مخاصمة الفكر والتكفير بأنواعه

سمير حماد | شاعروكاتب سوري

رحم الله الشاعر نزار قباني لقوله (لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية)
نحن قوم متخلفون عن ركب الحضارة، نباهي بمظاهر أو قشور أخذناها من الغرب، ونفاخر بأصالة نحتكرها دون سائر البشر، نلوذ بها في عصر الهزائم، ولا ننقد واقعا صنعناه بايدينا؛ بل ننحو باللائمة في هذه الهزائم على الاستعمار حينا وإلى عدم التمسك بالدين حينا آخر؛ هروبا من الحقيقة الجارحة.
نزعم أننا في قلب حضارة العصر، بينما نحن متخلفون عن هذه الحضارة وإن كابرنا وزعمنا غير ذلك! عقولنا معتقلة محاصرة دائما، من أحد استبدادين (سياسي أو ديني).
ويرى نصر حامد أبو زيد في إحدى دراساته (أن من أهم التحديات التي تواجه مجتمعاتنا العربية ذلك الاستخدام الأيديويوجي النفعي للإسلام لتحقيق مصالح وغايات ذات طبيعة فئوية أو سياسية أو شخصية، واختزاله في وظائف وغايات ذات طبيعة دنيوية متدنية….) أي استخدام المقدس في الشان العام؛ حيث يبقى السلوك بعيدا عن التحضر وصاحبه غير مؤمن بالانفتاح، يعادي ثقافة الآخرين دون استخدام لسلاح العقل؛ بل يواجههم بإرث الماضي الذي يعتدّ ويفاخر به.

هؤلاء يحصرون الوطن في دين، ويختزلون الدين في الوطن.
الدين سمو روحي وليس أيديولوجيا تسطّحُ الوعي وتقمعُ حرية الاختلاف وتلفّقُ التّهم لكل من ينطق منتقدا الاستبداد السياسي أو الديني، وتشهر سلاح الدين في وجه من يطالب بالحرية أو التعددية.
نحن بحاجة إلى ما هو أكثر من التنوير الآن، نحن بحاجة إلى تثوير فكري. إن افترضنا وجود الفكر؛ لكن كيف يكون هذا ونحن مخاصمون للفكر . إن مخاصمة الفكر هي المسؤولة عن انتشار ظاهرة التكفير، وهي المسؤولة عن اغتراب المواطن داخل وطنه، والتكفير لا يقتصر على التكفير الديني؛ بل يشمل التكفير السياسي والعرقي والثقافي. وكل ما يخالف السائد أو يطرح الأسئلة الممنوعة أو يدافع عن حرية الرأي والفكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى