقدية.
أما الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي، فقد بدأ حديثه بالإشارة إلى ظاهرة في ثقافتنا تبدو جلية للمتابعين تتمثّل في داء( الزهايمر الثقافي)، بسبب: الجحود، والعقوق، فأسماء كثيرة لها إسهامات واسعة لا تكاد تُذكر، لكن من الجميل في هذه الجلسة غياب الجهود، والعقوق، وحضور الوفاء والبِر بالآباء، موجهاً الشكر للمشاركين على وفائهم ود.سعد التميمي على إلتفاتته الكريمة لرمز أغنى المكتبة العربية بالعديد بالمؤلفات الادبية، والنقدية، هو العنيد عن النسيان د.عناد غزوان، والشكر موصول لولده البار د. معتز وقال” أنا من المحظوظين الذين تتلمذوا على يدي د.عناد صاحب العقل النيّر المتفتح الذي كنّا نتشوّق لمحاضراته، فلحضور هيبة، ولصوته وقع على الأذان يجعلنا نصغي إلى نهاية المحاضرة، التي يطوف بنا خلالها في آفاق المعرفة، فحين يدرّسنا مادة ( دراسات أدبية باللغة الإنجليزية )كان يتجول بنا في ساحات النقد فيتحفنا بآرائه النقدية في مختلف القضايا الأدبية، وعندما يدرّسنا ( مادة النقد الادبي ) كان ينقلنا الى رحاب الأدب العالمي.
وأضاف الربيعي :كثيرون لا يعرفون أنَّ المرحوم غزوان كان شاعراً ، لكنه حجب قصائده عن القراء وذات مرة سألته عن علاقته بالشعر، فأجابني : أحببت الشعر حين عرفته لغة وجدان واحساس وعاطفة حباً عفوياً منذ مراحل دراستي الأولى وأعني المرحلة الإبتدائية سحرتني القصيدة بموسيقاها وايقاعها واستجبت لهذا السحر فنظمته شعراً نشرت بعضه،
وقرأت بعضه على أصدقاء دراستي في مناسبات مختلفة، وتبلور حبي للشعر القصصي، فكتبت أكثر من قصة شعرية، أنشدت بعضها، ومازلت أحتفظ ببعضها الآخر، وعندئذ اكتملت في ذاتي صورته الفنية الشفافة الرقيقة وحبها مشرقاً من وجوه الحياة والحب، والجمال، والانسان
وأكد” رغم أن تخصصه هو الأدب القديم، وحملت رسالته عنوان(القصيدة العربية أصلها وخصائصها وتطورها الى نهاية العصر الأموي)، لكنه لم يتوقف عند تخصصه في الأدب القديم فكانت كتاباته منصبة على الأدب الحديث الذي هو امتداد فني للتجربة الأصيلة في واقع جديد وبيئة حضارية جديدة تمثل ملامح التفرد والابداع في الثقافة الادبية العربية المعاصرة التي تعد واحدة من الثقافات المهمة في حياة الانسان المعاصر فكرا وحداثة وتطوراً.
النقطة الأخيرة التي تحدث عنها الربيعي كانت تتعلق بعنوان كتابه” المرثاة الغزلية، كونه جمع غرضين متناقضين هما : الرثاء والغزل، وحين تقصى الأمر لاحظ أن الألم هو القاسم المشترك الذي يجمع بين لوعة المحب، وحزن الذي فقد عزيزاً ، وقال الربيعي” يبدو أنه أفادني عندما كتبت ديواني” قليلاً من كثير عزّة” إذ جعلت عنواناً فرعياً هو (نصال الوجد والفقد والسهد) فجلعت مرثية زوجتي قصيدة حب ،واختتم حديثه بالإشادة بحضور الراحل الإنساني وملازمة روح المرح له حتى وهو في أصعب الظروف، خصوصاً في صنعاء عندما أجرى عملية جراحية، تلك العملية لم تقف حائلاً بينه وإلقاء محاضراته على طلابه مخفياً كيساً يجمع الدماء التي تخرج من جرحه.
من جانبه ،أكد د. محمد عبد الرضا شياع أنه على الرغم من عدم تتلمذه على أ.د. عناد غزوان الا أن جهوده كانت حاضرة معه وبشكل خاص الأنطولوجيا المخصصة عن لوركا وقد كان نقده متوازنا بين المبنى والمعنى.
وتحدث د معتز عناد غزوان فشكر منصة ابداع والسيد وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم والأساتذة المشاركين في هذه الجلسة وأشار إلى أنَّ لوالده ديوان شعر، مخطوط سيطبع قريباً.
وفي ختام الجلسة اشاد السادة الحضور بالادارة المتميزة للجلسة من قبل أ.د. سعد محمد التميمي مثنين على حسن ادارته ومثمنين مبادرته في احياء ذكر رموز الثقافة العراقية الوطنية وتراثهم العلمي والادبي