قراءة في قصّة أطفال: “السّلحفاة العجيبة” للكاتبة نزهة أبوغوش

بقلم: رفيقة عثمان

  قصّة الأطفال ” السّلحفاة العجيبة” للكاتبة نزهة أبو غوش، قدّمتها الكاتبة على طاولة المناقشة؛ ضمن لقاءات ندوة اليوم السّابع المقدسيّة، قبل طباعتها وتقديمها بصيغتها النّهائيّة.

من الأهداف الأساسيّة للقصّة، هي إكساب قيمة تقبّل الذّات على حالتها، مهما كانت مختلفة عن الآخرين، كما ورد على لسان الطفلة سيليا : ” لازم يعجبنا ذاتنا مهما كان” ؛ ونفهم من ذلك بأنّه يجب أن نتمسك بأصلنا مهما انتقلنا وتغيّرت أماكننا واختلطنا بالآخرين، والحفاظ على مكانتنا وتراثنا وهويّتنا الشّخصيّة، دون التأثّر بهويّة الغير.

هذه القصّة ترمي آلى تعزيز الثقّة بالنفس، وعدم زعزعتها مهما تعرّضت لتأثيرات خارجيّة، مثال على ذلك: الاعتزاز بلغتنا العربيّة، وعدم التمسّك بلغة الغرب كوسيلة لإظهار الوجه الحضاري كما دارج عند البعض.

  يرمز بيت السّلحفاة إلى الحيّز اللّي يمتلكه الكائن الحي، وفي هذه القصّة تحثُّ قدرة الحفاظ على هذه المساحة؛ لأنّها ملكه ولا يجوز التخلّي عنه مهما حصل، ربّما هي رمز الوطن، وضرورة الحفاظ عليه منذ الصّغر.

  تظهر في القصّة أهداف ذات قيم تربويّة أخرى، ومنها تشجيع طريقة التفكيرالمنطقي والتّحليلي؛ لحل المشاكل التي تصادف الأطفال في حياتهم؛ كما ظهر عندما اقترح الأطفال عدّة خيارات بديلة لبيت السّلحفاة (القوقعة). ومواجهة المشاكل وعدم التملّص منها.

كما تشجّع على صفة التأنّي قبل اتّخاذ القرارات بالحياة، وإكساب صفة التّعاون الجماعي والمشنرك، والشّعور مع الآخرين، والتّعاطف معهم عند حزنهم وفرحهم أيضًا؛ كا أولت الكاتبة أهميّة لدور الكبار في المساعدة في حل المشكلات؛ كما ساهمت المعلّمة في تنفيذ بناء البيت البديل للسلحفاة.

  “قصة السّلحفاة العجيبة” أضفت مخزونًا لغويًا ثريًا، يثري القاموس اللّغوي عند الأطفال؛ مثل: (الغيلم – القوقعة – الزّواحف – ثغاء – جحر – حراشف – قشور – عمود فقري – تأرجح ).

وكما احتوت الفصّة على معلومات علميّة حول بعض الزّواحف، وطبيعة حياتها باختلاف أنواعها وأشكالها وأسمائها؛ مثال على ذلك: عندما تقشر الأفعى جلدها، كذلك ممكن معرفة عمر السّلحفاة وفقًا لعدد الأشكال الهندسيّة التي فوق ظهر القوقعة.

  اهتمّت القصّة أعلاه؛ بالتعبيرعن المشاعرالذّاتيّة المختلفة من حزن، وغضب، وفرح، وقلق؛ وأمان؛ لِما لها من أهميّة في حياة الأطفال، والتّماهي مع مشاعر الحيوانات، كما حصل عندما تأثّر الأطفال عندما شاهدوا السلحفاة العارية، بعد أن تخلّصت من قوقعتها، فكانت تتأوّه من الألم، ومليئىة بالأشواك والأتربة، وبكت السّحليّة وأنزلت دمعتين ساخنتين؟

  استخدمت الكاتبة بعض الزّواحف الأخرى أي صديقات السّلحفاة، مثل الأفعى والسّحليّة.برأييي من الافضل عدم استخدام الأفعى واستبدالها بنوع من الزّواحف غير المضرّة ؛ كي لا تظهر بأنّها ودودة، ويطمئن الاطفال لوجودها، فيتضرّروا منها. اقترح على الكاتبة باستخدام الحرباءبدلًا من الأفعى. خاصّة عندما تجمّع الأولاد حول الحيوان العجيب، وكانت الأفعى قريبة اخرجت رأسها من جحرها؛ لتشاهد هذا الحيوان.

  ظهر الحوار بين الأطفال بطريقة جميلة، وساهم في التفكير الجماعي لإيجاد الحلول المناسبة لمشكلة السّلحفاة، والتوصّل لحلول معقولة ومُرضية للسّلحفاة المُتألّمة. كما وظهر الحوار الدّاخلي في القصّة، عندما أعربت سلحوفة عن ندمها من خلعها لبيتها القوقعة.

  ساهم عدد من الشّخصيّات في بطولة القصّة، منها الحيوانات مثل: السّلحفاة وأخوها الغيلم، والأفعى والسّحليّة، بينما اسماء الشّخصيّات الإنسانيّة تقلّد بطولتها الأطفال: مصطفى ومينا وسيليا ونايا. (الأسماء مستوحاة من أسماء الأحفاد، التي ساهمت الكاتبة الجدّة في تسميتهم).

  من الجميل الدّمج بين الشّخصيات الحيوانيّة والإنسانيّة، وتفاعلها مع بعضها؛ لتقريب الأطفال من الطبيعة؛ ونظرًا لحب الاطفال للحيوانات، فمن الممكن توصيل الرّسائل التربويّة عبرها بسهولة وبطريقة غير مباشرة.

انهتالكاتبةقصّة “السّلحفاءالعجيبة” بنهايةتبعثالأملفينفوسالأطفال،فهينهايةمفتوحة، ” أمّا غيلم والسّحليّة والأفعى، فقد راحوا يفتّشون بين الصّخور والأعشاب عن بيت (سلحوفة) الحقيقي الّذي بعثرته الرّياح، فربّما يجدونه يوما!”. هذه النهاية تحثّ الأطفال على التفكير بنهاية يختارونها لأنفسهم، لم تقرّر الكاتبة نهاية مغلقة؛ لأنّها تُحد من تفكير الأطفال.

  برأيي لو شارك الأطفال بالبحث عن بيت السلحفاة. أيضًا.

      اشتملت الفصّة على عنصرالتشويق، اللّذي صنعته الكاتبة؛ اللّي يشجّع الطّفل لمعرفة تسلسل الأحداث. الأحداث القادمة في القصّة، كما وتحتوي على عنصر حس الفكاهة؛ كما ورد على لسان الطّفل مصطفى عندما سأل: ” كيف أعرف عمري”؟ أجابته الطّفلة سيليا ” قالت سيليا مازحةً: من عدد أسنانك طبعا.”.

هذه القصّة ملائمة لجيل الصّفوف الابتدائيّة، كما ذكرات الكاتبة في بداية القصّة، برأيي من الممكن تبسيط القصّة للأجيال ما تحت الابتدائي، وفقًا لاستخدام الصّور المُرفقة، وشرح المعلّمات.

  خلاص القول: هذه القصّة قيّمة وتستحق نشرها بالمدارس الابتدائيّة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى