سوالف حريم.. القدس لي
حلوة زحايكة – القدس العربية المحتلة
من لم يدخل القدس، ولم يصلّ في مساجدها وخصوصا الأقصى الشريف، وفي كنائسها وخصوصا كنيسة القيامة، فانه لم يدخل جنة الدنيا التي ستدخله جنة الآخرة، والعربي أو المسلم أو المسيحي الذي لم يعقد العزم لشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى، فانه يفوّت على نفسه خيرا كثيرا وأجرا عظيما. ففي القدس عبق تاريخ لا يكذب، ونسيم القدس العليل المخضب بالقداسة يبعث الطمأنينة في النفس والراحة في الجسد، وهذا ما لا يوجد في مدينة أخرى. ومن يدخل القدس ويراها بمقدساتها وتاريخها العريق سيعشقها طيلة حياته، وكم هو محظوظ من يسكن القدس ويعيش في أكنافها رغم كل المحن التي تعانيها المدينة من ثقل بساطير جنود المحتلين في أيامنا هذه.
وعندما تحققت أمنيتي بزيارة دولة أوربية، اعتقدت بأنني سأرى مدنا أجمل من القدس، لكنه ثبت لي أن لا أجمل ولا أروع من مدينتي المقدسة التي تحمل حضارة ستة آلاف عام، منذ بناها الملك اليبوسي العربي ملكي صادق وسماها يبوس لتكون عاصمة لمملكته، فكل حجر في مدينة القدس يتكلم العربية، ويشهد بأن بناته عرب أقحاح رغم الغزاة الذين طمعوا في المدينة وارتدوا على أعقابهم خائبين مهزومين، وبقيت القدس مكانها شامخة، والقدس حزينة على عرب هذه المرحلة الذين أضاعوها ولم يعملوا على استرجاعها.
لم أستسغ العيش لأيام في مدن أوروبية، وافتقدت مدينتي كما الطفل الرضيع الذي يفتقد حليب أمّه، ولم تهدأ نفسي إلا عندما عدت الى مدينتي، فوقفت عند باب العمود واستنشقت هواء مدينتي فعادت إليّ روحي. وبعدها قرّرت أن لا أغادر المدينة التي ولدت وعشت فيها ما حييت. وفرحتي كبيرة لأنني سأموت وأدفن فيها.