اتحاد كتاب ديالى يوقّع كتاب “التناص مع القصص القرآني في شعر أديب كمال الدين”

بقلم: عمر رعد | ديالى – العراق

جرى في مقر اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة ديالى مؤخراً حفل توقيع كتاب (التناص مع القصص القرآني في شعر أديب كمال الدين) الصادر عن منشورات اتحاد الأدباء والكتاب في العراق 2021 للناقدين الكبيرين: د. فاضل عبود التميمي (العراق) ود. نجلاء أحمد نجاحي (الجزائر). وتوزعت محاور الحفل على شرح قدّمه الأستاذ الدكتور فاضل عبود التميمي تعرّض من خلاله إلى موضوع الكتاب وفصوله، كذلك أجواء الكتابة بوصفها لقاءً فكرياً بين فكر عربي يمزج محتوى علمياً، جانبه الأول عراقي وجانبه الآخر جزائري. وما تتيحه هذه اللقاءات من رؤى نقدية تسهم في توسيع دائرة الثقافة الأدبية، وتقرّب مجالات الإجراء النقدي بما يثري المكتبة العربية، ويرفد طلبة العلم بكمّ معرفي فاعل على مستوى القرءاة والتلقي. لاسيما وأن الكتاب يتعرّض إلى شاعر عُرف بجملته الشعرية التي أخذ صداها يغطي مساحات واسعة عربياً وغربياً، أعني (أديب كمال الدين) الشاعر الذي لا زالت أقلام الكتّاب والباحثين تفيض بمنجزه الأدبي عطاء وتأليفا، لما يشتمل عليه من إثارة موضوعات تعكس الشعرية المعاصرة العالية، والمادة الأدبية الخصبة التي حققت إقبالا وتقبّلا في مجالات التذوق الجمالي والتحليل النقدي.

قدّم الحاضرون مداخلات وتساؤلات حول الكتاب ومضمونه وخصوصية التجربة متضمنة قراءة لبعض من نصوص الشاعر. وكان ضمن محاور الأمسية قراءة ورقتي النقدية لمضمون الكتاب والتي كانت بعنوان (بُنى القصص القرآني في نصوص أديب كمال الدين) وجاء فيها:

منذ أن عمّقت (جوليا كريستيفا) مفهوم التناص جعلتنا ننظر إلى النص الإبداعي بوصف تشكيلا يشمتل على جملة من المقاربات البنيوية والسيميولوجية التي لا تقتصر على مستوى واحد للخطاب بتكوينه الدلالي، ومن هنا يبرز التناص بوصفه البنيةَ التي تحقق تفاعليةً متعالقةً تختزل مقوماتٍ نصيّة سابقة تمدّ بمباشرة أو عدم مباشرة تأثيريّتها على بعضها، فتسوّغت طرائق الأخذ والتأثير بمبررات علمية ومسالك أدبية تجعل النّصَ يتّسع لقراءاتٍ نقدية بالإمكان أن تحقّق الانتقال من البعد اللساني التواصلي إلى البعد الثقافي. وحينما نتعامل مع النص القرآني الشريف، فإن تراكيبه تمنح فاعلية الاشتغال على مستويات متنوعة في التلقي والتأويل، هذا ما وجدناه في هذا الكتاب. 

يحيلنا الكتاب على قضية مهمّة في طبيعة التلقي للقصص القرآني، تتجلّى ملامحها في محاولة استخراج النّص القرآني من حقل التفسير وقبضة البلاغة وهيمنة المعجم، إلى ربطه بعوالم الأدبية وثقافية عبر بوابة التناص، ولعل في الرؤية التي صِيغ بوساطتها العنوان طرح لمفهوم تبرّره خصوصية تلك الرؤية ضمن الإجراء الذي يعالج النصوص، فالمؤلفان وقفا عند خصوصية المفردة التي استعملها القرآن الكريم: (القصص)، بدل (السرد)؛ لأنّ افتراضات التناص تنطلق من الدلالة التي يرمي إليها السياق القرآني ويقدّم أبعادها، ما يعني أنّ الإجراء وانطلاقا من العنوان توقيفي لا يخرج عن مسار الخطاب القرآني وخصوصية دلالته لاسيما في جانبه العقدي، فرؤية الكتاب تشتمل على معالجة استدلالية بمنهجية تجعل للتناص حضورا في مجال ثقافي يعمل على جانبي التنظير والتطبيق زيادة على استلهام نصوص أخرى ترد فيها الفكرة، فخصوصية التناص الذي اشتغل عليه المؤلفان في طابعه الاجرائي، خصوصيةٍ تنطلق من البعد الثقافي لتجسيد صراع الشخصيات بمرجعياتها المتنوّعة.

أما محتوى الكتاب فتوزع إلى فصول ثلاثة، جاء الفصل الأول بعنوان: طوفان نوح، وفيه معالجة تناصية مجتزأة من قصة النبي نوح عليه السلام، والطّوفان حدث من أحداثها، الأمر الذي يسوغ للوقوف عند حدث معين من عمومية القصة يحيل على أنّ التميمي ينقّب الأبنية التي تشكل محورية رئيسة في القصص فيستثمر فاعليتها الممتدة في النّص الشّعري، وهذا مبرر يفنّد مسألة ابتعاده عن العنوان الرئيس، والذي يقتضي تسمية الفصل بـ (قصة نوح)، فيؤسس لمنهجية أدبية تتفحّص النّص الأدبي قديماً وحديثاَ سعياً وراء لقيات الحدث القصصي بمتعلقات ثقافية عبر بُنيتي: (تناص الحوار، وتناص الامتصاص) فيقف عند تفاعل العناصر اللغوية التي أسهمت في تكوين بؤري ينتقلب مضامينه إلى الشعر بأدبية جديدة.

أما الفصل  الذي حمل عنوان “قصة يوسف”، وهو يتشكّل هذا الفصل بتلازم منهجي مع مغايرة في التعاطي مع النص الشعري، ومبعث ذلك ثقافة المؤلفَين وطبيعة القراءة والمعالجات الإجرائية، والمؤلفة د. نجلاء أحمد نجاحي تقف عند مجمل القصة وأحداثها، فتصرّح في بذلك ابتداءً، ومع أنّ المؤلفين تحكمهما فاعلية حضور الحدث القصصي في النّص الشعري، فإنّهما معنيان بالبُنى التي تتمظهر أبعادها في النّص الشعري وتبرز بمدّيات ثقافية تكشفها القراءة والتفحّص لدلالاته المضمرة، الأمر الذي هيّأت له المؤلفة منهجيةً بطابع تنظيري ينعكس على دلالة قصة يوسف عليه السلام، حيث شعور الغربة وألم الفراق ومواجع الهجرة، وهي بذلك تقرأ النّص في حالة تعالقه مع مرجعيات تتصل بتجربة الشاعر وهواجسه الإنسانية، فصار للقصص بعد إبداعيّ، تخرجه المؤلفة بآليتين تناصيتين وظفها الفصل الأول: (الحوارية، والامتصاص) فتفسح للمتلقي إعادة انتاج المعنى برؤية نابعة من خصوصية التجربة الشعرية. 

أما الفصل الثالث الذي كُتب مشتركا بين المؤلفين، فقد عنون بـ: قصص أخرى، ومجمله يوظف شخصيات القصص القرآني بحسب حضورها في النتاج الشعري، ويطرح أيضا فكرة حضورها في الشّعر العربي قديما وحديثا، فيتّجه نحو تجربة أديب كمال الدين الشعرية، بافتراض إجرائي يعوّل على القراءة والتحليل والتأويل، كمنهجية إحصائية ومعالجة تناصية تؤصل لخصوصية هذه التجربة، ثم تؤكد المحتوى المضموني الذي ينعكس بإحالات يحدّدها الناقد أو المتلقي في ضوء جماليات التناص بأبعاده الثقافية.

يُذكر أن حفل التوقيع الذي حضره جمهور غفير من أدباء محافظة ديالى قد شارك في مناقشاته الشاعر علي فرحان، والدكتور محمد الحمداني، والأديب ثامر كلاز، وكان من تقديم الدكتور مثنى كاظم صادق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى