مقاربة حجاجية مع كتاب: ،، الهروب من الخيال ،، للكاتبة عبير حافظ
طارق عبد الفضيل | شاعر وناقد مصري
تمت مناقشة كتاب عبير حافظ (الهروب من الخيال) في نادي أدب المنصورة الأحد 18 سبتمبر ٢٠٢٢. وجاء تقرير الشاعر محمد عطوه رئيس النادي عن المناقشة كالآتي:
“ليلة مبهجة جديدة من ليالي نادي الأدب بقصر ثقافة المنصورة، امتزج فيها الحب بالأدب والتحليل الاستنباطي بالقراءات الناقدة. احتفاءً بكتاب الهروب من الخيال للكاتبة ا. عبير حافظ، أسعدنا بقراءة تحليلية واعية
ثم تناول د. أحمد حمدينو المقاربة وتحدث فيها عن شكل الخاطرة ومميزاتها وشكل المقال ومميزاته، ثم عرج على متن الكتاب وتناوله بشكل تفصيلي من حيث تعرضه للقيم الوافدة واثارها السلبية والايجابية على المتلقي.
وتناول الكتاب بشكل بانورامي أ. محمد الخميسي حيث استعرض الغلاف والإهداء والمقدمة ثم بعض المقالات واثنى على الكاتبة والكتاب.
كما تناول أ. مصباح المهدي تاريخ كتابة المقال وتحولاته الشكلية والتغيرات التي طرأت على المضمون. كما امتدح لغة الكتاب ومضمونه.
وجاء دور أ. صفوت راتب الذي تحدث عن اللغة وجمالياتها وقدراتها على توصيل مضمون الرسائل في غالب الاحيان كما ألمح الى بعض القصور في الصياغة اللغوية والنحوية. تحدثت بعد ذلك د. سمية عودة وأشارت إلى أن الكاتبة حاولت قدر استطاعتها الانتصار للمرأة وخاصة المرأة العاملة كما أشارت ألى أن الكاتبة تحققت وحققت الهدف من طباعة الكتاب ونشره.
وتحدث أ. أشرف خضير عن أسلوب الكاتبة البسيط الذي عمد الوصول إلى طبقات متعددة من القراء وأشاد بوجود مثل هذه المناقشات التي تفتح الباب للتلاقح الفكري. انتهت القراءات بقراءة واعية أدلى بها في بساطة أ. سمير الأمير حيث أشار إلى أهمية أن يكون للكاتب هدف واضح من خلال أسلوب ليس تقريري ولا مباشر يتمكن من خلاله من توريط القارئ في بؤرة المتن دون تقديم النصيحة المباشرة من خلال فوقية أنا أعرف أكثر.”
والكتاب الصادر عن دار بيلومانيا ٢٠٢٢ يقع في ١٩٨صفحة من القطع المتوسط. يتكون الكتاب من فصول في التنمية البشرية. وأختلف معها ومع من قالوا إنها مقالات أو خواطر. لا يوجد على الغلاف ما يدل على محتواه؛ ولم تحرر الكاتبة مفهوم الخيال المقصود في العنوان، لكننا ندرك مع بداية القراءة أنه الخيال الهروبي كأحلام اليقظة التي يهرب إليها اليائس من واقعه. والكتاب في موضوعه ليس بدعة ابتدعتها عبير حافظ وإنما هو امتداد لكم كبير من المؤلفات قديما وحديثا؛ قديما تحت عنوان تزكية النفس مثل مؤلفات ابن الجوزي وكتاب ابن تيمية (أمراض القلوب وشفاؤها) وحديثا تحت عنوان التنمية البشرية ومنها مؤلفات الدكتور ابراهيم الفقي وكتاب (لا تحزن) للدكتور عائض القرني.
وأفضل مقاربة لنصوص الكتاب هي المقاربة الحجاجية؛ ذلك لأن كل فصل يمثل مشهدا حجاجيا بامتياز. اضطلعت عبير حافظ بدور الواعظ العليم، وحددت المتلقي من اللحظة الأولى وهم المهمشون المنكفئون على ذواتهم في غرف مغلقة. والفصول أقرب إلى خطب تلقيها فيهم من نصوص كتابية. والحجاج يعني محاولة إقناع المتلقي بفكرة ما وتغيير موقفه منها من سلبي إلى إيجابي. وقد استخدمت عبير حافظ كل الوسائل لإقناع جمهورها الذي حددته. وأول ما نلمسه هو أحد أعمدة النظرية الحجاجية وهو أفعال الكلام. نجد مثالا لذلك قول الكاتبة في صفحة 10:” أقولها بكل ثقة” في فصل بعنوان “لا حواجز إلا بداخلك”. ومن أساليب الإقناع التي لجأت إليها استدعاء آيات قرآنية أو أحاديث نبوية لتؤكد للمتلقي أن ما تقوله له أصل في القرآن والسنة. مثال ذلك استدعاء قول الله تعالى من الآية ٤٩ من سورة الكهف (ولا يظلم ربك أحدا) وحديث (الراحمون يرحمهم الرحمن …. الحديث) فقالت في صفحة ١٧: الراحمون يرحمهم الله.
في النهاية أوصي الكاتبة أن توغل في هذا الميدان برفق؛ فالمتلقي أكثر استبدادا من الخطيب/ المؤلف.