رحلتى إلى النوبة.. أرض الحضارة والذهب

أ.د.حمدى أحمد محمود | أستاذ المناهج وطرق التدرس (الجغرافيا)، كلية التربية – جامعة حلوان

يهتم هذا الكتاب بالأرض والإنسان فى بلاد النوبة متخذة البُعد الزمني بداية من نشأة النوبة الجغرافية حتى عام 2016 مروراً بالتقسيم الجغرافي للنوبة ثم تهجير أهالى النوبة، ومتخذة البعد الإنساني سيكولوجياً واجتماعياً، وهو ما يميزها عن باقى الدراسات التى اجتهد فيها باحثون كثيرون نوبيون وغير نوبيون لاكتشاف منابع المعرفة وتصحيح الصورة الذهنية للنوبة والمعلومات المغلوطة عنها، بُناءاً على معلومات موثقة وحيادية من مصادرها المعنية المدرجة بقائمة المصادر، وذلك من أجل التعرف على هذا الجزء العزيز من مصر والغنى ثقافياً وإنسانياً وتاريخياً، وتُعرج الدراسة على كل جوانب النوبة فى مصر، بداية بالجانب التاريخي ثم الجغرافي مروراً بالديمغرافية والسيكولوجية لأبناء النوبة، والاقتصاد النوبى، والحياة الثقافية، والتكوينات الاجتماعية، وبالإضافة إلى مكانة النوبة فى الثقافة المحلية والدولية .

صورة رقم (1) غلاف الكتاب باللغة العربية

والمدخل التاريخي للكتاب يتناول عدة قضايا ويوضح  العديد من المعلومات عن النوبة بداية بالنشأة التاريخية لبلاد النوبة مع عرضها المفصل وتحليلها استناداً إلي العديد من المؤرخين والدراسات التاريخية، مع توضيح الفترات التاريخية التي عاصرها النوبيين القدامي الذين حكموا مصر من خلال الأسرة الخامسة والعشرون ونسلهم حتى الآن المتواجدون فى أسوان ، خاصة أن فترة ممالك النوبة القديمة ، وعصر التبشير ثم الفتح العربي لمصر والعصر الفاطمي والمملوكى حتى نهاية عصر الممالك النوبية ، وهو السير التاريخي الواضح والغير مختلف عليه من الكثير من الباحثين والدارسين للتاريخ الأفريقي عامة والنوبي خاصة، ولم يغفل المؤلف اجتهادات الكثير من الباحثين بقضية أصل النوبيين، على اختلافاتهم في الرؤيا والنتائج حيث توصل بعض إلى إلحاق بعض الباحثين أصل النوبيين بالمصريين القدماء .

ويأتى الكتاب فى أربع فصول، أما عن الفصل الأول فهو بعنوان : النوبة قبل بناء السد العالى ، أما عن الفصل الثانى فجاء بعنوان : النوبة بعد بناء السد العالى، ثم الفصل الثالث وجاء تحت عنوان : رحلتى إلى النوبة ، ثم الفصل الرابع والأخير والذى بعنوان: النوبة والأنشطة الفنية محلياً ودولياً .

وقد حظيت الدراسات النوبية بقدر من الاهتمام ، سواء فى مصر أو الدول العربية الأخرى ، وفى الدول الغربية أيضاً ، حيث تناولت فيها الكثير من الجوانب الحضارية والفكرية بالدراسة والتحليل .

إلا أن دور البحث العلمى فى الكشف عن هذا التراث الإنسانى والحفاظ عليه أكثر أهمية ، وتزايدت أهمية تلك الدراسات وخاصة بعد بناء السد العالى وتهجير أهل النوبة من أراضيهم القديمة إلى المنطقة الواقعة خلف السد العالى .

وجاء فى تقديم الكتاب بقلم أ.د. صلاح الدين عرفة محمود ، أستاذ المناهج وطرق التدريس (جغرافيا)، كلية التربية / جامعة حلوان ، فى 15 / 9 / 2016م.

حينما عرض علىّ الدكتور/ حمدى أحمد محمود، الأستاذ المساعد للمناهج وطرق التدريس بكلية التربية/ جامعة حلوان، أخُطَ مقدمة لكتابه الماتع المُمتع: “رحلتى إلى النوبة أرض الحضارة والذهب”، تخّوفت لسببين: الأول أننى لم يسبق لى خوض التجربة من قبل ومن أنا حتى أُقدم كتاباً علمياً رصيناً وسط الفطاحل الذين صناعتهم تقديم الكُتب العلمية. السبب الثانى أنى لم يسبق أن قَدّم أحد لى كتاباً من  كتبى وكنت أتمنى ذلك .

فالدكتور / حمدى أحمد محمود، هو واحد من طلابى الذين أفخر بهم على الدوام فهو إنسان متميز خُلقاً وعلماً وبحثاً ودأباً، ولعل ما يشدنى إليه هو طموحاته العالية فهو حريص دوماً على الإرتقاء بمعاييره .

والكتاب الذى بين أيدينا يتناول جزء من أرض الوطن الغالى مصر، إنها أرض النوبة تلك الأرض الواقعة من جنوب الشلال الأول للنيل “بأسوان” وحتى منطقة دنقلة بعد الشلال الرابع.

صورة رقم (2) غلاف الكتاب باللغة الإنجليزية

وأتذكر فى هذه اللحظة محاضرة لأستاذنا أ.د.محمد عبد الغنى سعودى ، حينما كان يُدرس لنا جغرافيا مصر فى السنة الرابعة من شعبة الجغرافيا بكلية التربية ، جامعة عين شمس ، وذكر لنا ” أن من يتحكم فى أطراف مصر يتحكم فى الجسد ” .

والنوبة منفذ يؤدى إلى قلب أفريقيا القارة العذراء وقد كانت حضارات ما قبل الأسرات الفرعونية تتألق ساطعة من أرض النوبة .

وإذا كانت كلمة “نوبة” تستخدم كمصطلح حضارى ينطبق على منطقة وادى النيل يتكلم سكانها مجموعة من اللغات النوبية وإن اختلف العلماء فى أصل إسم “النوبة” كما اختلفوا فى تاريخ ونشأة لغات سكانها. والأصل القديم للكلمة مشتقة من لفظ “نوب” ومعناها باللغة المصرية القديمة  “الذهب” أى أنها بلاد الذهب ذاك المعدن النفيس، مما دفع العديد من الهجرات والرحلات التجارية والغزوات التى تعرضت لها بلاد النوبة منذ فجر التاريخ .

وتمتد النوبة فى الجزء السفلى – النوبة المصرية – 320 كيلو متر جنوب أسوان على جانبى النيل وحتى الشلال الثانى عندى وادى حلفا .

أما الجزء الأعلى من النوبة فيقع فى أرض السودان ونتيجة لبناء خزان أسوان ومراحل تعليته وبناء السد العالى، فقد تكونت بحيرة عظيمة تسمى “بحيرة ناصر” فوق منطقة النوبة القديمة مما أدى إلى الدعوات المتعاقبة من هيئات اليونسكو وما يماثلها من منظمات دولية لإنقاذ معابد وآثار النوبة كمعبد أبو سمبل وجزيرة فيلة .

ويتكون سكان النوبة من ثلاث قبائل كبرى هم “العرب، والكنوز والفاديجدا ” .

أما العرب فيقطنون وسط منطقة النوبة ويتحدثون العربية وهم يوزعون بين قري ووادى العرب وتعد القبائل العربية فى النوبة من بنى ربيعة وجهينة والعقيلات من جزيرة العرب ونجد . وقد اختلطوا بالنوبيين ونشروا الإسلام وبعض الملامح المميزى لقيم الإسلام والعرب .

أما قبائل الفاديجدا فيتحدثون اللغة النوبية القديمة ويعيشون فى المنطقة الجنوبية ولهم لهجة خاصة يقال لها الفديجة ” تنطق ولا تكتب ” .

أما قبائل الكنوز فيعيشون فى المنطقة الشمالية ويتحدثون اللهجة الكنزية .

ويقدم لنا الدكتور/ حمدى أحمد حامد، الرحالة المعاصر رحلة فى أرض النوبة تاريخياً وجغرافياً فيتناول فى الفصل الأول: النوبة قبل بناء السد العالى والفصل الثانى: النوبة بعد بناء السد العالى أما الفصل الثالث فهو ليصف لنا رحلته إلى بلاد النوبة بداية من الإعداد للرحلة إلى الوصول إلى المكان فى ثلاث ليالٍ ممتعة ماتعة وجاء الفصل الرابع يتحدث عن النوبة والأنشطة الفنية محلياً وعالمياً، وذيّل الكتاب بالقرار الجمهورى رقم 444 بشأن النوبة مع مجموعة رائعة من المراجع العربية والإنجليزية .

والكتاب رحلة فكرية وجغرافية وتاريخية فى جزء غالِ وعزيز من أرض مصر يوجه نظر القائمين على السياحة فى مصر للإهتمام بالتسويق السياحى لتلك المناطق . ويوجه نظر علماء التاريخ والإنثروبولوجيا للبحث فى سوسيولوجيا المعرفة النوبية والعادات والتقاليد .

تحية للفتى الرائع وكتابه الرائع ومزيد من الإنجاز ودعوة إلى رفاقه المترجلين ليمتطوا صهوة جيادهم فى الإنتاج المعرفى والبحث والتنقيب والإثراء والإبداع .

والكتاب زاخر بالأفكار والتوجهات التى تدعونا إلى مراجعة (براديم) الاستمراية الراهنة فى مسيرة مناهجنا التعليمية والسعى لتطويرها تطويراً واعياً يستند إلى مقتضيات رؤية الوطن ويبعث الحضارة من جديد. والإسهام فى بناء مجتمع يسعى لتأسيس بناء ديمقراطى يحقق فيه المصرى “أياً كان على أرض الوطن” رسالته وتفاعله الإيجابى. تحية للباحث وتحية للقارىء .

لمزيد من المعلومات يرجى مطالعةكتب:

مناهج البحث وبحوث الفعل، رحلتى إلى النوبة ، محمية وادى الرشراش .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى