اشتباه

مصطفى العارف | العراق

توقفت سيارته أمام مدرسة قديمة على الجدار الأمامي منها  قطعة خشبية متهالكة كبيرة الحجم, وجد في نهايتها العبارة الآتية أسست عام 1958, الأمطار, وحرارة الجو  تركت اثارا واضحة ومباشرة لمن يشاهدها للوهلة الأولى, الكلمة الأولى  ثانوية مكتوبة على القطعة  الخشبية, وقد تلاشت, وانمحت الكلمة الثانية  الإخاء فقط آثار الكتابة الدالة على اسم المدرسة باقية إلى الآن, دخل إلى المدرسة شابا أنيقا يرتدي بدله أنيقة يبدو عليه كأنه طبيب, أو مهندس معماري  في الأربعينيات من عمره, في الجهة اليمنى ممر كبير فيه مجموعة من الغرف كانت الأولى غرفة المديرة عرفها من خلال القطعة التعريفية على الجدار, داخل الغرفة مكتب كبير تتوسطه  قطعة من الألمنيوم الفاخرة كتب عليها الست فاتن صبحي المديرة, وفي الجهة اليسرى  من الغرفة تجلس  امرأة كبيرة السن ترتدي نظارة طبية سوداء كبيرة الحجم تاركة أثرا واضحا على انفها الكبير, على ميز من الخشب القديم, وهي منشغلة بالكتابة, تجلس بالقرب منها فتاة شابة  تقرأ لها بصوت خافت الدرجات النهائية للطالبات, وهناك مجموعة من الهدايا, والجوائز, والشهادات التقديرية خلف كرسي المديرة, وفي أعلى الجدار لوحة فنية جميلة لفنان فرنسي مشهور  فيها طفلة صغيرة مبتسمة, تحتها مباشرة قطعة من الخشب عليها أسماء مديرات المدرسة, وبعض الطالبات  في الممر لمراجعة المدرسات, وإدارة المدرسة, سمعت اصواتا عالية تطلق من الغرف المجاورة لغرفة المديرة لمدرسات شابات  والست فاتن تجري اتصلا هاتفيا مع احدى قريباتها تشكو من زوجة ابنها المدللة , عمت الضوضاء المكان حتى انتبهت المديرة إلى وقوف علي أمامها, وهو يكرر السلام:- يسعد صباحك أيتها المديرة.-: صباح الخير, وغلقت سماعة الهاتف بسرعة.

تفضل أستاذ اجلس كان جلوسه مقابل غرفة المدرسات المكتظة بالنساء الجميلات, والحوامل, رفع عينيه يريد الحديث, دخلت مدرسة شابة من الغرفة المجاورة قدمت له الحلوى, والابتسامة تعلو محياها, فتحت قنية العصير وهي تسكب له العصير في قدح صغير فيه قليل من الثلج, وعيناها تحدق فيه, وكأنها على علم  بمجيء علي للمدرسة, استغرب من الأمر أول مرة ,همست المرأة الكبيرة إلى الفتاة الشابة  وهي تنظر له من وراء نظارتها:- هذا الرجل أنيق, وغني, ووسيم وشخصيته قوية. وإثناء حديث المديرة معه,بدأت تدخل مجموعة من المدرسات واحدة تسأل عن الجدول وهي تلمحه بقوة,وأخرى تطلب الإذن بالخروج  وهي تنظر له من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه, أخذ يطاطا برأسه إلى الأرض, خجلا من الموقف, يريد الحديث مع المديرة,:- قاطعته قائلة  اتصل بي الدكتور مروان وأخبرني عن سبب زيارتك إلى المدرسة, وطلبت من الجميع إخلاء غرفة المديرة ما عدا الست رواء التي ظهرت عليها علامات الحياء, والخجل, وهي تحاول أن تتحدث معه بصعوبة, وبتردد,وفي الغرفة المقابلة هناك تشجيع لها على الكلام ,والجرأة من خلال الإشارات, والتلميحات التي تطلقها بعض الصديقات المقربات منها, وبعض المدرسات تكتب لها رسائل لمواجهة الموقف, وحل الأزمة, جلست رواء بقربه قدمت له الماء ,شكرها والعرق  يتصبب من جبينه, خلع نظارته ,واخذ يمسح بوجهه ,وهو لا يستطيع الكلام  بقي الحال أكثر من ساعة وكانت لحظات عسيرة عليه, عادت المديرة,وبعض المدرسات, قائلة -: ها أستاذ نقول مبروك هل أعجبتك الست رواء؟ أخذ علي يتمتم بداخله-: إجابتها الست نسرين السكوت علامة الرضا, وأخذن يقبلن الست رواء, – صاح علي بصوت عال, يبدو الموضوع فيه اشتباه أنا جئت إلى المدرسة لأخذ نتيجة ابنتي نرمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى