أدب

الرحيل

د. زينب أبو سنة | سلطانة الأدب

سَأَرحلُ حَتمًا بغيرِ انتظارٍ
فقد طالَ صَبري وزادَ الجَفاءْ

***

ليندملَ الجُرْحُ في خافِقي
وأَفتَح نافذةً للهَواءْ

***

أَنا المَاءُ طُهرًا تَناثرَ عِطرًا
تَروَّىٰ شِهابًا يَجوبُ السَّماءْ

***

أَنا شَمْسُ آبٍ لأوَّلِ صُبحٍ
وَبَحرٌ سَيَصْخَبُ في كِبرياءْ

***

أَنا الصَّبرُ يَحملُ في راحَتِيه
جِراحَ الحنايا وسُهدَ العَناءْ

***

تَأَمَّل طويلًا وحَدِّقْ تَجِدْني
مَسَارجَ نُورٍ بِحجمِ الفَضاءْ

***

وَلَستُ أُبالي إِذا غِبتَ عَنِّي
فَمِثلُك لا يَستحِقُّ الرِّثاءْ

***

سَتَنعَمُ رُوحيَ بَردًا سَلامًا
إِذا ما أَطَلْتَ عليَّ البُكاءْ

***

علىٰ مَرْفأِ الحُبِّ كمْ ظلَّلتنا
أَمانيُّ شَوقٍ تُثيرُ اللقاءْ

***

وبوحُ القلوبِ وهَمْسُ الشِّفاهِ
ودَفْءُ الوَسائدِ، نَهْلُ الظِّماءْ

***

إِذا ما التقينا يَحُطُّ اليَمامُ
علىٰ راحَتِيْنا يُطيلُ البَقاءْ

***

ويَغزلُ فَجرُ النَّدىٰ مِعْطَفَيْنا
يَضُمُّ الحكايا شَذَىٰ الأوفِياءْ

***

نُقَوِّتُ بالحُبِّ غَدْواتِنا
ونَجْعلُ مِنْ قُبْلَتيْنِ العَشاءْ

***

علىٰ بُعدِ سَعْدَينِ حَيثُ ارْتحلنا
بَنَيْنا قُصورًا، وَكانَ احْتواءْ

***

علىٰ شاطئِ البَحْرِ كَمْ قَدْ نَهَلنا
رِضابَ التلاقي ومَعْنىٰ الوَفاءْ

***

وكَمْ أَرهقتنا عُيونُ النَّشَاوىٰ
فَسَهمُ التَّجافيَ مِنْ أَين جاءْ؟!

***

وكيف تهاوتْ جميعُ المَرَايا؟!
وكيف تَصَدَّعَ هذا البِناءْ ؟!

***

أَهُنتُ عليكَ؟ أنا لمْ أَخنكَ
تَوَسَّمْتُ فيكَ رُؤىٰ الأَولياءْ

***

رُؤىٰ العارفينَ .. رُؤىٰ الكاشفينَ
رؤىٰ الحالمينَ بِخُبزٍ وَماءْ

***

علىٰ مَذْبحِ الحُبِّ كيف انتهينا؟
فَكَفْكِف دُموعَكَ، مَا مِنْ رَجاءْ

***

تخيَّلتُ أَنك صَحْوٌ مُثيرٌ
وَجَدْتُكَ دَومًا تُحيكُ العَناءْ

***

وقد بُحَّ صَوتي وطال احتمالي
ودامَ عنائي وما مِنْ شِفاءْ

***

فَتحتُ ذِراعَيَّ مِلْءَ احتوائي
فما نِلتُ إِلَّا عَذابَ الشَّقاءْ

***

علىٰ عُمقِ جُرحيَ كَمْ مِنْ خَطايا
وزَحْفُ الخِيانةِ عِندَ الوَفاءْ

***

تُلفِّقُ دَوْمًا عَليَّ الحَكايا
تُدَنْدِنُ مِنْ كِذْبَتيكَ الغِناءْ

***

وتحبو بقلبي لِشَطِّ الحَيارىٰ
فكَمْ مِنْ عَذارىٰ كَتَمْنَ الدِّماءْ؟

***

وكَمْ مِنْ أَنينٍ وكَمْ مِنْ نَحيبٍ
وكَمْ مِنْ عَذابٍ وكَم مِنْ نِداءْ؟

***

تُقَبِّلُ بالإِفكِ أَيدي الصَّبايا
فَيَلتَعْنَ طَوْعًا لِكَسْرِ الإِناءْ

***

لزَرعِ الجِراحِ وخَدْشِ الحَياءِ
وَهَتْكِ المَشاعرِ، خَرْقِ الرِّداءْ

***

وَلَهْثِ الرَجَاءَاتِ عِندَ التَّلاقي
لكَمْ أَرْجَعَتْنا ليأسٍ وَراءْ

***

فَقَرَّرتُ أَمضي بَعيدًا بَعيدًا
يُدثِّرُ جُرْحيَ غَيمُ السَّماءْ

***

تَذَكَّرْ بَرَاحاتِ هَمْسِ الرَّبيعِ
وحينَ يُزورُكَ طَيفُ المَسَاءْ

***

وحينَ تُطالعُني في المَرايا
وحينَ تُمَزِّقُكَ الكِبرياءْ

***

وحينَ يَشيخُ عليكَ الزَّمانُ
وحينَ يَحِلُّ عليكَ الخَواءْ

***

سَتَشْهَدُ عِندَئذٍ أَنَّ حُبِّيَ
كانَ يُشَعْشِعُ مِنه النَّقاءْ

***

سَتَبحَثُ عنكَ خِلالَ الزِّحامِ
وبينَ السُّكونِ بغيرِ انتهاءْ

***

وتَبكي كثيرًا سُلافاتِ عِشْقِي
وتَشربُ وَحْدكَ مُرَّ الرُّواءْ

***

وأَسألُ نفسيَ: كيف انخدعتُ؟
فأَضحك مِنْ فَرطِ هذا الغَبَاءْ

***

تَورطُّتُ فيكَ، أَجل وانْتَبَهْتُ
وَطَهَّرْتُ نفسيَ، حُزْتُ البَهَاءْ

***

تسيلُ دموعيَ مِنْ فَرْط ضحْكي
لِماذا قَبلْتُ لِنَفسي البَلاء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى