عن فلسطين والتطبيع والحرب الدينية
د. خضر محجز
بالإشارة إلى قلته في كون الحرب بيننا وبين الصهاينة هي على الأرض، لا على الدين، سأل سائلٌ: أليس لنا ـ نحن الفلسطينيين ـ حقُّ عند العرب أو المسلمين، ليقاتلوا معنا ضد بني إسرائيل؟ وهل ترى التطبيع العربي الاسرائيلي حلالاً مباحاً، فلا نعتب على أحدٍ. وهل ترى القدس والأقصى قضية الفلسطينيين وحدهم؟
فأقول مستعيناً بمولاي لا إله إلا هو:
أولاً أنا مؤمن بأن فلسطين والقدس ملكٌ لكل مسلمٍ ـ عربياً كان أو أعجمياً ـ طالما كان يرى أنه مسلم مثلنا.
إن حقوق العرب والمسلمين في القدس، تشبه ـ مع تفاوت الأهمية ـ حقوقهم في مكة والمدينة.
أفرأيت إن احتل الكافرون من أهل الكتاب ـ أو الوثنيين من عبّاد البقر والحجر والشجر والكلاب الآسيوية ـ مكةَ أو المدينةَ، أنه يحق لمهزوم عربي أو مسلم، أو أمير ذي مؤخرة أسمنها الأرز الأمريكي؛ أن يقول للسعوديين: حرروا بلادكم؟ ليطبّع علاقاته مع عابدي الكلاب والأوثان، ويدع السعوديين يهتمون لمصير “مَكّتِهم” و”مدينتهم”؟
وهكذا يُقال هنا:
إن لنا ـ نحن الفلسطينيين المرابطين هنا ـ حقاً محقوقاً وواجباً مفروضاً في عنق كل عربي ومسلم، أن يدعمنا لنواصل الرباط، ريثما يُعد حصانه وسيفه وترسه وجيشه ويهجم، لتمام التحرير.
أبىٰ الله إلا أن يكون ذلك كذلك.
ليس فقط لأن القدس وفلسطين أُخذت من العرب والمسلمين ـ لا من الفلسطينيين الذين نزعت الجيوش العربية سلاحهم ـ بل لما لكلِّ مسلم من الحق في القدس وفلسطين، ولما أوجب اللهُ على كل مسلم أن ينصر أخاه المسلم، لاستعادة حقوقه الدنيوية، ورفع الظلم عنه.
وحتى لو رأى العرب أنهم ليسوا مسلمين، ولا يرغبون من ثَمَّ في استعادة القدس، فلا يعفيهم هذا من واجبهم الأخلاقي في استعادة ما أُخذ منهم وكانوا عليه أمناء فضيعوا أماناتهم.
إن دفاعك ـ فلسطينياً وعربياً ومسلماً ـ عن المقدسات، هو صدٌّ للعدوان، وليس إعلانا للحرب الدينية. ولو أن كانت الحرب دينية من وجهة نظرنا لكان علينا ان نشن الخرب على كل كافر في العالم ليسلم. ولكن هيهات أن يكون الأمر هكذا.
لم يكن للسادات من خيانة ـ حين تفاوض مع الإسرائيليين في “كامب ديفيد”، فاكتفى باستعادة أرص مصر، لولا أنه تنكّر لواجب مصر في استعادة ما ضيّعهُ جيشها من أرض فلسطين، التي كانت تحت ولايته قبل حرب 1967.
وما يُقال عن مصر والسادات و”كامب ديفيد”، يُقال عن الأردن والملك حسين واتفاقية “وادي عربة”.