قراءة نقدية في قصيدة ” مَدَدٌ .. مَدَدْ ” للدكتورة كاميليا عبد الفتاح

بقلم: ليندا إبراهيم


أولا – القصيدة من ديوان:”كُوني طيورا”، إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، عام 2020م
مَددْ …مَددْ …!
ذُوبي على زندِ الفلكْ …
وتضوّعي في حضنِ نجمٍ غار في هذا الـ…
حَلَكْ
أنتِ ارتفقتِ ذُرى الهباءِ
صهيلَ وهمٍ لا يُضئُ ولا يلِدْ
فامضِي بهمسِك …أو بيأسكِ … يستوي هذا وذاك ..
هذا الرواءُ هو البَددْ ،
فتنهدي كالعاشقينْ …
دسِّي كنوزكِ في تجاعيدِ البلدْ
ثُوري على الحُلمِ الصَّدي ،
هُزِّي إليكِ دفاتري ،
هزي إليك تمردي ،
يسَّاقطُ الجرحُ الـ…مَددْ ،
قصِّي ضفائرَك العَفيةَ …
واسكُني .. وانسي تأرجُحَها
على صدرٍ ..
على ظهرٍ ..
فما قد كان هُدّ ..
وتبلَّدي …
إذْ كلُّ منْ يصبو هَلك …!

ثانيا – تقديم: د. كاميليا عبد الفتاح
في هذه القراءة النقدية التي طرحتها الشاعرة المبدعة، الأستاذة ليندا إبراهيم حول قصيدتي “مَدَدٌ.. مَدَدْ ” استشعار مرهف لمناخات النص، وحسٌّ لغوي دقيق يطالعنا منذ التوقف عند الدلالات المحتملة لعنوان القصيدة ، وينتقل بنا إلى منطقة البحث عن ملامح الصوفية، والكشف عن مواضع التناص، ومكامن المجاز في الصورة الشعرية، والدلالة التي نتجت من تضافر كل ماسبق . قراءة نقدية جمعت بين رهافة الحس، وتفرّد الشاعر حين يقف في منطقة التلقي، والتذوق، والكشف النقدي. شكرا يليق بجهدك، ومحبتك، وتفرد حرفك الشاعر صديقتي الغالية.

ثالثا – القراءة النقدية
بالرغم من كل مفردات اليباب والجو العام من الخواء والهوان والاغتراب والألم للنص وعنوانه “مدد…” الذي ينضوي على أمرين واضحين الأكثر وهما الأول: إما طلب المدد أي المعونة دليل الإدقاع في الحاجة للمدد للبقاء على رمق العيش – الحياة، وإما الثاني وهو “مدد” الصوفيين الذين تترقب أرواحهم المدد وهذا المعنى أقوى ولربما اجتمع المعنيان ليتضافرا في شد أزر العنوان “مدد” لتكون عتبة النص قوية واضحة لندلف منها إلى بهو القصيدة، أقول بالرغم من كل هذا الجو الواشي بالحاجة للخلاص والمدد إلا أنني شعرت بمناخ من الفرح الذي تسرب إلي من خبايا النص فأشاع أملا وجمالا…
فحضن النجم غار في الحلك، وذاتها الضائعة الهائمة ارتفقت ذرى الهباء، “صهيل الوهم” مجاز رفيع، فالصهيل دليل الارتقاء والشموخ والتوق للذرى ولكنه صهيل ُ وهمٌ،والارتقاء هذا إلى ذرى الهباء، أي هنا حلم منكسر، لدرجة استوى الهمس واليأس ، لدرجة أن يكون “البدد” هو الرواء والارتواء، ويبلغ عجز الحلم المنكسر مداه في أن تدس كنوزها في تجاعيد البلد دلالة أن البلد – الوطن ليس في خير، ولتثور نفسها الشاعرة المتمردة وتدعو للثورة على الحلم الذي صدئ أو عطش ف”الصدي” تحتمل المفردتين وفد خففت للضرورة الخليلية، ولتتناص بعدها مع القرآن الكريم من سورة مريم”وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا”، وهذا أيضا طلب للمدد بعد مخاض وولادة عسيرين شاقين، ولكن الشاعرة ستهز هنا أدواتها المعاصرة /المجازية/ المتاحة “الدفاتر” و”التمرد” نفسه، في دعوة أوضح وأقوى للثورة على الواقع المهين، ولكن أن تهز دفاترها زومردها ليساقط من جذع ألمها الجرح الذي هو المدد! هذا غاية منتهى القصيد هذا التعالي والتسامي واشتجار الجرح لينبت شجرة المدد من قلب نسغه، ثم تستصرخ الضمائر الجمعية بنخوة عربية تدعو لقص الضفائر العفية الكريمة التي ماعرفت سوى الكرامة والأصالة،في خاتمة للمقبوس من النص تنزع نحو الحزن المقيم والاستكانة التي لا أرتضيها لشاعر فكيف لشاعرة بمثل هذا العلاء… نص كريم جميل نبيل كأنت الشاعرة الناقدة والناقدة الشاعرة د.كاميليا… وهذا غيض من فيض ما أملى علي نصك هذا فتحيتي لك وألف سلام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى