السياسي بين الهوية الثقافية و العولمة
د. الغزيوي أبو علي
إذا كانت المادة السياسية ليست لها حدود مرسومة في الواقع فإن أسباب صعوبة وضع تعريف للسياسة والسياسي راجع إلى اختلاف المنطلقات الفكرية والإيديولوجية لكل باحث في هذه الظاهرة، حيث يؤثر المحيط الاجتماعي و الثقافي على الباحث، و هو ما يفسر إلى حد كبير لماذا نجد تحليلات و تفسيرات متباينة حول هذا السياسي؟ سؤال مركزي يقربنا من عامل المصلحة و عامل القوة (عسكرية و اقتصادية) فهذان العاملان يختلفان حسب المدارس المثالية و الواقعية وغيرها من المدارس، فالمعيار الحدودي بين هذه التيارات الفكرية و الإيديولوجية، يجعل المجال الخاص هو المجال المحفوظ للدولة، و أيضا المجال الدولي، مما يجعل السياسة لا تخضع للفرد بل تخضع للدولة لاعتبارات إنسانية، فالدولة هي التي تؤسس هذا السياسي لكي يكون فاعلا و متفعلا حسب مكانته الأسرية، و الفكرية، و العرقية و الحزبية، باعتباره ظاهرة مصنوعة توظف تبعا للعلاقات الإنسانية، لأن الدولة هي التي تصنع القانون، و الإنسان المسيس لكي يتمتع بالحقوق و يتحمل المسؤولية و الالتزامات القادرة على قواعد القانون لتكون اتفاقية إما وطنية او دولية، فالسياسي يخضع للدولة، فهذه الأخيرة كما قلت لها شخصية قانونية وظيفية، أما السياسي له شخصية قانونية استشارية و أمنية دون أن يملك سيادة، لأن السيادة هي السلطة العليا التي لا تعلو عليها أي سلطة في الخارج و لا الداخل، فالسياسي هو الشخص النموذجي والفاعلي الرئيسي، حيث يجعله كحقيقة قانونية، وليس مادية، و ذلك بفعل امتلاكه شخصية مفكرة و قانونية، لذا يتطلب من الدولة أن تتعامل معه، لأنه يمثل قوى قومية، أو وطنية تاريخية، أو تنظيم جهادي، و هذا الاعتراف الضمني هو عمل إرادي للسياسي في القيام بالانتماء أو المعارض، و هو استكمال للعناصر التكوينية المشار إليها سابقا.
فالسياسي لا ينفصل عن الدولة بل يبقى داخلها ليصبح مؤهلا لاكتساب الحقوق و تحمل الواجبات الوطنية والدولية.
كما قلت إنها اعتراف فعلي و فردي و ليس صريح كما تحدده العلاقات الدولية، فإذا نظرنا إلى الخريطة العربية على المستوى السياسي، فإننا واجدون أن هناك دول كاملة السيادة، و دول ناقصة السيادة و دول تابعة و دول محمية، و خاضعة للوصاية، من هنا نستنتج أن هذا التصنيف للسلطة و تكوينها ليس بريئا، بل خاضعا للشروط المعمول بها دوليا، حيث نجد الدولة البسيطة التي تنفرد فيها السلطة كهيئة واحدة بإدارة شؤون الدولة كما في السودان، و ليبيا، و الجزائر، و اليمن و العراق، و سوريا، أما إذا أخذنا الدولة المركبة بمفهوم بورديو فإننا نجد أكثر من دولة واحدة ترتبط فيما بينها برابطة مشتركة و تكون السلطة السياسية موزعة بين الهيأة تمارسها بصورة مشتركة كما في أوروبا، ثم أيضا الاتحاد الفيدرالي كما في العراق وكوردستان أو الكونفدرالي كما نرى عند روسيا، و كوريا و إيران، و سوريا، كلها تقسيمات نسبية و ليست موضوعية، لأننا لا نجد قاعدة عامة و ثابتة، فالسياسة حسب ريمون ارون هي بمثابة دراسة كل ما يتعلق بالعلاقة القائمة بين الحاكم و المحكوم. و يتدرج السلطة داخل الجماعة، فالسؤال عند السياسي هي كيفية الوصول إلى السلطة أو ما شابه ذلك، فإذا نظرنا إلى السياسي العربي و الإفريقي سواء في الأنظمة الملكية أو الجمهورية، فالسياسي لا يأخذ مكانته إلا كقناع و ليس كمعادل موضوعي، لأنه يعرف اللعبة الموظفة من طرف الدولة، فهذه الأخيرة هي المؤهلة لممارسة السياسة الخارجية، بما تملكه من سيادة و إمكانية مادية وعسكرية، لذا يبقى السياسي متفعلا و ليس فاعلا في العملية التنفيذية، و الأجهزة الفرعية مثل الوزارة والمؤسسة العامة، و السلطة التشريعية، كلها غاية و ليست وسيلة، لأن الخطاب السياسي للسلطة خطابا عقلانيا صارما و خاليا من الوعود و محبطا للآمال، فإن مآله السقوط و الانهيار، الأمر الذي يدفع السياسي إلى طرح العديد من الاسئلة الجوانية كحقيقة و كتفاعل آني ممتد، و ليس تقدما تطوريا مطردا، لأن السياسة هي توليف خرائطي متزامن مع الاختيارات الممارستية، و ليس عقلا كليا ينمو، و لهذا كانت البدايات السياسية في المغرب غير موجودة و غير ملزمة، لأن المستعمر الفرنسي هو الذي عمل على صناعة الأحزاب و النخبة، و أسس الدستور كنزعة لا تاريخية التي تهدم قوة الاختيار كهويات و مبادئ عامة، حيث يتحدد السياسي بحسب شروط فلسفة الدولة، بكونها نتاجا لفعل التفرد المولد القبلي لكل شيء لأن الدولة الوطنية القبلية هي التي تنقل لنا الأشياء، و الناس من مجال إلى مجال أي التحقق العيني، و من قوة الاختلاف اللغوي و اللسني و العرقي إلى قوة الإئتلاف الراهن، و لهذا أمكننا القول إن هذا السياسي ليس الا وهما من أوهام السيكولوجية الصامتة، إذ ليست الموجودات إلا حركات تشخص و تفرد لا تنقطع، و بناء على هذا ينبغي رد كل ما هو قائم و كائن إلا الأفق المغلق، لذا يبقى الحاكم بحسب مدى إيمانه بالمبادئ والقيم الديمقراطية، يعطي للقواعد القانونية، و من خلالها المؤسسات الدولة و أجهزتها المعاني و الدلالات التي يرتضيها بشكل مطلق، من هذا المنظور فهو يضع القواعد القانونية و يعدلها و يلغيها بحرية مطلقة، الأمر الذي يجعله يتحكم في القرار السياسي على اختلاف أنواعه و مراتبه، و هذا الطرح يقربنا من المدرسة الألمانية – للسيادة – حيث يرى جورج جيلينيك أن السيادة هي اختصاص الاختصاص على خلاف ما نستنتجه من هذا التصور للسيادة، أن الآليات المحورية لبناء الفكر الديمقراطي لا يتلاءم مع السلطة المطلقة كما يرى جورج فيدل، لأن الإنفراد بالسلطة المطلقة سيخلق معارضة، و احتجاج و تمرد الأمر الذي سيولد لنا صراعات بكماء و صماء حسب هذا المفكر، كما في بعض الأقطار العربية، لأن السياسة ليست نشاط سلطوي محوره الحكم، بل نشاط إنساني محوره الإنسان، لكن النبش في القاموس التاريخي العربي نجد أن الحاكم يتمتع بسلطة مطلقة، تحوله حرية تدبير الشأن العام بحسب أهوائه، بل يتولى مهامه عن طريق المالك للسيادة، رغم أن السياسة بكل ما تتضمنه من سلطة و حكم يجب أن تسخر لحماية حقوق و حريات الإنسان المواطن، لكن السياسة اليوم تخدم المصالح الخاصة (مصالح النخبة الحاكمة) على حساب مصالح الشعب دون تحقيق و ضمان حقوق الأفراد و واجباتهم، و تحديد الظروف التي يتحصل فيها كل الظروف التي يتحصل فيها كل إنسان على نصيب من نفوذ، و قوة و ثروة، و صيانة الحقوق و الحريات، كما رأينا في (الربيع العربي)، لأن السياسة هي تدبير الأمور الاجتماعية العامة ذات الصلة بالحكم والسلطة، فالقاعدة العامة (القانونية – الاجتماعية) هي التي تظهر لنا دور هذا السياسي إما بطريقة قانونية (الدولة)، أو بطريقة (المجتمع)، فهذه الأخيرة (السلطة السياسية) هي بمثابة قوة مخصصة لإدارة جماعة بشرية يتولاها شخص أو أكثر بطريقة مشروعة أو بطريقة غير مشرعنة، لتحقيق غايات معينة، كل هذه التصورات لا ترضي الحاكمين و لا يريدون قبولها على المدى الطويل، فهو لا يؤمن بالمبادئ و القيم الديمقراطية كمدخل من مداخل تجسيد الفكر المنفرد، حيث قد يقوم برسم سياسات عمومية أو قطاعية، ووضع أيضا قواعد قانونية و سيكولوجية و اجتماعية، و اقتصادية، و ثقافية تخدم أجندته التي يمثلها مع أقليته، إن احترام الأقلية، و النخبة أثناء بلورة القرارات و اتخاذها كمعايير مقدسة يعتبرها كثيرا من الباحثين و الفقهاء تناقضا و استلابا لحريات الآخرين، فجوهر السياسي هو الصراع حول طبيعة الحياة الخيرة، باعتبارها علما يهدف إلى تحقيق حقوق الإنسان و واجباتهم الكونية، فهي أيضا ضرورة ممارسة الحكم الذاتي ما دامت الدساتير على حق الشعب في اختيار حكامها، فالسياسة علم ليس كباقي العلوم، لأنها تنطلق من مسلمات (قبلية – عشائرية – دموية) إلا أن هذه المسلمات ليست صحيحة، بل هي نسبية لكونها تقوم على حقائق غير واقعية، نظرا لتعدد الأحزاب، و الاختلاف في نمط الاقتراع، و التمثيلية الحزبوي ةداخل البرلمان. فالكشف عن هذه الظواهر يجعلنا نقترب من أطروحة ماكس فيبر في كتابه (العالم و السياسة)، حيث حدد ثلاث أشكال للسلطة – السلطة التقليدية و السلطة الكاريزمية، و السلطة الديمقراطية (عن طريق الانتخابات)، فهذه الأشكال السلطوية يقربنا إلى نوع الشرعية الذي يتميز بها الحاكم، هل هي شرعية من الله أم من الأمة؟ سؤال جوهري يقربنا كما قلت من القرارات التي يتخذها الحاكم باسم الدولة لأنه يتولاها بتفويض من الشعب و باسمه أيضا لخدمة مصلحته، أما في الإسلام فالسلطة تنبثق من بعدين إما الشورى أو البيعة، كل هذا لا يساير التصورات المعاصرة بالعولمة و حوار الثقافات، لأن السياسي القطري لا يقدر على مسايرة هذه التطورات نظرا لقصور رؤيته حول الكونية، أما السياسي المبدع و النافذ فهو القادر على معرفة أسرار هذه التقنية المصنوعة من أمريكا الغرب، لأنه يعرف الهوية، و الفكر، و الوعي و القوة، والإرادة، و السلطة و الأحزاب و الديمقراطية و الدكتاتورية، و غيرها من المصطلحات حيث يلازم هذا الفهم بالتعاون و المشاركة، و بهذا المعنى يعد التواصل مع المجتمع على تعبير دوكايم، و هو عصب الحياة به نستمر و به نتقدم و لا ننعدم1 إذن فالتأويل لا يولد إلا من خلال هذا الجهد المبذول من طرف السياسي لرفع تفسير النصوص القانونية إلى مرتبة التقنية، بمعنى قواعد تساعدنا على بلوغ صحيح لا مجرد تجميع عمليات لا رابط بينها، لكن مع السياسي النافذ يتحول هذا التأويل السياسي متخذا رؤيا جديدة التي جعلته يعيد النظر في العلوم السياسية و سلطتها على العلوم الإنسانية، و هذه الرؤية النقدية جعلته يتخذ التأويل السياسي كمنهج لتناول القضايا الاجتماعية دون الانخراط في سلك السلطة المرتبطة بالفردانية و الهيمنة، من هنا أخذ السياسي طابعا تبعيا ليجعل الوجود و الفهم هو أساس الفلسفة السياسية و جوهر الوجود، لأن السياسة كما قلنا ليست مجرد مساءلة نقدية لمبادئ السياسي، بل همه الاهتمام بالمصلحة الخاصة، و ليس المصلحة العامة، فالتأويل في نظره يتمركز حول عملية الفهم، بل هو حدث ما وراء إرادتنا، أي عندما نفهم و نسكن العالم كما يرى هيدج، فكينونة السياسة هي الحرية و التي في ضوئها سيتم استحضار عملية تأسيس نظام مستند إلى قوانين معينة، و الذي سوف يتمركز تحث شكل دولة مخففا النزاع أو العنف إلى الحد الأدنى ويقول جيل دولوز إن قضية البشر في ظل أوضاع الاستبداد و القمع تكمن في أن يصبحوا بالفعل ثوارا وذلك لأنهم لا يملكون أن يفعلوا سوى ذلك2 و الواقع أن منطق السياسة هو العمق الغائر الذي لا يضاهيه عمق آخر، و وفقا لهذا العمق نجد العديد من الوجوه و الصور و كافة العوالم الممكنة، لأنها تحوي علاقات لانهائية و ليس متطابقة و لا محايدة، فهي تظل غير ثابتة و لا منتظمة، إذ أنها عرضة للتغيير التبدل المستمرين و ذلك وفق لما يستجد من صور حزبية أو نقابية و لما يجريه الوعي التجريبي من علاقات ويقول برجسون في هذا المقام <<إن الخطوة الأولى للتفكير هي فصل كل تغير إلى عنصرين أحدهما ثابت يمكن تعريفه بالنسبة إلى كل حالة خاصة، و تعني به الصورة و الآخر لا يمكن تعريفه و يظل على حاله أبدا و هو التغيير>>3 فالسياسي العربي يتحدث كثيرا بلغة معيارية هدفه التأثير في الجماهير الشعبية، ولكن هذه اللغة تبقى غير مجدية، فاللغة اللاواعية التي تنزع إلى أن تتحقق من خلال استرجاع الإشارات المرتبطة بتجارب الإشباع الأولي تبعا لقوانين العملية الأولى، فاللغة هي التي يعبر عن رغبته التي ينعتها لا كان بالعصفور السماوي.
فالذكرى مكبوتة، لكن المكبوت يميل بالرجوع إلى حياة الذات بشكل أو بآخر عن طريق اللغة ستمثل الذكرى عرضا من الأعراض المرتبطة بها، و يعرف لا كان العرض ببعده دالا لمدلول، مكبوت و مطرود من وعي الذات كما نرى عند السياسيين و الحزبيين، فالأسس النظرية التي ينطلق منها في نقد السلطة معظمها موجود في الواقع و ليس لها حجيتها و قوتها كأساس نظري، لذا يصف الظاهرة من خارجها دون أن ينفذ إلى معناها و دلالتها، لأن هدفه إحداث ثورة روحية من أجل تحقيق مصلحته الفردية و يبدو السياسي في عالمنا العربي أشبه بامرأة تبحث عن الحرية، يخشى منها على إفساد أخلاق المجتمع بإغوائه وتحريضه، و يبدو أنه ينتمي إلى فضاء الكلام، و الأعمال و الإنتاج السلطوي، فهذا النص الغائب – أو الفراءة الخارجية للمتن السياسي و في إطار مشروع اختراق البنية السياسية و الثقافية، فالنص الغائب حسب نسبين مكثف بنصوص غائبة قدمت من أمكنة ثقافية و حضارية متنوعة (الشعر العربي الحديث) ص247، و هذا الحضور – المفترض – و المضمر يفرض نفسه علنيا في اللقاءات الحزبية، و النقابية، و في الانتخابات التشريعية، و في الورشات التكوينية، كتمهيد لمحاكمة المقصي على أرض الواقع العربي، و من ثم تكييفه ليتلاءم مع ما تتطلبه عمليات التنمية في أوطاننا، ثم الإسهام في تطويره ليخدم مصالح شعوبنا، وهذا ما يتطلب وقفة تأملية تحاكم الماضي و تدرس الحاضر، و كل ذلك لن يحصل من دون الأخذ بمناهج الحداثة، و أيضا الجرأة لنقد العقل السياسي العربي، لإعادة النظر في الكثير من البديهيات التي حكمت توجهات هذا العقل السياسي العربي و هذه الصيحة هي استجابة لمطالب الانفتاح على مستجدات الحداثة، وما بعدها، و العولمة، و ذلك كإسهام في تسيير سبل تنفيذه، و هي تراهن على حفز السياسي بوضعه في سياق التحولات البنيوية و متغيرات الفعل الاجتماعي و الحزبي، و تتميز هذه الدراسة بتلمس زوايا النظر النقدي، الذي يحكم ضوابط النسق السياسي العربي، مع مراعاة التقاطعات الحزبوية و أوجه التكامل بين السلطة (الدولة) و الأحزاب كما في المغرب بغية ضخ دم جديد في عروق جسم المخزن المتعب4 و هذا النسق السياسي هو تجسيد لمقولة السياسة و السلطة و رهين العلاقة بالنقد الاجتماعي الذي لا يمكن اعتباره ببساطة موقفا فكريا، بل أيضا نتاجا للتاريخ، و للواقع الجديد، باعتباره فعالية متكاملة و متداخلة الحدود، حيث تعقد رهانها على مبادئ علم الاجتماع، و علم النفس، و الاقتصاد و القانون الدولي، لأن الإنسان المعاصر في حاجة إلى تلبية حاجياته المتعددة مع الموارد المحدودة، و هذه الحاجة لابد أن تكون متكاملة (الغذاء – الملبس – المأكل) و الحاجة المرافقة (السيارة و البنزين)، و أخيرا الحاجة المتنافسة التي تراها اليوم بين المد الروسي و المد الأمريكي المرتبط بحلف الناتو، فالفريقين يختلفان في تحويل هذه السياسة لتصبح صالحة للإستجابة لرغبته، و هذا يؤدي إلى ميلاد مداخل بواسطة تنسيق ديناميكي و دقيق لمختلف عوامل الإنتاج، (مرحلة الإستخراج– و التحويل و العرض)، و هذه الدورة الإقتصادية كما يرى أدام سميث أن عملية الإنتاج هي الحقيقة التي تتطلب وقتا معينا للحصول على المواد و السلع، و لكن هذه العملية المركنتينيةالمؤمركة تحاول أن تعتمد التجارة كوسيلة لحماية دولتها و ليس الدول الحليفة، فهي تعتمد الفكر و السلطة من أجل تمكين الأوروبيين من الاستسلام و الانصياع، سواء على المستوى الاقتصادي أو الفكري، و السياسي و الاجتماعي، لذا فتشكيل المركزية الأمريكية كسلطة واحدة و موحدة على حساب الدول الأخرى، و يرى آدم سميث و دافيد ريكاردو أن الرأسمالية التجارية قادرة على تحويل العالم المؤمرك إلى الرأسمالية الصناعية، (الثروة – الأثراء –العلم – الإنتاج – التوزيع)، لكن السياسي في هذا العالم يبقى مرتبطا بالتنظيم، و التخطيط، و التوجيه و القيادة و أخيرا المراقبة، و هذا التخطيط الاستراتيجي يجعل التفاصيل الدقيقة للسياسة الحالية خارج المسار المألوف من خلال النظرة الواقعية للعالم الذي توجه إليه سياستها الخارجية، و تعتمد هذه السياسة من دولة إلى أخرى، و ذلك راجع إلى عدة عوامل مرتبطة بالظروف السياسية كما قلت غير قادر على معرفة الخلفية التي تحكم هذا الجهاز المضمر، و هذا الأخير هو المؤهل لممارسة السياسة الداخلية و الخارجية و بما تمليه من سيادة و إمكانية مادية و عسكرية، المؤسسات الحكومية، و المؤسسات الغير الحكومية (الأحزاب – الإعلام – الرأي العام) و هو المحدد للمعايير لهذه العلاقة سواء عامل المصلحة، و عامل القوة، و أخيرا عامل التوازن، و هو حاضر في كل بلد، يخلق أدوار ديمقراطية، و ديكتاتورية و يصنع الاحتجاجات، و التمردات مثل الدراما الحقيقية بالذخيرة الحية، لأن السياسي يلعب السياسة و لا يعرفها، من هنا أن العملية الديمقراطية عندها تجليات مضمرة وفق ظرفية معينة و سنوات معينة أيضا، و أن المصلحة تبقى أزلية، و أبدية، و لا عمر لها و أزلية هي آلية، و ليس لها حبيب، فهي تنفذ المصلحة دون استثناء كما وفق في سنة 2001، و 2008 و 2023، كل هذا انعكس على الدول و عن محتوى المادة الناتجة عن تعدد و تنوع و تشابك العلاقات الدولية، و صعوبة رسم خطوطا فاصلة و غائبة بين ما هو شأن داخلي و ما هو شأن دولي، فالدولة العميقة هي سياسة واحدة و انفرادية ومطلقة، لا يجوز مزاحمتها من طرف الدول و الأفراد في ممارستها السياسية و لا تقبل التجزيئ و لا تقبل التقادم المكتسب، و لا التقادم المسقط (أن لا تسقط بمرور مدة طويلة عليها)، لأنها تقوم على تحقيق غايات الجماعة، و غايات الحكام، لأن الوضع الأمثل للسلطة هو الوضع الذي لا نستطيع فيه تحقيق التوازن بين الغايتين كما وقع في عهد ترامب، و إمام الخميني – و علي عبد الله صالح، و القذافي، و صدام حسين، إذن كيف استطاعت العولمة أن تعولم العالم؟ و هل نعيش العالم الجديد؟ و ما علاقة العولمة بالهوية الثقافية؟ لذا يمكن الحديث عن مجموعة من العناصر أو المكونات للثقافة السياسية سواء تلك التي تتبناها الدولة (ثقافة الحكام) أو الثقافة الرسمية و تلك السائدة لدى أفراد مجتمع (المحكوميين) و التي تسمى الثقافة غير الرسمية و من هذه المكونات:
أ- المرجعية.
ب- التوجه نحو العمل العام.
ج- التوجه نحو النظام السياسي.
د- الإحساس بالهوية.
ر- المجتمع المدني.
يحتاج أي نظام سياسي إلى وجود ثقافة سياسية تغذيه و تحافظ عليه فالحكم الفردي توائمه ثقافة سياسية تتمحور عناصرها في الخوف من السلطة و الاذعان لها و ضعف الميل إلى المشاركة و فتور الإيمان بكرامية و ذاتية الإنسان و عدم إتاحة الفرص لظهور المعارضة أما الحكم الديمقراطي فيتطلب ثقافة تؤمن لحقوق الإنسان و كرامته في مواجهة أي اعتداء على هذه الحريات حتى لو كان من قبل السلطة نفسها كما يشترط الاستمرار للنظام و الحفاظ على بقائه و توفر شعور متبادل بالثقة بالآخرين في ظل مناخ اجتماعي وثقافي.
يعد الإنسان لتقبل فكرة وجود الرأي و الرأي الآخر و يسمح بوجود قدر من المعارضة في إطار قواعد وأطر سياسية موضوعة بدقة لكي تنظم العلاقة بين أفراد المجتمع السياسي و المجتمع المدني، إذن ما علاقة العولمة بالمجتمع السياسي؟ و ما علاقته بالهوية الثقافية؟ وهل المجتمع السياسي قادر على خلق مجتمع معرفي؟
I. تحديد المفاهيم:
العولمة: هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي Globalisation و بعضهم يترجمها بالكونية والبعض بالكوكبية و البعض الآخر بالشوملة، و في الآونة الأخيرة اشتهر بعض الباحثين مصطلح العولمة وأصبح أكثر شيوعا بين أهل السياسة و الاقتصاد و الإعلام و تحليل الكلمة بالمعنى اللغوي بمعنى تعميم الشيء و إكسابه الصيغة العالمية و توسيع دائرة لشمل العالم كله.
الهوية: هي يميز الشخص عن الآخرين إنها العلامات التي تميز المرء أو الجماعة أو الأمة عن الآخرين.
الثقافة: هي منظومة مركبة و متجانسة من القيم و التقاليد و العادات و الأحلام و الآمال والإبداعات و هي المعبرة عن خصوصية مجموعة بشرية معينة في الزمان و المكان وليست هناك ثقافة واحدة و إنما تسود أنواع و أشكال ثقافية منها ما يميل إلى الانغلاق و الانعزال و منها ما يسعى إلى الانفتاح و الانتشار.
II. خصائص كل من العولمة و الهوية الثقافية:
تسعى العولمة إلى خلق نظام عالمي نموذجي و موحد لا يقبل التمايزات و لا الخصوصيات مذهب واحد و نهائي على الصعيد العالمي بينما تميز الهوية الثقافية بخصائص التفرد والتعدد و الاختلاف، فهناك ثلاث نماذج من الهويات الثقافية:الهوية الفردية داخل القبيلة أو الطائفة تدافع عن الاستقلال و التميز الفردي، ثم هناك الهوية الاجتماعية تدافع على الخصوصيات المكونة للجماعة إن اختلفت عن باقي الجماعات الأخرى هناك الهوية الثقافية القومية أو الوطنية تفتخر بعناصرها الحضارية و الثقافية المميزة لها عن باقي الأمم والقوميات.
III. العلاقة بين العولمة و الهوية الثقافية:
تسعى العولمة نحو الوحدة و النمطية، بينما تدافع الهوية عن التنوع و التعدد و تهدف العولمة إلى القضاء على الحدود و الخصوصيات المختلفة بينما تسعى الهوية إلى الاعتراف بعالم الاختلافات و ترفض الذوبان إنها علاقة صراعية تصادمية بين العولمة و الهوية الثقافية.
IV. وسائل و أدوات انتشار العولمة في المجال الثقافي:
وسائل الإنصات و الإعلام: و تتجلى في القنوات التلفزيونية و الفضائية و شبكة الأنترنيت والجرائد و الصحف و الأقراص المدمجة و الهاتف و الوسائل الفنية: الموسيقى و المسرح والسينما و الرسوم المتحركة و الأدوات اللغوية: تتمثل في استعمال اللغة الإنجليزية و الفرنسية في التواصل و الإعلام و التربية و التعليم و العمل و الأماكن العمومية و الخاصة، فاللغة حاملة للثقافة.
V. جوانب تأثير العولمة على ثقافات المجتمعات الأخرى:
التأثير اللغوي: استعمال اللغة الفرنسية و الإنجليزية في الإدارة و الاقتصاد و الاتصال وفي المقررات الدراسية في التواصل اليومي بين الفئات الاجتماعية في البيت – الشارع.
التأثير الخلفي: يتجلى في انتشار سلوكات العنف و الجنس في وسائل الإعلام و السينما والأنترنيت بشكل إباحي يتناقض مع الحشمة و العفة التي لا تزال تنشئ بها المجتمعات المحافظة.
التأثير القيمي: تتزايد محاولات نشر قيم واحدة على الصعيد العالمي في الموسيقى و المأكل والملبس و العلاقات الأسرية المتجهة نحو الطغيان الفردانية و طغيان ثقافة الاستهلاك الرأسمالي الذي يتواصل في تحديده و تنوعه و إغراءاته.
VI. أشكال العولمة:
العولمة الاقتصادية: سيادة النظام الرأسمالي المبني على اقتصاد الشوق و المنافسة و الحرية – انفتاح الأسواق و إزالة الحدود و الحواجز الجمركية و تسهيل انتقال السلع و الخدمات و رؤوس الأموال و اليد العاملة بين مختلف الدول.
