أدب

المشهد الفلسطيني وجذور النكبة الفلسطينية

محمد زهدي شاهين | فلسطين

مع اقتراب ذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية الأولى لا بد لنا من اطلالة سريعة على بداياتها الأولى التي تعتبر بمثابة الجذر الاساسي فيها، فمنذ تأسيس الحكومة البريطانية أول قنصلية غربية في مدينة القدس عام ١٨٣٨م كانت ترعى بريطانيا المصالح اليهودية في فلسطين، بحيث كان من أهم أهدافها حماية اليهود، وفي تلك الفترة تقاطعت مصالح الدول الأوروبية في مساعدة الهجرة اليهودية الى فلسطين من اجل توطينهم فيها، بحيث كان الأوروبيون صهيونيين اكثر من الصهاينة، فكانوا عاملاً مساعداً في تبلور الحركة الصهيونية التي عقدت مؤتمرها الأول في سويسرا في مدينة بازل عام ١٨٩٧م، أي بعد جهود أوروبية حثيثة لا تقل عن ٥٩ عاما تقريبا منذ انشاء واقامة أول قنصلية غربية في مدينة القدس، وهذا يقودنا الى أن الاسباب والدوافع وراء ذلك كانت متعددة، في مقدمتها المنطلق الديني للصهيونية المسيحية في اقامة وطن قومي لليهود، وما يدعم هذا الرأي هو اعطاء اللورد آرثر بلفور وعدا لهم بذلك مع أنه كان يعرف عنه معاداته لليهود، وهذا يقودنا الى سبب اخر في رغبة تلك الدول في التخلص من اليهود ، وتصدير أزمتهم الى خارج أوروبا لكونهم كانوا يعتقدون بأن اليهود يشكلون مشكلة مستعصية يجب التخلص منها، وآخر هذه الأهداف إيجاد وخلق قاعدة متقدمة في الشرق لتلك الدول الاستعمارية، فمن هنا نستنج بأنه قد تقاطعت مصالح الصهيونية المسيحية وأفكارها مع الاستراتيجية البريطانية، ومصالح الدول الاوروبية بشكل عام في تلك الفترة.
مع اقتراب ذكرى النكبة المؤلمة نستشعر بأن نكبتنا لا تعتبر نكبة حدثت في تاريخ معين وانتهت هناك في تلك اللحظة من التاريخ، بل هي نكبة مستمرة لغاية يومنا هذا.
إن قضية اللاجئين الفلسطينيين لوحدها تتقض وتدحض أي امكانية لتحقيق حل دائم في منطقة الشرق الأوسط للقضية الفلسطينية في كون الحل العادل هو عودتهم الى مدنهم وقراهم التي طردوا منها، وتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم، وهذا ما لن تقبل به دولة الاحتلال، وهذا يقودنا الى وضع عدة حلول مقترحة لحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وآليات تنفيذ لها، كتلك الحلول المقترحة من نخب فلسطينية في اللقاء الذي عقد في مدينة رام الله عام ٢٠٠٠ في المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية. هذه القضية لوحدها ستدخلنا في عشرات الاعوام من المفاوضات. لهذا لا بد لنا من اختيار الحل الأنسب لنا كفلسطينيين حتى وإن كان الأشد قسوة.
الاتفاق السعودي الإيراني في عيون فلسطينية:
لا شك بأن أي اتفاق يفضي للمصالحة في منطقتنا العربية والإسلامية مرحباً به بصدر رحب، فهذا هو مطلب الأحرار في كون منطقتنا بحاجة للأمن والأمان والاستقرار، وهذا الاتفاق ايضاً يمثل نصف معادلة استقرار الشرق الأوسط، التي يمثل نصفها الأخر حل عادل وجذري للقضية الفلسطينية.
هذا الاتفاق يمثل إذن انفراجه وفُسحة أمل لنا نحن الفلسطينيين على اكثر من صعيد، لهذا لا بد لنا من انتهاز هذه الفرصة والتوجه الى طهران كونها فرضت نفسها لاعباً اساسياً في الساحة الاقليمية والدولية، وهذا بحد ذاته يمثل صفعة قوية لكيان الفصل العنصري في كون الضفة الغربية إحدى الأوراق الرابحة في المنظومة. في هذا السياق لا بد لنا من أن نعرج على الدور الصيني في اتمام هذا الاتفاق، فإننا نعزو نجاح وإبرام هذا الاتفاق لعدة أسباب من بينها القيم الشرقية التي يتحلى بها الصينيون المبنية على الإيمان بمبدأ الشراكة والتعاون، فالقيم الشرقية بشكل عام قيم فاضلة على عكس القيم الغربية التي تحكمها الرأسمالية، استقرار الشرق يعتبر مصلحة صينية، فقدان ثقة المملكة السعودية بالجانب الأمريكي، ابرام الاتفاق يمثل مصلحة سعودية وإيرانية على حد سواء.
قضية المسجد الأقصى:
على الرغم من أن المملكة الأردنية الهاشمية دولة تكبلها الديون الداخلية والخارجية والكثير من الأزمات التي تعصف بها وبالإقليم إلا أن مواقفها تجاه القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى مواقف مشرفة، فقد أثبت وزير الخارجية الأردني بأنه رجل دولة قوي، فكان لمواقفه بالغ الأثر في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين، رئيس الوزراء الأردني قال في احدى تصريحاته مشيراً الى أن اسرائيل “تدفع بنا إلى هاوية العنف، وتقويض معاهدة السلام مع الأردن”.
موقف المملكة الأردنية المتشدد جاء انطلاقاً من عدة اسباب من ابرزها بأن اقتحامات المسجد الاقصى من اجل تقسيمه يعد بمثابة تحد سافر للعالم الإسلامي وللوصاية الهاشمية على وجه التحديد، والسبب الأخر خرق وزير مالية دولة الاحتلال لمعاهدة السلام والأعراف الدولية اثناء مشاركته لفعالية عقدت في باريس وقف خلالها خلف منصة تحمل شعار منظمة يهودية متطرفة.
من هنا نستنج بأن القضية الفلسطينية تبقى القضية المركزية الأولى التي يشكل حلها بشكل جذري أساس لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى