أدب

كان حلما.. !!

قصة قصيرة

د. تامر محمد عزت | القاهرة

نور:
لماذا ينظر إلىّ صاحب القميص الأزرق بهذا الشكل؟ ، مريب، يبدو من مظهره أن به خلل ما، اقذف بالطعام في فمي وفم طفلتي دون اكتراث له، لا، عيناه تلاحقني بشكل عجيب، رغم أنه يجلس بجواره شخص بدين، أبيض البشره، ولا يهتم إلا بتناول الطعام مثل الذي لم يأكل من الصباح، أما هذا الذي يفترسني بنظراته أقل بدانه وأقل شهيه للطعام، كانت الوجوه كثيرة من حولي في هذا المبنى ولكن فجأة أصبحت الكراسي فارغة إلا من طاولتي وطاولة هذا الذي يبحث في وجهي عن شيء ما، رغم وجود سيدات أمامهما، يبدو أنهما زوجاتهما، لا أرى ملامحمها لأنهما أعطي لي ظهريهما، وبقي هذا الذي يتأملني بشكل مريب، من هو؟ ولماذا؟ ، الغضب يزداد من داخلي، من هذا المريب؟ لماذا يتأملني بهذا الشكل ولا يخجل من الحاضرين معه؟
سأنصرف بهدوء.. سأترك له المطعم كله.. لم يتبق إلا شطيرة ابنتي سأطلب من الجرسون أن يلفها في كيس خاص.. لابد أن هناك أمر ما.

فؤاد:
غريبه جدا تلك المرأة التي تجلس أمامي وهي تُطعم ابنتها، أنا على يقين أنني رأيت هذا الوجه من قبل ، الوجه المستطيل والعيون الملونة، طويلة القامة، جسدها متناسق، ترتدي قميص أزرق مثلي، محجبه، بنطلون جينز لونه ازرق غامق، أين رأيت مثل هذا الوجه من قبل؟ لا أعلم، لم أعد أنصت للحضور المتمثل في زوجتي وصديقتها وزوجها، حسنا، الكل مشغول في طعامه، وأنا مشغول بهذا الوجه، نعم، أنا رأيتها من قبل، أين؟ ، محاولة لنشر كل الصور في شريط سينمائي، لا تسعفني الذاكرة، يبدو أنها تجاوزت الثلاثين، ملامح ابنتها الصغيرة تقول أنها تزوجت وأنجبت وحدث الطلاق، ملامحها حزينه، إنها تنظر تجاهي في اضطراب وقلق، هل شعرت بالاضطهاد من قبل ؟، لازالت عيونها قلقه، غير مرحبه لوجودي، إنها تُسرع في تناول وجبتها بعد أن كانت تأكل على مهل، تستدعي الجرسون، تحمل بقايا الطعام، إنها تقوم من مكانها، غادرت وألقت نظره أخيره ، تلاقت فيها العيون وحولها طافت جميع الاسئلة.. المحيرة .

****
غادرت نور المطعم وهي تتساءل، ألقت بجسدها داخل سيارتها ، واطمأنت على ابنتها بجوارها، سحبت حزام الأمان وأشعلت أغنيه لفيروز وظلت هائمه.

****
فؤاد يجلس بجوار صديقه وخلفه زوجته وزوجة صديقه يتحدثان عن الطعام ولذته وكيف كانت النفس شهيتها مفتوحة لهذه الوجبة، أما فؤاد فكان عقله مع عيون غابت منذ لحظات.. هو متأكد أنه رآها من قبل.. مازال العقل يريد أن يتذكر ولكن هناك ضباب حوله يمنعه من الرؤية.

***
في حديقة ما.. كان شعاع الشمس يفرش بضوءه الذهبي على أعشاب وورود الحديقه.. كانت نور تجلس بجوار فؤاد.. ودار بينهما حديث

نور: كنت سعيدة جدا عندما رأيتك اليوم
فؤاد: وأنا أيضا.. لم أرك منذ زمن بعيد
نور: منذ أن أبعدونا عن بعضنا البعض
فؤاد: نعم.. لم نستطع الوقوف أمام التيار
نور: أنا مسلمة وأنت مسيحي
فؤاد: و أنا أحبك وأنتِ تح…

صوت من بعيد : ما هذا الذي أراه؟

الحديقة تحولت إلى مبنى بارد محاط بجنود من الشرطة من جميع الجهات، ويقف على رأسهم رجل يعرفه فؤاد جيدا.. والد نور.. عميد الشرطة.. صاحب السُلطه.. بأمر واحد منه.. انتصبت بندق العساكر وأطلقت النيران.. وصرخت نور.

***
هرولت ابنة نور إلى غرفة أمها واحتضنتها
وفي ذلك الوقت.. استيقظت زوجة فؤاد على صراخه واحتضنته

ماذا حدث؟

قال فؤاد… وقالت نور رغم اختلاف الأماكن في نفس الوقت:
كان حُلما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى