مقال

لرائدات البيوت، صانعات الحضارة

بقلم: محمد عبد العظيم العجمي 
ربما أخطأتك أضواء المصابيح الزائفة إذ لم تحلقي معها في سماءاتها الغائمة، ولم يختطف بصرك بريق نجماتها الأرضية التي راحت تحلق زاهية في أفاق واهية، إنما اشرأبت نفسك؛ تطاولين نجوم السماء وكوكبات التاريخ الملهمات اللاتي أوقفن مدونات التاريخ لتحدث عن سيرتهن وسيرهن.
لم يغررك بهرج الحياة المفتعل، إذ قبضت بيدك على المعنى الحقيقي للحياة، وإذ أنت تعزفين لها لحنها الأبدي الملائكي، بأنامل من حرير، وحروف من نور، لحنا لا يناشز سيمفونية الكون الناغمة، ولا يغالب فطرة الحياة السوية!!
فأنت الأنثى التي ربطت على قلبها بيد من عقل، وأوقفت حياتها حين ألقت خلفها زينة الحياة المصطنعة.. أوقفتها على هذا العماد المجتمعي، والبناء الأسري الركين، والنواة الحياتية الأولى التي نسجت وسمكت هذا البناء الإنساني القويم.
وإني لأعجب من تداعي مغريات الحداثة عليك، وما بعدها وما قبلها، من بين يديك ومن خلفك، وقد أجلبت عليك بخيلها ورجلها، فلم تحرك من ثوابتك ساكنا، ولم تهز من أجفانك جفنا، ولم يغرك ما ألقت حواليك من أبواب الشهرة الخاطفة، (المساواة، تحقيق الذات، المرأة العاملة، السياسة، النجومية السينما والإعلان، الحرية، …….).
هذا البناء المؤتفك، المؤسس على شفا جرف، يوشك أن ينهار بساكنيه، وهذه الثقافة الوافدة المتصدعة، تغري بأصحابها فلا أرضا يقطعون ولا ظهرا يبقون!!
فماذا قدمت ثقافات الاستغراب لأصحابها وما أغنت عنهم، إذ جرفت بهم سيول الزهو والزيف حتى حطت بهم إلى “سراب بقيعة يحسبه الظمٱن ماء، حتى إذا جاءه لم يجده شيئا “..
وإذ أنت نخلة شامخة سامقة، تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتسطيل بفرعها تناطح الغيوم، وتتعالى مختالة إذ أثمرت غرسها، واستوت على سوقها تعجب الزراع لتغيظ بهم الكفار، تشف صدور المخبتين، وتبطل سحر المرجفين.
نعم لقد أينع غرسك، وٱتت أكله، فتبرعم وتبارك ، ثم ما يلبث أن يكون له ملاك الأمر، وجماع الخير بيدك ولك ،
ايتها الأنثى المضروبة بالفن، الممسوسة بسحر الكتابة، المتبتلة في محراب الشعر، المحلقة في سماء الأدب،. ربة البيت والخدر،.
أنت الأصل وسواك المسوخ، وأنت الحق والفضيلة وسواك الزيف، وأنت الحياة الحقيقية المشيدة على علم وعقل ووحي، وسواك فراشات النار المتهاوية، وأضغاث الأحلام، والدعوات الخداعات، ومسوح الرهبان من خلفها قلوب طاوية ونفوس بالية.
أيتها الكلمة الطيبة الأصل، والأم الوارفة الظل، والجنة المشتبكة الغصن.. اربطي على قلب الفضيلة، واعتصمي بحبل الإصلاح من منهج السماء، ولتكن صلاتك حصنا، ودعاؤك لحنا، وحياتك عطرا .. يغيظ العدو ويشف الصديق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى