مفهوم الشعرية العربية والاختلاف في المصطلح

عمارة إبراهيم | شاعر وناقد مصري

ومن البديهي أن يختلف النقاد في الاصطلاح حول مفهوم الشعرية العربية بسبب محاولاتهم في وضع قوانين إبداعية ذات محددات إنسانية تكتمل منها دائرة العمل في إنتاج النص الشعري أو الأدبي،يكون الفعل الشعري فيه هو البطل، كما يتحدد منه مقومات الشعرية الحديثة ومرتكزاتها الأساسية التي تبحث عن المتغير إلا أن هذا الاختلاف في مفاهيمها كان التركيز علي أسبابه طريقا نحو العمل والبحث عن قوانين لا تتوقف عند مسار الإبداع الثابت بل يجب أن ترسم معالمه الحداثة ومستجداتها وتطور نظمها عبر التأريخ الإنساني القادم.
” الشعرية ليست تأريخ الشعر ولا تأريخ الشعراء. … الشعرية ليست فن الشعر لأن فن الشعر يقبل القسمة علي أجناس وعلي أغراض. .والشعرية ليست الشعر ولا نظرية الشعر.
إن الشعرية في ذاتها هي ما يجعل الشعر شعرا وما يسبغ علي حيز الشعر صفة الشعر ولعلها جوهره المطلق(3) “مرشد الزبيدي، اتجاهات نقد الشعر العربي في العراق. اتحاد كتاب العرب. دمشق1999 ص 104”.
إذا تقترب المفاهيم هنا من استناج تعريفها علي نحو يجمع بين تواتر وجودها الإنساني في دفقة الأحوال وحركية مجراها واتساع سماواتها ورشاقة لغتها وانسجام إيقاعها حتي تكتمل ضفيرة وجودها داخل النص الشعري.
“ويقصد بالشعرية أيضا كل قانون داخلي للأدب معني باختبارات المبدع الأدبية والسمات الأسلوبية في النص الأدبي بحيث تكون البني الداخلية للنص الأدبي وآلية بنائها وعملها هي واحدة من موضوعات الشعرية كالبني الصوتية وغيرها وتواشجهم فيما بينهم بما يحقق بصمة خاصة للمبدع وقد عرفها كمال أبو ديب بأنها الفجوة أو مسافة التوتر بين اللغة المجودة واللغة المبتكرة أو بين البنية العميقة والسطحية”(4)
واذا بحثنا عن أصل اللغة لمصطلح الشعرية عبر مدارها البشري في بيئاته المختلفة نجد أن مفردة “شعر” كان التأسيس لها من باب علمي متوافق مع فعل اللغة ومتوافق مع سيكلوجية المبدع وأحواله وفق معايير فنية ونقدية غير ثابتة.
“بالعودة إلي أصل اللغة للمصطلح نجده يرجع إلي الجذر الثلاثي “ش،ع،ر” حيث جاء في قاموس “مقاييس اللغة” لابن فارس الشين والعين والراء، أصلان معروفان يدل أحدهما علي ثبات والآخر علي علم وعلم… شعرت بالشيء إذا علمته وفطنت له وفي المقال الكثير من الأمثلة وهو دلالة علي العلم والفطنة والدراية، كما يعد مصطلح الشعرية في النقد العربي من المصطلحات المعقدة عكس ما نجده في النقد الغربي والسبب يعود إلي أصل المصطلح(الشعرية) فهو مترجم من لغته الأصل poetique إلي اللغة العربية (شعرية) وهو مصطلح فرنسي وهو منحدر من الكلمة اللاتينية poetica المشتقة من الكلمة الاغريقية poetikos وأصبحت الشعرية من أشكل المصطلحات وانغلاق مفهومها.
وتتعدد مفاهيم الشعرية ودلالات المصطلح بتعدد الصياغة المتبناة أصلا لهذا المصطلح وتعدد الاختلافات القائمة بين النقاد حول الشعرية.
وكان التأكيد علي أن مفاهيم الشعرية العربية لا يجب أن تقف عند ثابتها لأنها عرفت منذ القدم وعبر النظرية النقدية علي بناء مساراتها عبر النقد الشفاهي وعبر الذاكرة الجماعية ليتم تطويرها بحسب معايير الزمن ووفق تطوره.
“عرفت النظرية النقدية منذ القدم في ارتكازها علي النقد التسجيلي وتدوين ما تحتويه الذاكرة الجماعية من أشعار وكانت تتبع لمعايير الزمن والحياة البدوية وارتكزت النظرية الشعرية علي النقد التقعيدي حيث جمعه الرواة وطوره رواد الأدب في عصر التدوين وما بعده.
وأسس الشعرية العربية مجموعة من الأدباء والشعراء الذين جعلوا الأرضية الأدبية قوية منهم الأصمعي وابن معتز وابن سلام الجمحي والمرزوقي الذي أطلق مصطلح عمود الشعر الذي كان من أساسيات الشعرية العربية ،وللعمود دلالات عديدة عند العرب فهو يرمز إلي الرفعة والشموخ والتواجد علي الدوام”(5).
لنخلص الي أن المصطلح النقدي الثابت لمفهوم مصطلح الشعرية العربية لن تنسجم ضروراته الفنية ما لم يتم السعي إلي تطور له يتوافق وينسجم مع كل زمن وكل بيئة وفق المعايير الفنية للنص الأدبي عبر سيكلوجيته.

الإحالات والمصادر والمراجع
______________________
(1)راجع موقع سطور مقال بقلم لبابة حسن في مايو ٢٠١٩
(2)راجع موقع سطور مقال بقلم رنا أرزيق ٢٦ يوليو ٢٠١٧ موقع
سطور
(3)راجع “الشعرية مفاهيم نظرية ونماذج تطبيقية” د. سهام طالب مجلة أوراق ثقافية _ مجلة الأدب والعلوم الانسانية_ العدد السابع ربيع 2020. ذات المقالة
(4) راجع ” الشعرية مفاهيم نظرية ونماذج تطبيقية” د. سهام طالب، مجلة أوراق ثقافية_مجلة الأدب والعلوم الإنسانية_العدد السابع 2020. ذات المقالة
(5) راجع “الشعرية مفاهيم نظرية ونماذج تطبيقية” د.سهام طالب مجلة أوراق ثقافية _ مجلة الأدب والعلوم الإنسانية _ العدد السابع 2020، ذات المقالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى