النادي الثقافي يزور مكتبة البيروني تعزيزا للتعاون الثقافي مع أوزبكستان
خاص | النادي الثقافي – سلطنة عُمان
في إطار التعاون الثقافي، والتبادل العلمي المشترك بين النادي الثقافي ومعهد أبي الريحان البيروني أنهى الدكتور محمد بن سالم الحارثي ممثّلا عن النادي زيارة رسمية لجمهورية أوزبكستان، (في الفترة من: 31 – 7، لغاية : 14 – 8- 2021م)، اجتمع خلالها بعدد من الخبراء والمختصين في مجال التراث والحضارة. استهلّت المهمة بزيارة معهد أبي الريحان البيروني بالعاصمة طشقند؛ حيث كان في الاستقبال السيد عبدوحليموف بهروم عبدالرحيموفيتش – مدير المعهد والمشرف العام على مكتبته، والسيد محمد إسماعيل البخاري – كبير الباحثين العلميين، وبِهْ زاده تورغون – أمين صندوق المحفوظات بالإنابة، ومرحبا بنت أمين – رئيسة العلاقات العامة والتواصل. إلى جانب عدد من المسؤولين والشخصيات العاملة بالمكتبة. ناقش اللقاء آفاق المساهمة المتوخاة في خدمة التراث بين البلدين، وأهمية تبادل فهارس المخطوطات، ومصورتها، كما بحث العلاقات الثقافية العمانية الأوزبكية؛ وجهود السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، في خدمة الثقافة والتراث والعمل الإنساني. بعدها عرَّج لمتطلبات المرحلة وأولوياتها، وضرورة تعزيز العمل المشترك في ظل العناية والاهتمام الساميين، اللذين يوليهما جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لقضايا التراث والفكر الإنساني والحضارة، بعدها قام ممثل النادي بجولة تعرَّف من خلالها على الخدمات التي يقدمها المعهد، واطلع على أوعية المعلومات وجانب من الإرشيف والمخطوطات المهمة التي تحفل بها المكتبة، بخاصة في مجال السير والتواريخ.
من جانبه ثمَّن مدير المعهد هذه الزيارة، وأشاد بجهود السلطان الراحل -طيب الله ثراه-، وبالدور الذي يضطلع به خليفته حضرة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-، وقال: “إن التعاون بين المعهد وأيّ مؤسسة عمانية قائم ومستمر، وأنهم يعتزون بالشراكة مع الجانب العماني، وبالتعاون الكبير الذي تلمسوه من سلطنة عمان، وشدَّد على ضرورة استمرار جهد خدمة التراث، الذي هو ملك للجميع. كما دعا الباحثين العمانيين إلى مزيد من الاستفادة مما يقدمه المعهد ومكتبته من خدمات. مشيرا إلى أن هذا المشروع -بحلَّته الجديدة- والذي تفضل جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- بافتتاحه في مرحلة سابقة، يعدُّ بحق متفرِّدا في المنطقة، وقد يسَّرَ بل ذلَّل كثيرا من الصعوبات التي كانت تواجه العاملين به، أو المترددين عليه. وأن المعهد يدين حقا لسلطنة عمان بهذا الفضل، الذي سيظل شاهدا على عطاء السلطنة، وأياديها البيضاء”.
على هامش الزيارة التقى ممثل النادي ضيف المعهد ببعض الباحثين في موضوع الحركة العلمية بأوزبكستان، وتباحث معهم مطولا حول خدمة المشروع العلمي الذي يقومون به، كما أبدى موافقته على التعاون معهم؛ لصالح العمل العلمي من جهة، وتمتينا للعلاقات العلمية العمانية – الأوزبكية.
بعدها تسلمت سفارة السلطنة بأوزبكستان -التي عملت على تنسيق برنامج الزيارة، وترتيب مطلوباتها، والتمهيد لها، ومتابعة مستجداتها- جانبا من الإصدارات العلمية العمانية؛ لتزويد مكتبة أبي الريحان البيروني، ومكتبة علي شير نوائي الوطنية، والمكتبة العامة، ومكتبة مسلمي أوزبكستان بها. كما نوقشت بعض القضايا المرتبطة بتعزيز العلاقات العلمية والثقافية بين سلطنة عمان وأوزبكستان، مع الأستاذة الفاضلة/ زينب الوهيبية- مفوضة السفارة، والمشرفة على ترتيبات الزيارة، وإعداد برنامجها.
مكتبة علي شير نوائي الوطنية، وجولة في قسم المخطوطات:
لاحقا -وفي قلب العاصمة طشقند-، تمت زيارة مكتبة الأديب والشاعر الكبير: علي شير، أحد أهم أعلام أوزبكستان، والتي تحوي في صورتها الراهنة حوالي (٢٦) ألف مخطوطة، إلى جانب ملايين النشرات والكتب والمجلات والرسايل العلمية، وهي مكتبة عامرة، غاصَّة بالمترددين؛ من باحثين ودارسين وأكاديميين وطلبة علم. استقبل ممثل النادي ومرافقيه السيدة/ جل بهار، التي عملت جولة عرَّفت من خلالها بأهمِّ مشتملات المكتبة وقاعاتها، وطريقة البحث والتفتيش فيها. ثم ما لبثت أنْ طافت بالفريق حول أهمِّ أروقتها وقاعات البحث فيها. وقد خصّصت قاعة المخطوطات من بينها بالعناية البالغة، وتمَّ الاطلاع هناك على قوائم المخطوطات وببيوغرافياتها المختلفة، كما نوقش طلب بعض المخطوطات المهمة والنادرة، التي تحتفظ بها.
