أسرة آل مدَّاد وعطاؤها العلمي والأدبي
شيخة الفجرية | كاتبة عُمانية
الأسرة نواة المجتمع، هكذا تقول الأدبيات الاجتماعية، وتعمل الأسرة على تمثيل المجتمع بما هو عليه من قيم ومرتكزات. ويشيع العمل الجماعي كثيرًا في النظام الأسري، إذ أنه بين مفهوم الفردانية (Individualism)والجماعاتية(Collectivism)، تنتظم العديد من “ممارسة أهداف الفرد ورغباته”، وترتكز “على أهمية التواكل المتبادل بين أفراد المجتمع”، بـ “إعطاء أولويةٍ لأهداف المجتمع كافةً فوق أهداف الفرد”. وإذا كان العلم إفاضة إلهية، فالعلماء منحة ربانية، وذلك المفهوم من قوله صلى الله عليه وسلم: ” إن العلماء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظٍ وافر”.
ومعنى الأسرة العلمية: هي الأسرة التي يُوهَب أو يُرزَق كل أو بعض أفرادها علمًا واحدًا أو عدة علوم يبحثون فيها بما توفر لديهم من أدوات علمية ويستنبطون منها ما ينفع الناس، ويروى عن الإمام أحمد أنه قال:” إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه وليس يناله أحد بالحسب ولو كان لعلة الحسب لكان أولى به أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
يقول الدكتور خالد حربي في كتابه “الأسر العلمية ظاهرة فريدة في الحضارة الإسلامية”: “لقد شهد المجتمع الإسلامي إبان عصر الترجمة التي ازدهرت في العصر الأموي وبلغت ذروتها في العصر العباسي وجود أسر علمية أسسها الأفراد ولعبت دورا مهما في نقل الكثير من علوم الأمم الأخرى إلى العالم الإسلامي”.
وعُرِفَ العلم عن أهلِ عُمان، فقد كانت تبسطه في أسواقها ومدارسها في الجاهلية وصدر الإسلام، شعرًا ونثرًا، لينهل منه الشعراء والعلماء والأدباء والفقهاء، ويؤمها العطشى للعلم ومنهم أبو سعيد السيرافي، ويغادرها الملأى به ومنهم الخليل بن أحمد الفراهيدي، لينشره في بقاع الدنيا.
وقد أحصى الشيخ سيف بن حمود بن حامد البطاشي، المتوفى عام 1420ه ـ 1999م، في كتابه: “إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء عُمان” موسوعة تراجم أعلام عُمان، التي شرع المؤلف في تصنيفها قبل سنة 1410هـ، الموافق 1990م، إلى سنة 1418هـ الموافق 1998م، فأخرج منها ثلاثة أجزاء؛ أُصدرت كالآتي:
ـ الجزء الأول في عام 1992م (علماء القرن الأول حتى أواخر القرن الثامن الهجري).
ـ الجزء الثاني في عام 1994م (علماء القرنين التاسع والعاشر الهجريين، وعلماء آخرين عددهم 37 عالمًا لم ترد في المصادر أخباراً وافيه عنهم).
ـ الجزء الثالث في عام 2001م (علماء منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وعددهم 241).
كان هذا الإحصاء للعلماءِ أفرادًا وأسر، ومن هذه الأسر العلمية في نزوى أسرة المشايخ آل مدَّاد وهم من قبيلة النعب، وظهرت هذه الأسرة في القرن الثامن الهجري وقدمت أسماء عديدة كان لها دور مشهودٌ له في العلم والفتوى والإصلاح والسياسة، حتى القرن الثاني عشر الهجري. استعان الأئمة اليعاربة بهم في إدارة القضاء والأحكام في نزوى، جاء ذلك في رسالة “قيد الأرض” الإمام سيف بن سلطان الثاني (حكم بين عامي 1711-1718)، التي وجهها إلى الشيخ العلامة الصبحي، يطلب منه فيها بإقامة الشيخ سليمان بن ناصر بن محمد بن مدَّاد المدَّادي النزوي حاكما في نزوى.
وبعض علماء هذه الأسرة كالآتي:
ـ الشيخ فضالة بن سند أو فضالة بن مدَّاد بن سند الناعبي (له أجوبة في بيان الشرع)، ولكن يقال: إن هذه الأجوبة من زيادات النساخ أن الشيخ فضالة من فقهاء القرن الثامن الهجري والشيخ صاحب بيان الشرع من فقهاء القرن الخامس الهجري.
ـ العلَّامة مدَّاد بن فضالة (له فتاوى في الأثر).
ـ العلَّامة مدَّاد بن محمد بن مداد بن فضالة.
ـ محمد بن مدَّاد بن محمد (له ديوان شعري طبعته مكتبة محمد بن أحمد البوسعيدي وذكر الشيخ المؤرخ البطاشي شيئا من قصائده في كتابه إتحاف الأعيان الجزء الثاني).
ـ العلَّامة محمد بن عبدالله بن مدَّاد بن محمد بن مدَّاد بن فضالة (له أجوبة كثيرة في منهاج العدل وكتاب الايجاز للسيجاني).
ـ العلامة أحمد بن مدَّاد بن عبدالله بن مدَّاد بن محمد بن مدَّاد بن فضالة (وله كتاب خزانة الأجواد لا يزال مخطوطا).
ـ العلامة قاضي القضاة محمد بن عمر بن أحمد بن مدَّاد بن عبدالله بن مدَّاد بن محمد بن مدَّاد بن فضالة (قاضي الإمام ناصر بن مرشد في نزوى/ له فتاوى كثيرة في التبيان للشيخ درويش بن جمعه المحروقي).
ـ العلامة سليمان بن محمد بن مدَّاد بن أحمد بن مدَّاد العقري (كان قاضيا للإمام سلطان بن سيف بن مالك على نزوى/ له جوابات في الأثر).
ـ الوالي عبدالله بن محمد بن بشير بن مدَّاد الناعبي النزوي والي نزوى والقائم على عقد الإمامة لمحمد بن ناصر الغافري).
وعليه، فقد أقام النادي الثقافي ندوة أسرة آل مدَّاد وعطاؤها العلمي والأدبي، وكانت الندوة بين افتراضية وقائمة في مبنى النادي الثقافي في مسقط، أدارت الدكتورة بدرية بنت محمد النبهاني جلسة هذه الندوة الأولى، بينما كانت إدارة الجلسة الثانية للدكتور ناصر بن سيف السعدي، وكان المتحدث في المحور الأول وهو التعريف بنسب آل مدَّاد الأستاذ سند بن حمد المحرزي.
والمحور الثاني: الظروف الاجتماعية والسياسية التي نشأت فيها أسرة آل مداد، تحدث فيه الدكتور سلطان بن خميس الناعبي
والمحور الثالث بعنوان: امتداد وجود الأسرة المدَّادية ودورها الإصلاحي ونتاجها العلمي تصدى له الشيخ سعيد بن ناصر الناعبي.
وفي المحور الرابع: الأسرة المدَّادية ودورها في العقد والحل والقضاء
والمتحدث فيه الشيخ الدكتور عبدالله بن راشد السيابي.
أمَّا المحور الخامس بعنوان: الأسرة المدادية ودورها الأدبي، (الشيخ محمد بن مداد الناعبي أنموذجا) للدكتور هلال بن محمود البريدي.