– هيمنة التكتلات الاقتصادية العالمية و الشركات متعددة الجنسيات و المؤسسات الاقتصادية الدولية كالبنك الدولي و منظمة التجارة العالمية على اقتصاد العالم.
– العولمة الثقافية: سيادة ثقافة العالم المتقدم في جميع نواحي الحياة (القيم و العادات) إشاعة الثقافة الرأسمالية الاستهلاكية الفردية المبنية على الفلسفة البرغماتية (الواقعية) المادية بواسطة وسائل الإعلام و الاتصال الحديثة.
– ذوبان و تلاشي الخصوصيات الحضارية و المحلية و الوطنية بسبب الترويج بالثقافة الكونية و المجتمع العالمي الواحد.
– العولمة التقنية الاتصالية: تقليص المسافات نتيجة لتطور وسائل النقل و المواصلات.
– تطور وسائل الإعلام و الاتصال و تأثيرها على اختلاط و تفاعل الحضارات و الثقافات.
فالغاية من كل هذا نرى أن السياسي العربي غير قادر على بناء رؤية فعلية في المجتمع، الشيء الذي يجعله خارج المسار التاريخي، و مسار البناء السلطوي، لأن هدفه ينحصر في التهليل و الويل و العويل، بخطاب يثلج الصدر، و يطرب الأذن، و هذه الطقوس الرواقية الأخلاقية هي التي تجعل الشعوب يلوكون هذا الخطاب و يستشرقون نحو أفاق مجهول، لأن لعبة الشطرنج التي ينتمي إليها ليس من يضع يده فهو معطى رقمي يتدبر و يتحول تبعا لسنة التطور و قانون ممارسة اللعبة، لذا نرى أن الربيع العربي لم يولد من فراغ بل جاء نتيجة اللعبة المضمرة ضد الأسياد و الحكام، و ضد الذين باعوا المبادئ، و خانوا ذواتهم وذوات الآخرين.
الصراع بين هويتنا و العولمة:
رغم عدم قبولي لفكرة العولمة في عصرنا هذا و لكنها أصبحت واقع أمامنا جميعا يجب الأخذ به حتى أنها تواجدت في حياتنا دون أن ندري و نعمل بها دون شعور و نطبقها في كل نظام.
فما بالكم عندما تتواجد عولمة ثقافية تفرض علينا أن نفتح نافذة على العالم المحيط بنا لنتعرف على ثقافة الآخرين.
و نحن كعرب لنا هوايتنا الثقافية و لنا تاريخ و هوية عربية قامت على أسس تربوية تخصنا كعرب يجب الاحتفاظ بها مهما كانت هناك ثقافات أخرى.
و إذا كانت العولمة تتيح لنا التواكب مع العالم فلابد من التعامل معها و نأخذ منها كل ما هو يبرز قوة هويتنا العربية الثقافية و القيم على الفكر الذي يرقي مشاعرنا و يسمو بعقولنا.
فهويتنا العربية تستطيع التعامل مع العولمة الثقافية، و هناك من يحارب التفاعل مع العولمة الثقافية، وهناك من يؤيد التفاعل معها و لا يجب أن ننفصل عنها و أننا نملك تربية و أسس عربية تجعلنا الأقوى أمام هذه العولمة الكاسحة للثقافة العربية.
من خلال قراءة الهوية العربية نجد أنها قامت على الانفتاح مع الآخرين و الاستفادة من جميع الثقافات الأخرى.
إن العولمة لن تستطيع أن تفقد هويتنا الثقافية، فهل يجب أن تضل رؤوسنا في الرمال أم نتقدم عن طريق الجسر الحتمي و هو العولمة.
مفهوم العولمة و الهوية الثقافية:
لفظة العولمة هي ترجمة للمصطلح الإنجليزي GLOBALIZATION و بعضهم يترجمها بالكونية وبعضهم يترجمه بالكوكية إلا أنه في الآونة الأخيرة اشتهر بين الباحثين مصطلح العولمة و أصبح هو أكثر الترجمات و أصبح هو أكثر الترجمات شيوعا بين أهل السياسة و الاقتصاد و الإعلام و تحليل الكلمة بالمعنى اللغوي يعني تعميم الشيء و إكسابه الصيغة العالمية و توسيع دائرته ليشمل العالم كله. يقول عبد الصابور شاهين عضو مجمع اللغة العربية كأما العولمة مصدرا فقد جاءت توليدا من كلمة عالم و نفترض لها فعلا هو عولم يعولم عولمة بطريقة التوليد القياسية و أما صيغة الفعللة التي تأتي منها العولمة فإنها تستعمل التعبير عن مفهوم الأحداث و للإضافة و هي مماثلة في هذه الوظيفة لصيغة التفعيل، لذا عملت الدول على صناعة النخبة لأنهم أهل الصفوة، يستطيعون التأثير في صناعة القرارات لذا طرح باريتو هذا المصطلح ليكون مناهضا لكل من يضع المفاهيم كالديمقراطية و حقوق الإنسان و الاشتراكية، فهذه المفاهيم لا تضع من فراغ، بل هي وليدة أرضية اجتماعية التي لا تعرف التكافؤ و لا القدرات العقلية، لأنهم هذه النخبة المعولمةهي التي تقرر و تفرز و تحكم، لذا فنجاحها لن يتم إلا بفهم هذه العقليات البشرية، فالتحول في الأنسجة المفاهيمية دليل على صناعة الأجساد لتكون مجتمعا لا طبقي، فمحاولة المجتمع المدني سوف يأخذ بعين الاعتبار علاقة الجهاز الحاكم بالطبقات الاجتماعية و التغييرات التي أخذها في أنظمة البلدان الرأسمالية الطبقية، لذا فالمجتمع المدني هو ذلك الشكل الانضباطي و النموذجي لأنه مرتبط بالمركز، حيث يتيح له هذا الأخير مسافة صغيرة كوظيفة تقويمية، لأنهم مجبرون بالمراقبة و الإشراف المهني و الوظيفي لتكون الدولة مطمئنة إليهم و قادرة على الانضباطية التي تمارس على هذه الأجسام <<نفس>> تجب معرفتها و إخضاع تجب المحافظة عليه كما يقول فوكو في كتابه “المراقبة و العقاب”ص290، إذن يتضح من خلال هذا المسار الكتابي أننا أمام مقاربة اجتماعية لظاهرة مدنية في جلباب سلطوي، حيث يعود هذا كله إلى الفكر، و المعرفة و إلى نظرية العمل الاجتماعي الممكن، طالما أن هذا المجتمع المدني يعتمد في مسيرته على إرادة الأفراد الناجمة عن تفاعلهم مع السلطة، و ليس مع ظروف مجتمعهم، إذن فإن من المستحيل الحديث عن المجتمع المدني في غياب الاهتمام بالموارد البشرية بكل ديناميتها المتغيرة، إذن سيبقى الإطار – المجتمع المدني – كنظام مؤدلج سماته الخاصة و العامة به و صورته المميزة هي صناعة الأجساد كأشكال متعددة خاضعة للسلطة، حيث تبقى هذه المجتمعات العربية غير قادرة على منح استقلالية لهذه الجمعيات لكي تنتشر في كل خلية و تتعدد و تتوالد في القرى و المدن، و تأخذ كل فئة مسؤولية وقرارات حسب ما يناسب بعدها الزمكاني، و لكن تبقى الطبقة التي تحرك المجتمع هي طبقة قليلة تنحصر في موزعي الثروة و العلم و الخبرة (مظاهر خصوصية النخبة السياسية) ص5، فالمجتمع المدني هو الواسط بين الدولة و الأسرة لتحقيق الغاية المثلى و العليا، فهذه الوساطة يمكن اعتباره دولة صغيرة في دولة كبيرة، لذا تخاف الدولة اللاديمقراطية من الوصول إلى الدولة الديمقراطية و الشرعية و المقاضاة العلنية، فالدولة تضع متاريس أمام هذه المؤسسات المدنية لكي لا تكون شبكات إقليمية أو قطاعية حرة، بل لابد لها من الإملاءات و المراقبة القبلية من أجل تحريك هذه الأجساد المطيعة و الخاضعة للوهم باسم الديمقراطية، و هذا الترسيخ المكتسب، يجعل المجتمع المدني غير قادر على زرع الاختلاف في الائتلاف، و الوحدة في التعدد، و إيداع أشكال دفاعية تكون معرفية و ثقافية و احتجاجية لأم مصلحة تشتغل وفق معايير مضبوطة على قاعدة ديمقراطية كما في بعض الدول الأوروبية كألمانيا، و بلجيكا، فالمجتمع الغربي ليس كله هو مجتمع ديمقراطي، حيث تحكمه القيم الإنسانوية، و يسوده الرخاء، و يكون الإنسان هو مقياس كل شيء، إن المجتمع المدني يعمل وفق معايير ديمقراطية مبنية على التعدد و التنوع المنهجي و الوظيفي بما يحفظ وحدة المجتمع من التطرف و الانحراف، و يصون كرامة الإنسان كما قلت سابقا أما في المجتمعات العربية فالمجتمع المدني غير قادر على تأكيد ذاتيته بحكم السياسة المتبعة، و في إطار الخصوصية الجماعية في مصلحة الخصوصية <<الأنا>>.
المراجع:
1) – “التواصل الاجتماعي” دار كنوز – ط1 – 2016 – ص26.
2) –مجلة فلسفات معاصرة – ط1 – 2010 – ص130.
3) –برجسون “التطور الخالق” ص288.
4) –أحمد كوال “التحضر، التحديث، الحداثة” ط1 – 2012 – ص218.