ومما يعجب له الزائر إتاحة المخطوطات للعرض؛ بطريقتي: المناولة للمخطوطة، والعرض الالكتروني عبر الأجهزة الموجودة، وبالرجوع إلى الفهارس المصنفة تصنيفا جيدا يمكن طلب أيٍّ من المخطوطات القيمة التي تحفل بها؛ بكل يسر وسهولة. كانت الزيارة غنية ومثمرة. وعلى هامشها التقى ممثل النادي والفريق المرافق له ببعض الطلبة الأوزبك الدارسين للغة العربية، وتباحث معهم حول آلية دراسة العربية، وطرق تطويرها، وأبدى التعاون التام لكل ما من شأنه خدمة تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وتنسيق تعلمها في السلطنة.
مكتبة إدارة المسلمين بأوزبكستان، وجهد الدعوة والإرشاد:
إلى جوار الصرح المفتوح لجامع حضرت إمام تمت زيارة إدارة المسلمين بأوزبكستان -التي تقوم عمليًّا بدور وزارة الأوقاف والشؤون الدينية-، وكان في الاستقبال أحد كبار مديريها، وقد تفضّل بشرح ما تقوم به من جهود الإجابة على الفتاوى، وتنظيم الشأن الإسلامي والأوقاف بأوزبكستان عامة. بعدها أخذ الفريق جولة تعريفية على أهمِّ مرافق الإدارة. وزار خزانة المخطوطات الرسمية، التي تحوي أكثر من (٤٠٠٠) مخطوطة، غالبها منسوخ باللغة العربية، كما تعرف على المخطوطات الإسلامية والعربية وكتب السير والتواريخ، واطلع على أهم المخطوطات المحتفظ بها، ومما يحمد للمكتبة أن معلوماتها وأوعيتها مكتوبة غالبا باللغة العربية، غير أن المكتبة في راهنها لا تتيح -للأسف- فرصة الحصول على مصورات المواد المطلوبة، الأمر الذي يفوت مصلحة كبيرة على الدارسين، ويستوجب من الباحث الإقامة والتردد الطويلين على المكتبة. مع هذا فإن القائمين على المكتبة متعاونون جدا، في كل ما من شأنه خدمة البحث والعمل العلمي الجاد.
متحف المخطوطات، ونسخة مصحف الخليفة عثمان:
وفي زيارة مصاحبة لمتحف المخطوطات المجاور للمبنى الرئيس للإدارة، تمَّ التعرف على أقدم المخطوطات النادرة، التي يقتنيها المتحف، وعلى رأسها مصحف الخليفة عثمان، المنقول من سمرقند، والموضوع في قبة داخل إطار زجاجي مغطى بمخمل أخضر، كتبت عليه بعض الآيات والنقوش الإسلامية اللافتة.
شمل برنامج الزيارة كذلك أهم معالم كلٍّ من: بخارى وسمرقند، اللتين تعدان بحق حاضرتين مهمتين من حواضر العالم الإسلامي، ولا زالتا -رغم نقل كثير من تراثها الفكري إلى العاصمة طشقند- تحتفظان بثروة مهمة لا تقدر بثمن.
يمكن إجمال أهم ما خرجت به الزيارة من خلال النُّقط الآتية:التعرف على طبيعة التراث العربي والإسلامي الذي تحتفظ به خزانات المخطوطات العامة والخاصة بأوزبكستان،وفحص عدد من المواد التراثية النادرة، وتقييمها، وتبيُّن مدى الإفادة منها لخدمة التراث والتاريخ العماني خاصة، والتراث والتاريخ العربي والإسلامي عامة، زيارة المكتبات وخزانات المخطوطات الأوزبكية، والتعرف على ما تشتمل عليه من أوعية معلومات، وتكشيف فهارسها، والاطلاع على أهم الخدمات التي تقدمها،العثور على مخطوطات نادرة ومهمة، ورسائل تاريخية قيمة، يعرض بعضها لأول مرة، والتمكن من تصوير طائفة من تلك المواد، والتفاهم مع مقتني بعضها الآخر على التبادل والبيع والشراء،الاطلاع على أهم المواقع والآثار الحضارية التي تَغْنَى بها أوزبكستان، والتي تعكس تعاقب الدول والحضارات المتتابعة على المنطقة، زيارة المتاحف الرئيسة، ومدارس التعليم التاريخية، والأسوار والتحصينات العسكرية، المحيطة ببخارى، والتي تعد اليوم إرثا حضاريا إنسانيا عالميا، بناء شراكات علمية منتجة، تسهم في تعريز وجه من وجوه التواصل الحضاري والعلاقات العلمية البنّاءة (العمانية – الأوزبكية)،لقاء عدد من كبار المسؤولين والباحثين والأكاديميين الدارسين بأوزبكستان، والتعرف على مشروعاتهم العلمية المرتبطة بخدمة التراث، وتبادل المعارف والخبرات البينية، وتقديم التعاون اللازم، وتدارس وجوه الدعم الممكنة؛ لصالح الدرس العلمي.