محكمة

د. أسماء السيد سامح | مصر

فلتبدأ الجلسة على مسامع قاضٍ عادل وشهود لا يقبلون الزور، فلأحكي حكاية «مغفلة» تود لو ينصفها قانون «الحب» ما دام قانون «الغابة» لا يحمي المغفلين!

مغفلة كانت تبحث عن «إبرة» أمان وسط كومة من «قش» غرورك.. كانت ترضى منك بسقف لا يحمي من شمس ولا مطر، فكنت تستكثر عليها الأرض التي تحنو على قدميها الحافيتين!

مغفلة كانت تراك في مراياها التي جعلت من بيْدقك ملكاً، بينما ترى نفسها في مراياك التي كسرتها أنت عمداً كي تبدو دوماً صورتها منقوصة!

مغفلة كانت تمرر لك «صخور» إهاناتك التي تجثم على صدر كبريائها، بينما كنت تستنكف أن تمرر لها بعض «الحصى» من شكوى قلب يرجو الوصال!

اكسر لها ضلعاً ينبت لها أربعة وعشرون.. هكذا كنت تؤمن وليتك فهمت أن ضلوع العاطفة حين تكسر لا تلتئم تماماً .. يبقى هناك دوماً نتوء بارز يخز كل من يقترب!، وأنت لم تكسر ضلعاً فحسب.. أنت صنعت داخل صدري مقبرة فكان حبك أول جثة ترقد فيها!

مغفلة! كنت لا أفرق بين تربيت حانٍ وصفعة قاسٍ.. بين حلال «سُكّر» العشق وحرام «سَكرة» الخنوع.. بين قدم تجاور قدمي في خطوات الطريق، وقدم تدهس عنق كرامتي بدعوى التضحية.. بين أن أكون معطاءة مانحة، وأن أكون ساذجة مغفلة!

وأخيراً.. طالما كنت تخرسني بقولك إنني – ككل النساء- خلقت من ضلع أعوج، فكان العوج كله في متاهات دربك، وها أنا ذي أرى ما بقي من طريقي -دونك- غير ذي عوج!

«محكمة»..!

همهمات الحضور حولي تنعشني بشعور فخر افتقدته.. مطرقة القاضي تهوي فوق الطاولة تناظرني داعمة .. خفقات قلبي تعزف هذا اللحن المستحدث الذي تخلص من نغمتك الشاذة..

وأخيراً يصدر الحكم..

أفقدك، فأستعيد نفسي.. تفقدني، فتفقد كل شيء!

قانون الحب لا يمنحه للقاسية قلوبهم .. قانون الحب أرحم من أن يبقي في مدينته ظالماً.. قانون الحب لا يقبل أن ينخر سوس الإهانة في عصا الكبرياء كي لا يهوي المستند عليها أرضاً .. قانون الحب يحمي المغفلين.. شريطة ألا يقبلوا أن يبقوا العمر كله مغفلين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى