أمّ الشهيد

حياة الرايس | شاعرة و روائية تونسية

(بمناسبة يوم الأرض أهدي هذا القصيد إلى كل أمهات الشهداء. لأن الحرب تدور في قلوب الأمهات بالأساس)

تسهر الأمّهات
يهدهدن أطفالهن
في مخمل من الحنين
وتسهر أمّهات
يرتقن أشلاء جثث أطفالهن
ابن الخامسة
وذو الحولين
وذو الشهرين
ويقسمن
ألا يطلع الصبح
حتى ينبت بين أحشائهن
من جديد جنين
^^^

تتنزّه الأمّهات
مع أطفالهن
في جنائن الوقت
وتنقّب أمّهات
بين الأنقاض
عن رائحة أرواحهن :
هذا كراسه
وهذا اسمه على كتابه
هذا إصبعه
الذي لا تعرفه إلا أمّه
هذا البوم صوره
تخرج منه ابتسامته ، تضمّد غضب الشفتين
هذا صوت أنينه
وهذه آخر انفاسه
وهذه يده تخرج من بين الانقاض
لتمسح دمعة أمّه .
^^^

آه من يمسح دمعنا
غيرك يا صلاح الدين ؟
فقم وأطلق سراح الطفولة الموءودة
تحت الانقاض
دمعي يستجير بقبرك
يا صلاح الدين
فلا طفل
ولا زو ج
لا أرض
ولا عرض ……..
والعدو لا يستثني بلدا
وحلم بني صهيون من الفرات إلى النيل
أدركني يا صلاح الدين
^^^

آه لو تعلم
بأي جرح مات “درّتنا”
يا صلاح الدين ؟
لقد كان ينزف محتضرا
بين جرحين :
جرح رصاص العدوّ
وجرح الصّمت العربي .
في حضن أبيه كان
يرتجف على شفتيه سؤال وأمل :
هل يمكن أن أجد في القبر وطن؟
هل يمكن أن أجد في القبر وطن؟
^^^
آه لقد اتسع الجرح
يا صلاح الدين
وغار نازفا من الجولان
إلى لبنان
إلى العراق
إلى فلسطين …

وترميم الجراح بالجراح
” كتكسّر النصال على النصال “
يحتاج إلى متاهات من الحبّ
ويهفو إلى واد من الحنين
وانا افتقد وجهك
يا صلاح الدين
وافتقد يدك تدفئ يدي الباردة
وافتقد وميض عينيك
يسبقني إلى الشمس
يضئ أعماق جسدي الميّته
ويرتّق جسد الوطن المثقوب
برصاص القبيلة
التي تقتتل فيما بينها
من اجل عذرية النساء
شيخها يحلم كل ليلة
بفتاة عذراء ….
وأنا احلم بأرض عذراء
لم تدنّسها قدم ذلك ” النتن ـ ياهو “

زوجي يشكّ بي
يا صلاح الدين
عندما أسرح يتخيّل
أنني أفكر برجل آخر
وأنا فعلا أفكر برجل آخر
برجل يستطيع أن يرد لأطفال فلسطين لعبهم
ويردّ للأرض العربية
كبرياءها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى